جامعة شبوة تحتفي بتخريج أول دفعة من طلابها وتدشّن مرحلة جديدة من التميز الأكاديمي




شبوة / 14 أكتوبر/ خاص:
عبدالله المسروري:
احتفت جامعة شبوة صباح أمس، بتخريج الدفعة الأولى من طلابها، والبالغ عددهم (238) خريجًا وخريجة، يمثلون باكورة مخرجات الجامعة من خمس كليات ومن مركز التدريب والتنمية المستدامة، وذلك في قاعة الفقيد عادل الأعسم الرياضية بمدينة عتق، وسط حضور رسمي وأكاديمي وشعبي واسع، برعاية كريمة من نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، ومحافظ محافظة شبوة عوض محمد بن الوزير.
إنجاز أكاديمي غير مسبوق في تاريخ المحافظة
ويمثل هذا التخرج أولى الثمرات العملية لمشروع التعليم الجامعي في شبوة، الذي انطلق قبل أعوام قليلة برؤية طموحة، وإرادة سياسية صلبة، ودعم سخي من قيادة السلطة المحلية، التي جعلت من التعليم العالي أولوية استراتيجية في مشروعها التنموي للمحافظة.
وقد تحوّلت جامعة شبوة، خلال فترة وجيزة، من فكرة ناشئة إلى صرح أكاديمي متكامل، يضم كليات نوعية في مجالات حيوية، ويستقطب مئات الطلاب من مختلف مديريات المحافظة، في مشهد يعكس حجم التحول الذي تشهده شبوة في قطاع التعليم.
من التهميش إلى الريادة
لسنوات طويلة، ظلت محافظة شبوة تعاني من غياب مؤسسات التعليم العالي، ما اضطر أبناءها إلى السفر خارج المحافظة بحثًا عن فرص التعليم الجامعي. واليوم، مع تأسيس جامعة شبوة تغيّرت المعادلة، وأصبحت المحافظة تمتلك مؤسسة أكاديمية رسمية تُعنى بتأهيل الكوادر، وتفتح آفاقًا جديدة أمام شبابها، وتُسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
لم يكن لهذا المشروع أن يرى النور لولا الدعم السخي والمباشر من محافظ المحافظة عوض محمد بن الوزير، الذي قدّم كل التسهيلات الممكنة لتأسيس الجامعة، بدءًا من توفير البنية التحتية، وتخصيص الأراضي، ودعم الكادر الأكاديمي، وصولًا إلى تمويل مشاريع البناء والتوسعة، وتوفير بيئة تعليمية محفّزة.
وقد أكدت قيادة الجامعة أن هذا الدعم لم يكن مجرد التزام إداري، بل تجسيد لرؤية استراتيجية تؤمن بأن التعليم هو حجر الزاوية في بناء الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة.
التعليم ركيزة التنمية
وفي كلمته خلال الحفل، عبّر الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة عبدربه هشلة ناصر، عن فخر قيادة السلطة المحلية بهذا الإنجاز، مؤكدًا أن الجامعة تمثل أحد أعمدة النهضة التنموية في شبوة، وأن السلطة المحلية ستواصل دعمها الكامل لتطوير بنيتها التحتية، وتوسيع برامجها الأكاديمية، وتهيئة بيئة تعليمية تليق بطموحات أبناء المحافظة.
من جانبه، استعرض رئيس الجامعة الدكتور توفيق باسردة مسيرة التأسيس والبناء، وما رافقها من تحديات، موضحا أن الجامعة استطاعت تجاوزها بدعم مباشر من قيادة المحافظة، وتعاون المجتمع المحلي، مشيرًا إلى أن الجامعة تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التوسع الأكاديمي، وفتح آفاق الدراسات العليا، وتطوير البنية البحثية، بما يعزز من جودة مخرجاتها، ويواكب متطلبات سوق العمل.
مشروع وطني يعكس تطلعات الأجيال
يمثل تأسيس جامعة شبوة وتخريج دفعتها الأولى تجسيدًا حيًا لتطلعات الأجيال الشابة في المحافظة، التي لطالما حلمت بمؤسسة تعليمية تحتضن طموحاتها وتفتح أمامها أبواب المستقبل.
لقد تحوّلت الجامعة إلى رمز للأمل، ومنصة للارتقاء، ومحرّك للتغيير، في محافظة عرفت كيف تنتصر على التحديات، وتؤسس لواقع جديد قوامه العلم والمعرفة.
تسهم جامعة شبوة بدور محوري في الحفاظ على الهوية الثقافية للمحافظة، من خلال برامجها الأكاديمية التي تراعي خصوصية المجتمع الشبواني، وتُعزز من ارتباط الطلاب بتراثهم وتاريخهم، وتدفعهم نحو الإبداع في خدمة مجتمعهم.
كما تعمل الجامعة على تشجيع البحث العلمي في مجالات التاريخ، والآثار، واللغات، والعلوم الاجتماعية، بما يعزز من الوعي الثقافي والانتماء الوطني.
حضور متصاعد وعلاقة تكاملية
تميّزت الدفعة الأولى من خريجي جامعة شبوة بحضور نسائي لافت، عكس حجم التقدم الذي تحققه المرأة في المحافظة على صعيد التعليم العالي.
