
طهران / 14 أكتوبر / متابعات:
دفع التضخم الحاد وارتفاع أسعار العملات الأجنبية والذهب آلاف الإيرانيين إلى الإضراب والخروج في احتجاجات شهدتها العاصمة طهران، فيما عصفت أزمة تدهور الريال الإيراني بمحافظ البنك المركزي في طهران محمد رضا فرزين، إذ نقلت وكالة "نور نيوز" الإيرانية ، اليوم الإثنين، عن مسؤول في مكتب الرئيس الإيراني أن محافظ البنك المركزي استقال من منصبه، مشيراً إلى أن بزشكيان ينظر في طلب الاستقالة.
وجاءت الاحتجاجات على خلفية قفزة حادة في سعر صرف الدولار في السوق الحرة، حيث تجاوز 144 ألف تومان، أمس الأحد، مقارنة بـ137 ألف تومان قبل يوم واحد، وبـ114 ألف تومان قبل نحو شهر. ويؤثر سعر الدولار بصورة مباشرة في مختلف القطاعات الاقتصادية الإيرانية.
ولليوم الثاني على التوالي، خرج الآلاف من العمال ورجال الأعمال في تظاهرات بدأت بالتوسع في أنحاء البلاد، وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية.
وشهدت مناطق مختلفة من السوق والمراكز التجارية وسط العاصمة تجمعات لمحتجين رددوا شعارات تندد بالأزمة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة.
وأفادت تقارير في وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن خطط الحكومة لزيادة الضرائب مع حلول العام الإيراني الجديد، الذي يبدأ في 21 مارس المقبل، زادت من حدة التوتر والقلق.
وقالت وسائل إعلام إيرانية رسمية، أن السلطات تعتزم تعيين وزير الاقتصاد السابق عبدالناصر همتي محافظاً للبنك المركزي.
وواجه فرزين، الذي عين في عهد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي واستمر في منصبه بعد تولي بيزشكيان منصبه، انتقادات متزايدة من المشرعين في شأن عدم استقرار العملة وطريقة تعامل البنك المركزي مع نقص العملات الأجنبية.
وظهرت تقارير عن وجود توتر بين فرزين وأعضاء البرلمان في وقت سابق من هذا الشهر خلال جلسة مغلقة قبل تقديم الحكومة لمشروع موازنتها، إذ ذكرت بعض وسائل الإعلام أن المحافظ لم يقدم أي حلول جديدة للحد من تقلبات العملة.
وأقر الرئيس بيزشكيان بالضغوط الناجمة عن دعم الطاقة وضغوط النقد الأجنبي، لكنه قال إن الحكومة تفتقر إلى الموارد اللازمة لحماية الأسر بصورة كاملة من التضخم.
وواجه ضباط الشرطة المتظاهرين باستخدام الهراوات والغاز المسيل للدموع.
وأقرت وكالة أنباء "فارس" المقربة من الحرس الثوري بوجود هذه التجمعات في مناطق مثل ممر تشهارسو وشارع لالهزار، مشيرة إلى أن المتظاهرين أطلقوا هتافات سياسية.
ووصفت الوكالة الاحتجاجات السلمية بأنها "أعمال شغب" محذرة من أن هذه التجمعات قد تتحول إلى "منصة لأنشطة خلايا الاضطراب" وتهدد الأمن العام.
كما نقلت "فارس" عن مسؤول في وزارة الاستخبارات وصفه للشعارات السياسية بأنها جزء من "سيناريو لزعزعة أمن العدو"، مشيرة إلى أن "مجلس التنسيق الاقتصادي سيعقد اجتماعات لاتخاذ قرارات فعالة" للحد من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة.
وأغلق سوق طهران وعدد من المحال التجارية في شارع لاله زار الجنوبي، فيما كانت شوارع الجمهورية وسوق الحديد تعيش حال غضب واسع.
وتأتي هذه التحركات في ظل استمرار تراجع العملة الإيرانية أمام الدولار وارتفاع معدلات التضخم، مما يفاقم الضغوط على المواطنين ويعيد موجة الاحتجاجات الاقتصادية إلى الواجهة.
ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية ومنها "إيران إنترناشيونال"، أقدم عدد كبير من تجار مجمع "علاء الدين" للهواتف المحمولة ومجمع "جارسو" التجاري وسوق شارع شوش في العاصمة طهران على إضراب وإغلاق محالهم، وانتظموا في تجمعات احتجاجية رفضاً لارتفاع سعر الدولار وتدهور الأوضاع الاقتصادية، فيما سادت أجواء من التوتر محيط جسر حافظ وسط المدينة.
وتداول نشطاء في إيران وفي المهجر مقاطع فيديو للاحتجاجات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأظهرت التسجيلات، هتافات من قبيل "لا تخافوا… نحن جميعاً معاً"، قبل أن يتجه المحتجون نحو جسر حافظ عند تقاطع شارعي الجمهورية وحافظ.
ورصدت احتجاجات موازية لتجار مجمع "جارسو" التجاري المقابل للمجمع، فيما هتف بعض المحتجين بـ"لا للضرائب".
وتعد سوق الهواتف والأجهزة الإلكترونية من أكثر القطاعات حساسية لتقلبات العملة، مما يدفع التجار إلى الإغلاق والاحتجاج كلما تفاقم انهيار الريال الإيراني أمام الدولار.
ويؤدي هذا التراجع السريع إلى تفاقم الضغوط التضخمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، مما يزيد من الأعباء على موازنات الأسر، وهي أوضاع قد تتدهور أكثر مع تعديل أسعار البنزين الذي أقر في الأيام الأخيرة.
وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 66 في المئة، فيما أعلن مركز الإحصاء الإيراني في تقرير حديث أن معدل التضخم السنوي على أساس نقطي تجاوز 52 في المئة. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 72 في المئة، وزادت أسعار السلع الصحية والطبية بنسبة 50 في المئة مقارنة بديسمبر من العام الماضي.
يذكر أن العملة الإيرانية كانت تتداول عند نحو 32 ألف تومان مقابل الدولار وقت توقيع الاتفاق النووي عام 2015، الذي أدى إلى رفع العقوبات الدولية مقابل فرض قيود مشددة على البرنامج النووي الإيراني. إلا أن الاتفاق انهار بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب منه بصورة أحادية عام 2018.
ويرى كثير من المحللين أن هذه المعدلات تشير إلى اقتراب شبح التضخم المفرط.

وتشهد طهران منذ أعوام أزمة اقتصادية متفاقمة نتيجة العقوبات الدولية، وتراجع قيمة العملة الوطنية، وتذبذب عائدات النفط، مما أدى إلى موجات متكررة من الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي سبتمبر الماضي، أعادت الأمم المتحدة فرض عقوبات مرتبطة بالملف النووي على إيران عبر ما وصفه دبلوماسيون بآلية "سناب باك"، وهو ما أدى مجدداً إلى تجميد الأصول الإيرانية في الخارج، ووقف صفقات السلاح مع طهران، وفرض عقوبات مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية.
