لقاء/ نعمت عيسى - إفتكار مانع :اختتمت أمس بجامعة عدن ( ندوة إحياء الذكرى المئوية لميلاد الشيخ العلامة محمد بن سالم البيحاني ) التي استمرت من 30 - 31 ديسمبر 2008م بقاعة لقمان وشارك فيها عدد من الشخصيات البارزة والأكاديميين والمثقفين ، حيث عرض فيها عدد من الأوراق التي تناولت سيرة شيخنا الجليل وأطروحاته وكتبه ، بالإضافة إلى عرض مرئي يحوي نبذة عن حياته ومسيرته وما قدمه من فكر ومن تنوير في إطار نشاطه الرائد. وفي الندوة التقت أكتوبر عدداً من تلك الشخصيات وقال أ.د عبدالعزيز بن حبتور رئيس جامعة عدن - رئيس اللجنة التحضيرية: كل أمم الأرض تتباهى بعلمائها وشعرائها ومفكريها ، واليمن لن تكون الاستثناء من هذه القاعدة ، فالشيخ الجليل العلامة / محمد بن سالم البيحاني هو واحد من أهم رواد التنوير في اليمن وذاع صيته في بلدان عديدة وأصبحت كتبه متداولة في عالمنا الإسلامي، ومازال صوته رغم مرور عقود من الزمان مدوياً عندما تستمع إليه وهو يصدح بالخطب والبرامج الإعلامية والمقالات والمقابلات والفتاوى والاجتهاد.وأضاف إن مرور ( 100 ) عام على ميلاد العلامة البيحاني مناسبة استثنائية نقف فيها جميعاً أمام عطاء وكتب وفكر الرجل ، لأن هناك أحداثاً تاريخية مهمة من حياة العلامة ومحطات مرت بها الأمة ،وحري بنا أن نقف أمامها موقف المحلل الحيادي إلى جانب العلم والاجتهاد والتراث الغزير ، وأود التسجيل هنا أن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله قد أعاد الاعتبار للعلامة البيحاني ومنحه المرتبة المستحقة اللائقة به وأكرمه أثناء حياته في مدينة تعز وبعد أن تحققت الوحدة اليمنية المباركة. وواصل أ.د أحمد علي الهمداني - نائب رئيس جامعة عدن لشؤون الدراسات العليا والبحث العلمي - رئيس اللجنة العلمية للندوة الحديث عن شيخنا الجليل قائلاً: إننا نحاول اليوم أن نحيي ذكرى الشيخ العلامة محمد بن سالم البيحاني في مئوية ميلاده كما نحاول اليوم أن نوجه أنظار الباحثين والمهتمين إلى هذا العلم للرائد الكبير الذي لم ينل حقه من الدرس الفعال والبحث المثمر ، وليست هذه الندوة إلا مقدمة أو مدخلاً للدرس الفعال والبحث المثمر الذي كان من المفترض أن يبدأ منذ فترة طويلة. وأضاف : في الحقيقة هناك أعمال نقدية جادة وأكاديمية رصينة ظهرت في الآونة الأخيرة وهو أمر مهم للغاية ، غير أن كل ذلك لايزال في مرحلة البداية التي تقتضي أن تتبعها مراحل أخرى جادة ونشطة. ومن المناسب تماماً أن تحتفي جامعة عدن بهذه المناسبة، وهو العلامة المفكر الذي عاش في مدينة عدن ما يقرب من خمسة وأربعين عاماً مثرياً الحياة الفكرية في داخلها ومفنياً الحياة التربوية العلمية في رحابها ، وحق علينا اليوم نحن أبناء الجامعة وأبناء هذا الوطن اليمني أن نعتني بتراث هذا العلامة الشامخ وإنتاجه العلمي المتعدد الجوانب ورؤاه في سبيل إبراز تاريخ اليمن ورواده. وفي لقاء مع الأستاذ/ رشاد سلطان سعيد - منسق الندوة عن مجموعات هائل سعيد أنعم سألناه عن شخصية البيحاني فقال: شخصية المرحوم الشيخ البيحاني تفرض نفسها وتأبى إلا أن تزيح الستار عن نفسها بما حملته من فكر وتنوير وإيقاظ للمجتمع والأمة ولا يستطيع أحد تجاهل قامته وأثره ودوره.
