في خضم نقاش بيني وبين عدد من الزملاء حول مجموعة أسئلة ذات طابع إشكالي، لفت انتباهي سؤال زميل لي: هل الذكاء وراثة؟ كتبت هذه المقالة المختصرة رداً على سؤاله. أعتقد أن الذكاء وراثي لدى البعض لكن يحصل هذا بنسب متفاوتة. وقبل الحديث عن هذا الموضوع، أود الإشارة إلى أن هذا رأي - حسب تصور شخصي قد يكون قاصرا بقدر ما هو تعبير عن وجهة نظر - حول مفهوم الذكاء الوراثي: انتقال جيني ناقلا سمة الذكاء أو حتى سمات أخرى كالشجاعة والكرم والجبن والخوف، الأمر مشابه بالانتقال الوراثي للأمراض المثبت علميا.
قد يلاحظ أن طابع الذكاء لشخص ما يشابه الجد لأم، أو العم من جهة الأب، أو الخال... وهكذا، هذه حالات كثيرا ما لامسناها ونكاد نثبتها يقينا، من خلال المقارنة والتجربة مع أشخاص من حولنا.
لكن في سياق الحديث عن الذكاء الوراثي، لا ينبغي الأخذ بالاعتبار على أية حال: أن ثمة أسراً معينة تتمتع بطابع ذكاء دون غيرها، هذا غير صحيح. هناك مقولة في الابستمولوجيا (نظرية المعرفة) تقول: «ليس هناك ذكاء مطلق وليس هناك جهل مطلق». إذ أن الجميع يتمتع بذكاء بنسب متفاوتة.
وإذا افترضنا أن شخصا ما لا يجيد القراءة والكتابة في بيئة قروية، هذا لا يعني بالضرورة أنه ليس ذكيا. فلو دققت في نمط تفكيره ستجده يتعامل مع المواقف اليومية في نطاق بيئته بسلوكيات تشير إلى أنه يتمتع بالفائقية، مرتبة عليا من الذكاء، مما يعني أن الذكاء مصادره متعددة بنسب متفاوتة: وراثي، ممارسة، (سلوك متوارث أسري - البيئة الأسرية)، مجتمع، تعليم... إلخ.
إن السلوكيات المتوارثة بعمومها تلعب دورا كبيرا في مستوى التفكير والذكاء. حتى في مسألة الفقر، يمكن أن يكون وراثة حينما يكون الكسل وضعف الهمة سلوكا معتادا.
