
الثورة التي حررتنا من الكهنوت، واستلهمت قيمها من حركات التحرر العربية والقومية، في مواجهة ثالوث التخلف ( الجهل والفقر والمرض)، الثورة التي جمعتنا كأمة بنضال عربي قومي واسلامي يدرك حجم المؤامرات، ويتصدى لها بشراسة، الثورة التي تشكلت نواتها في اتون الصراع العربي الصهيوني، وفي شراسة المؤامرات الاستعمارية واستخبارات الدول الامبريالية، وقلق ادواتها من الرجعية العربية .
ستون عاما والثورة تشق طريقها في صخور عتيدة من مخلفات بالية وعقليات تؤمن بالخرافات، ثورة تحفر مجراها بإصرار غير عابئة بذلك الموروث العقيم، واجهت سبعين يوما من التهديد والتحريض من طوق رجعي يحيط بها من الداخل والخارج.
هذا الطوق حاول ان يخنق الثورة من الداخل، و وجد ضالته في العقلية الرجعية، والارث القبلي المتخلف، و اوعز له ان التحرر بدعة، وان الحق الالهي في الحكم للطائفة، واننا مجتمع لا يمكن ان نعيش الا بسيد ارسله الله لينفذ احكامه على الارض، وان الارض لمن يحكمها، والثروة للسلطان، واننا يجب ان نقبل بقدرنا كفقراء متخلفين عن العالم، والسيد او الامير او الملك او الإمام كلها اسماء تحكم بفرض امر واقع علينا تقبّله، والفقر والتخلف والمجاعة والمرض هي اقدار.
طوق هندسة المستعمر بحيث لا يسمح لأي نهضة في المنطقة، كان في عدن فاقلقه تطورها ونهضتها، اقلقه نسيجها المتعايش كأعراق وثقافات واديان، وتبلور افكار هذا التنوع ليفضي لمنارة ثقافية وفكرية وتعدد سياسي، ونشوء حركة عمالية وحقوقية، أقلقته البيئة الصحية للتطور والداعمة للتحرر، التي كانت منارة لثورة سبتمبر وتشعل ثورة اكتوبر، فقالها بحقد سنترككم ونأخذ السلاطين، ونحول بلدكم لحلبة صراع الشياطين، فكانت الحرب الاهلية التي توالدت إلى حروب ومجازر.
ما حدث لسبتمبر حدث لأكتوبر، وتفككت القوى الثورية، وتشتت القوى الوطنية، لنرى زعيم الشيخ وشيخ الزعيم، الذي اعاد الروح للقوى التقليدية ودعم اللجنة الخاصة، وبالتدريج عادت الامامة تغزو المشهد وعاد السلاطين يدغدغون مشاعر البسطاء، مستفيدين من حجم الهجرة والاغتراب الذي فرضته حالة الصراعات، فشهدوا نهضة عمرانية، وكتلاً اسمنتية، في ظل غياب نهضة حقيقية للقيم والاخلاقيات الانسانية، نهضة تعليمية تنمي عقل الانسان وتطور مهاراته وابداعاته ليكون منتجا، نهضة اقتصادية تحول المنطقة لقاعدة اقتصادية منتجة تنافس بقوة الابداع والابتكار والاختراع، هذا الكم من المهجرين والمغتربين تحولوا لشقاة في الطوق الذي يخنق بلدهم، لقمة عيشهم.. قلة علمهم وانبهارهم بالبهرجة، جعل هذا الطوق نموذجا سخيفا لهم بل بعضهم صار موالياً وعاد بأمرهم حاكما يواصل خنق بلده وتعذيب شعبه .
حينما انتصرت سبتمبر، انتصرت اكتوبر، و رغم ما حدث من مؤامرات كنا اسياد ارضنا، وكان الطوق مرعوبا من نهضتنا، وعندما استطاع تفكيكنا صرنا اليوم مجرد اتباع في مشروع عبثي تدميري اعاد للمشهد ثالوث التخلف المرعب ( الجهل والفقر والمرض) التعليم يعاني والتجهيل واقع، الفقر والجوع حقيقة ماثلة ومؤلمة، والمرض استفحل في كل مناحي الحياة، لا يحتاجون لحروب لقتلنا فنحن نموت مستسلمين لواقعنا الاليم، فبدلا من ان نرثي حالنا، نرثي الثورات التي حاولت تحريرنا .
فهل نصحو ونعرف اننا لن نعيش بكرامة دون ان نستعيد ثورتنا سبتمبر واكتوبر، الثورة هي الرافعة الحقيقية القادرة على انتشالنا من واقعنا البائس وحالنا السيئ، وثورة ثورة ثورة حتى النصر، ولا نامت اعين من يخوفوننا من الثورة ويشوهونها لخدمة اسيادهم لخنق اليمن جنوبه وشماله، وسينتصر اليمن على كل المؤامرات .