

في وقت يعيش فيه اليمن أزمات متراكمة اقتصاديةوسياسية وعسكرية غير مسبوقة أثقلت كاهل الجميع، يبقى التعليم أحد أعمدة الأمل القليلة التي لم تنكسر، وإنْ تكسرت أرواح من يحملونه على أكتافهم: المعلمون.
هذا الكادر التربوي الصابر، الذي ظل سنوات يؤدي واجبه رغم الظروف القاهرة، وجد نفسه اليوم مضطرًا للغياب، لا كتمرد، بل كصوت أخير للنجدة… صوت يطالب بالعيش بكرامة، وبالحد الأدنى من مقومات الاستمرار لحياة كريمة له ولاسرته.
لم يكن الإضراب خيارًا سهلًا، بل كان صرخة وجع تجاه من قرروا أن يتجاهلوا مطالب الكادر، وتركوا المعلمين بين نار الحاجة، وماء الرسالة. فهل من الإنصاف أن يظل المعلم يشرح الدروس وهو لا يجد قوت يومه او ثمن دفاتر لأطفاله؟ هل من العدل أن يُطلب منه بناء أجيال، فيما بيته ينهار من الداخل يعاني الفاقه وقله الحيلة؟!
لكن اليوم، ونحن نقترب من بداية عام دراسي جديد، نمد أيدينا جميعًا — مجتمع، إعلام، أولياء أمور، ومن في مواقع المسؤولية — لدعم المعلم لا بالصبر وحده، بل بالفعل من خلال خطط مستدامة ترفّع من راتبه وتكريمه ودعمه من قبل رجال الاعمال والمؤسسات التعليمية الخاصة وتأهيله المستمر واعطائه الحوافز المستحقة.
ونقولها بصدق: عودوا إلى مدارسكم يا معلمينا الافاضل، فطلابنا بحاجة إليكم، ونحن معكم. لنرفع جميعًا صوتًا واحدًا:
نعم لحق المعلم في حياة كريمة ومستقرة وتكريم لائق بمكانته في المجتمع.
نعم لاستقرار التعليم وعودة الطلاب الى مدارسهم بالتوازن مع توفير الحد المعقول من الدعم ماليا ومعنويا للكادر التربوي.
ونعم لبدء عام دراسي جديد مفعم بالنشاط والمثابرة والاجتهاد والتحصيل العلمي لسد الفراغ الكبير الذي حصل للطلاب بسبب توقف الدراسة نتيجة المطالبة بإنصاف الكادر التربوي وعدم تحقيق ولو جزء بسيط من مطالبه في التسويات والعلاوات السابقة.
وليكن هذا العام بداية جديدة تحقق فيها المطالب الحقوقية المشروعة للجميع ولمصلحة النسيج الاجتماعي وتماسكه المطلوب، لا فقط في جداول الدراسة، بل في الوعي المجتمعي بقيمة التعليم ودور المعلم والمدرسة في رفع الوعي والتحصيل العلمي وتنمية الوطن.
ولنُسهم جميعًا، كلٌ من موقعه، في خلق بيئة داعمة لعودة الطلاب والمعلمين الى صفوفهم تليق بمن يصنع العقول ويبني الإنسان فكريا وسلوكيا ومهاراتيا بعيدا عن الافكار السلبية والهدامة المنتشرة حاليا في مواقع التواصل الاجتماعي او في الشارع، واحداث التغيير المنشود لبناء الوطن وخلق جيل يحب العلم والتعليم ومتسلح بنوره وواعٍ نحو البناء و الابداع والتطور والرقي.