
لقد كان الفقيد أحد رموز مرحلة التحرير ومن طلائع ثورة الرابع عشر من أكتوبر، ومن الرعيل الأول الذي وضع أسس بناء جيش اليمن الديمقراطي. حمل على كاهله أعباء بناء الدولة الفتية التي بزغ فجرها بعد نيل الاستقلال الوطني “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، وعاش كل منعطفاتها وإنجازاتها على كافة الأصعدة، مناضلا صلبا عركته التجارب وساهم بكل اقتدار في بذل الغالي والنفيس انتصارا للمبادئ التي آمن بها، ولكل قيم الحرية التي كافح لأجلها، ولم يهن أو ينكسر في كل الظروف التي خيضت دفاعا عن الحقوق والحريات والنظام والقانون والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية.
سطر طوال تاريخه صفحات مشرقة منذ أن كان نائبا سياسيا للقوى الجوية والدفاع الجوي، ثم مأمورا لمديرية الضالع، ثم عضوا في البرلمان، صارما حازما، جسد رجل الدولة بكل ما للكلمة من معنى، ولم تلن له قناة في خضم كل الملمات والتحديات، وكان من طلائع المناضلين من أجل القضية الجنوبية العادلة ومن مؤسسي الحراك السلمي الجنوبي. عاش شامخا ورحل شامخا مجيدا إلى بارئه، مترعا بقيم الخير التي مثلها وناضل من أجلها، نظيف اليد والضمير، ومن أولئك الانقياء الذين سيظلون خالدين في الوجدان بما تركوه من مآثر خالدة في كل المحطات الكفاحية، وفي كل دورة مواجهة مع الظلم والاستبداد والتخلف.
إن خسارة وطننا الجنوبي لفادحة برحيل أحد رموزه الاستثنائيين ممن توشحوا مبادئه وأهدافه النبيلة، وقضوا جل عمرهم دفاعا عن الإنسان والمواطنة، وكانوا الطليعة في إعلاء قيم الخير والتسامح ومبادئ الحرية والكرامة.. وهي خسارة أليمة بطعم العلقم لمناضل كبير يرحل في هذا الظرف العصيب الذي يمر به الوطن والذي هو أحوج إلى مثل هؤلاء المناضلين بخبراتهم وتجاربهم وجلدهم وصمودهم.
إننا إذ ننعى إلى رفاق ومحبي فقيدنا المناضل الجسور هذا الرحيل المؤسف، فإننا نرفع تعازينا الحارة إلى أبنائه وإخوته وأسرته الكريمة، ونبتهل للمولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وجميل غفرانه مع الشهداء والصديقين.. إنا لله وإنا إليه راجعون.