وأضاف: من الضروري الاهتمام بفكر وتراث وأفكار البيحاني وجعلها قريبة مشاعة بين الناس سهلة التناول لطلاب العلم والباحثين وطبع كتبه ودراسة وتحليل آرائه وأطروحاته وهذا ما نتمنى أن تقوم به جامعة عدن ومن يشاركها العمل والدور وهذا أقل ما يمكن تقديمه للمحتفى به الشيخ البيحاني مبادلين الوفاء وإعطاء الرجل حقه من التقدير والإحترام .وأشارك في هذه الندوة باعتباري ممثلاً لمجموعة شركات هائل سعيد أنعم ومنسقاً لها. وعبر أ.د حسن حميد عبيد الغرباوي - أستاذ العقائد والأديان بجامعة عن تقييمه لهذه الندوة بأنها تعد تعبيراً عن النهج السديد للجامعة في الاهتمام بتراث الوطن والأمة وعلمائها وروادها ، وأحياء لمنهج علماء الأمة التنويري في مجالات الحياة كافة. وقال إنه من خلال ما ألقيت من كلمات في هذه الندوة وبرنامجها العلمي ، لا يسعنا إلا أن نتوجه بوافر الثناء والتقدير والعرفان لجامعة عدن ممثلة برئيسها الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن حبتور ونوابه والقائمين والمشاركين في إعداد هذه الندوة لما بذلوه من جهد واجتهاد في وقت أحوج ما تكون إليه الأمة إلى فكر نير يستلهم من تراثها ما يعزز دورها الإنساني والقيمي في عالم متغير تحكمه المادة والتكنولوجيا فقط.وأضاف: لذلك فإن هذه الندوة القيمة جاءت لتبرز فكر ومنهج العلامة البيحاني كواحد من أبرز رموز هذه الأمة في الدعوة والإصلاح وتوحيد الأمة وطاقاتها في مواجهة التحديات المعاصرة.وأعرب الغرباوي عن ما يمكن استقائه من أفكار في هذه الندوة وهي الارتقاء بالفهم والفكر في استلهام تراث العلماء ومنهم العلامة البيحاني وما تميز به من فكر ومنهج، لنتخذه بنظرة واقعية للعصر، كمنهج قابل للتطبيق في مجالات الحياة كافة لما أتسم به من شمولية ورؤية متوازنة في عصر ضاعت فيه القيم واختلت في الموازين. آملين الاستمرار في إحياء تراث الوطن والأمة، بما يبعث فينا روح الإيمان والتجدد والتطور وتغيير الواقع نحو الأفضل والقدرة على مواجهة تحديات العصر في وقت تعيش فيه الأمة واقع التخلف والتفرق والنكوص.وتمنى لجامعة عدن الخير كله، مثمناً دورها الفاعل في إبراز دور علماء الأمة وإحياء تراثها خدمة للعلم والحقيقة.ومن جانب آخر أوضح الشيخ/ عبدالباري محمد عثمان ـ شيخ وخطيب مسجد العسقلاني أن الندوة في حد ذاتها تذكر بهذه الشخصية الفذة المتكاملة في كافة المجالات، التي عرفت بالوسطية وعدم الغلو في جميع تصرفاته وسلوكياته سواء المتبعة في معالجة كافة الظواهر والسلبيات رغم أنه كان في وقت فيه الغث والصالح، ذلك كله نجده في خطبه أو مؤلفاته التي تصل إلى أكثر من مؤلف منشور وغير منشور، وأن هذه الشخصية أثرت في الناس برغم عماه عن الرؤية ولكن.. صدق الله العظيم القائل” فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.وأضاف: نحن في الجامع نجسد سلوكياته وسيرته في الخطب المتنوعة التي كان رحمه الله يعالج فيها مختلف المشاكل والقضايا والهموم التي تهم الناس جميعاً حياتياً ودينياً ومعيشياً وفي محاربة الأفكار الضالة وكذلك في الحلقات التعليمية الليلية.وعن ما أعده للندوة قال: أعددت مداخلة عن هذه الشخصية الفذة بشكل عام ابتداء من مولده ونشأته وأعماله والدور العظيم الذي قام به في حياته وحتى مماته، خاصة وأنا أحد الملازمين له، نشأت وتربيت سواءً على يديه أو في معهده الذي كنت فيه طالباً ومدرساً حتى ما بعد تأميمه قبل الانتقال إلى الجامعة.وفي رأي آخر للأستاذ/ عبدا لله داود باوزير ـ نائب العميد لشؤون الطلاب في كلية العلوم الإدارية عن هذه الندوة بأنه بذل في إعدادها جهد دؤوب من قبل اللجنة التحضيرية وبالتالي فإن المقدمات تبنى على ما هو أت.. فإن الجلسة الافتتاحية أرتقت إلى مستوى قامة صاحب الذكرى.. وهو جهد المقل وما هو مقدور عليه.وأضاف أن من يقوم بهذه الجوانب والمناشط المتعددة على ذلك المستوى الراقي وهو يبتغي في ذلك وجه الله لا يمكن أن يكون مسكوتاً عنه وإن بدا للبعض ذلك.وقال أ. نبيل علي النقيب ـ عضو اللجنة العلمية للندوة في ختام لقاءاتنا ـ إن شخصية العلامة البيحاني تبرز خلال رؤاه النظرية التي صاغها وعبر عنها في جملة مؤلفاته التي تبرهن على موسوعية علم الرجل واتساع أفقه العلمي والثقافي، فالرجل فقيه مجدد بكل ما تعنيه الكلمة ومفكر إسلامي وإنسان رائد ومصلح اجتماعي وسياسي.وأضاف: رغم إن المقادير لم تساعدني للقاء الشيخ البيحاني إلا أن هذه الشخصية سهل جداً معرفتها وألفها بصورة تثير الإعجاب والتعجب من خلال الإطلاع على ما أنتجه من علم ومعرفة وثقافة. فالبيحاني لا يعاني مطلقاً حالة الفصام بين الفكر والممارسة بل أنه يعيش كل كلمة يقولها وكل فكرة يبثها.
