
فيها انتصب قصر المنظر وقصور عديدة على قمم جبالها لتشرف على القادم من أقاصي البحار، تفتح ذراعيها للصديق وتدافع عن حياتها من الأعداء المتربصين بها.
اليوم تلك الجزيرة، حاملة التاريخ العتيد المكتوب بخطوط الأزمنة على جبالها الرواسي، تعاني من الإهمال. ومع ذلك، فإن المشاريع التي نفذتها السلطة المحلية (سابقا) في جزيرة صيرة أثبتت فشلها في الحفاظ على جمالها الطبيعي، بل حجبت البحر عن زائريها وشوهت المنظر العام الذي لطالما كان مصدر جذب وسحر للزوار. هذه المشاريع، بدلاً من أن تقوم على تعزيز جاذبية صيرة، أضافت عبئًا بصريا وبيئيا على الجزيرة، مما يؤكد الحاجة إلى رؤية مستقبلية أكثر صوابا في إدارة التراث والسياحة.
إلى جانب ذلك، تواجه صيرة تحديات بيئية وبنية تحتية مهملة. شواطئها تعاني من تلوث النفايات البلاستيكية، ومياه المجاري تتدفق يوميا دون معالجة عبر المضخة الرئيسية لمديرية صيرة، مما يشكل خطرا على صحة السكان والزوار على حد سواء. كما أن شوارع الجزيرة غير مسفلتة من أثر جريان مياه المجاري عليها، وهو ما يزيد صعوبة التنقل ويعيق الحركة الاقتصادية والسياحية فيها.
يكتسب الجسر الرابط بين جزيرة صيرة واليابسة أهمية قصوى، فهو لا يسهل فقط حركة السكان والمركبات، بل يُعد الممر الرئيس لقوارب الصيد. ومع تراكم الرواسب وتغير عمق التربة تحت الجسر، أصبح مرور القوارب مستحيلا، ما يستدعي تعميق التربة البحرية وصيانة الجسر بشكل دوري لضمان استمرار النشاط البحري، وحماية سلامة القوارب والزوار معاً.
كورنيشها - الذي شُيِّد قبل أكثر من عقدين، بما يقارب 240 مليون ريال (مليون دولار أميركي) حينها - تهالك وأضحى مكانا لنوم المشردين وقضاء حاجتهم، واختفت الإنارة منه، وسقطت الأحجار بسبب الإهمال وعدم الصيانة، حتى أصبح مهجورا تقريبا لا ترتاده العائلات.
رغم كل هذه التحديات، تبقى جزيرة صيرة جوهرة بحرية تستحق كل جهد للحفاظ عليها. الاستثمار في تنظيف الشواطئ، معالجة مشكلة مياه المجاري، سفلتة الشوارع وإنارتها، وصيانة الكورنيش والجسر، ذلك سيعيد للجزيرة رونقها الطبيعي ويجعلها وجهة سياحية تاريخية ساحرة.
صيرة.. سيظل وإلى الأبد حب بحرك غزيرا، لكن هذا الحب يحتاج إلى سلطة محلية تُقدر تاريخ وحاضر الجزيرة، إضافة إلى إدارة واعية ورعاية حقيقية، تحافظ على تراثها البحري والتاريخي، لضمان استمرار سحرها وجاذبيتها. وإذا صحت الرؤية، ستتحول إلى مورد مالي مهم سيعود بالنفع لصالح السلطة المحلية.