
لكن فيما يبدو جلياً أن المسؤولين (العباقرة) في جامعاتنا لم يعودوا يؤمنون بحقيقة هذا العلم ودوره الحاسم والجوهري في إصلاح ذات البين، وترتيب وتنظيم حياتنا العلمية الاكاديمية والتربوية، وتسهيل حياة الطالب الجامعي الغلبان الذي يذهب في بعض أو كثير من الأحيان وهو «يا ولداه» جائع ومهموم بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة والمؤلمة والمنيلة بستين نيلة.
يا ولاة الأمر وأهل القرار ماذا يعني بالله عليكم قيامهم برفع الرسوم الجامعية في هكذا ظروف يعيشها الطلاب المساكين بدلاً من تخفيضها وتذليل صعاب (الأسر) التي تعاني الأمرين حتى يستطيع أبناؤها أن يتعلموا ويدرسوا، وهو أمر ليس بالسهل أفلا تفكرون؟.. لا يمكن قبول هذا الأمر بالمطلق.
وعلى الجهات المسؤولة التراجع عن هذا القرار قبل خراب مالطا ووقوع الفأس بالرأس، فهو أمر خطير أيما خطورة وسيزيد الطين بلة ويرسل الطلاب والطالبات إلى أتون جحيم حقيقي ويزيد من أعبائهم ومشاكلهم وهمومهم ومنغصاتهم ويهدم المعبد فوق رؤوس الجميع، وهو ما لا شك فيه.
علينا جميعاً أن ندرك إدراكاً قاطعاً أن هذا القرار سيلقي بظلاله الكارثية على حياة ومستقبل الطلاب وحقهم الدستوري والقانوني في التحصيل العلمي، بما يتناغم مع العقل والمنطق والإحساس بالمسؤولية السياسية والوطنية والأخلاقية، وهو أمر يجب أن يستوعبه حتى (ملاك الجامعات الأهلية) وإلزامهم بذلك.
إن الطريق لبناء جيل وطني حضاري ومتقدم يستوجب بالضرورة الإحساس والإيمان المطلق والمثالي والهادف والبناء حقاً بأهمية دور وعظمة ومكانة وروعة وجود هذه الثلة من شبابنا وحرائرنا طلبة العلم والعلا و(قادة ومشاعل) الغد الجميل الآتي من خلف أسوار ومستنقعات الحروب والدمار والكراهية والأحقاد التي رسمت هذا المشهد السوداوي البغيض والأحمق والبليد.
لا يمكن أبداً أن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام أبداً دون أن نهتم بدور العلم في حياتنا ونذلل صعاب وعقبات طلبة العلم فهم مستقبل الوطن والأمة وحركة وعيها وديمومة استمراريتها الزاهرة بالنجاحات والوثبات العلمية والثقافية والفكرية والإبداعية، بعيداً عن لغة التكسب وشغل (الدكاكين والبقالات والأكشاك) وصيغة الاستهبال والاستخفاف بمشاعر وأحاسيس الناس المتعبين حقاً من سنوات الحرب الطويلة واللعينة، وتفاقم مجموعة الأزمات التي لا تنتهي ولا تتوقف عند حد.