بدورهن عبّرت العديد من الخريجات عن فخرهن بالانتماء إلى الجامعة، مؤكدات أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة جديدة نحو المشاركة الفاعلة في التنمية، وتكريس دور المرأة في مختلف ميادين الحياة.
لم تكن جامعة شبوة مجرد مؤسسة تعليمية منعزلة، بل شكّلت منذ تأسيسها نموذجًا للتكامل مع المجتمع المحلي، من خلال برامج خدمة المجتمع، والدورات التدريبية، والأنشطة التوعوية، والمبادرات التنموية، وساهمت هذه العلاقة التشاركية في تعزيز ثقة المواطنين بالجامعة، وتحويلها إلى شريك فاعل في التنمية المحلية.
آفاق مستقبلية واعدة
تخطط الجامعة خلال السنوات القادمة لتوسيع خارطتها الأكاديمية، من خلال افتتاح كليات جديدة في مجالات الطب، والهندسة، والزراعة، والعلوم البيئية، بما يتماشى مع احتياجات المحافظة وخططها التنموية، كما تسعى إلى بناء شراكات استراتيجية مع جامعات محلية ودولية، وتطوير منظومة البحث العلمي، واستقطاب الكفاءات الأكاديمية، بما يعزز من تنافسيتها على المستوى الوطني.
هذا وشهد الحفل حضورًا لافتًا تقدّمه الأمين العام للمجلس المحلي عبدربه هشلة ناصر، ورئيس جامعة شبوة الدكتور توفيق باسردة، ورئيس جامعة سبأ الدكتور محمد القدسي، وممثل رئاسة جامعة أبين البروفيسور سعيد بايونس، ورئيس المجلس الانتقالي بالمحافظة، الشيخ لحمر علي لسود، إلى جانب عدد من وكلاء المحافظة، وقياداتها الإدارية والعسكرية والأمنية، وجمع من الأكاديميين وأولياء الأمور والمهتمين بالشأن التعليمي.
كلمة الخريجين و تكريم الأوائل
وفي كلمة ألقاها الطالب صالح بوعرام نيابة عن زملائه، عبّر عن مشاعر الفخر والاعتزاز التي تغمر الخريجين والخريجات، كونهم أول دفعة تحمل اسم جامعة شبوة إلى ميادين العمل والمعرفة، منوها أن هذه اللحظة تمثل بداية لمسيرة عطاء علمي ومهني، وأنهم سيكونون خير سفراء للجامعة في مختلف الميادين، حاملين معهم قيم العلم والانتماء والتميز.
واختتم الحفل بتكريم أوائل الخريجين من كليات: النفط والمعادن، والتربية في عتق وبيحان، والإدارة والاقتصاد، والحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، ومركز التدريب والتنمية المستدامة، وسط أجواء احتفالية عكست حجم الإنجاز، وروح الفخر التي تعمّدت بدموع الفرح، وتصفيق الحاضرين، وابتسامات الأمل بمستقبل أكاديمي واعد في ربوع شبوة.
وشارك في الحفل عدد من وكلاء المحافظة، وقيادات تنفيذية وأمنية وعسكرية، وشخصيات سياسية واجتماعية بارزة، إلى جانب جمع غفير من المواطنين وأهالي الطلاب الخريجين، الذين عبّروا عن سعادتهم الغامرة بهذا الحدث التاريخي، مؤكدين أن جامعة شبوة تمثل اليوم منارة علمية ومصدر فخر لكل أبناء المحافظة، وبوابة عبور نحو مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.
الجامعة في أرقام.. مؤشرات واعدة
تشير الإحصائيات الأولية إلى أن عدد الطلاب الملتحقين بالجامعة في تزايد مستمر، حيث تجاوز عدد المسجلين في العام الأكاديمي الحالي حاجز الألف طالب وطالبة، موزعين على كليات الجامعة الخمس، في تخصصات نوعية تلبي احتياجات سوق العمل المحلية، وتواكب التوجهات الوطنية في مجالات الطاقة، التعليم، الإدارة، والتقنية.
كما تعمل الجامعة على إطلاق برامج دراسات عليا في مجالات الإدارة التربوية، وتقنيات المعلومات، والتنمية المستدامة، في خطوة تعكس نضجها المؤسسي، واستعدادها للانتقال إلى مصاف الجامعات البحثية، بما يعزز من دورها في إنتاج المعرفة، وتقديم حلول علمية للتحديات التنموية التي تواجه المحافظة.
إشادة مجتمعية و مستقبل مزدهر
فيما حظي الحفل بتغطية إعلامية واسعة من مختلف وسائل الإعلام المحلية والوطنية، التي رصدت الحدث بوصفه محطة مفصلية في مسار التعليم الجامعي بمحافظة شبوة.
كما عبّر عدد من أولياء الأمور والمواطنين عن فخرهم بهذا الإنجاز، مؤكدين أن الجامعة باتت تمثل أملًا حقيقيًا لأبنائهم، ومصدرًا للثقة بمستقبل تعليمي مشرق في ربوع المحافظة.
يُذكر أن تخريج الدفعة الأولى من جامعة شبوة لا يُعد نهاية لمسار، بل بداية لمرحلة جديدة من البناء والتطوير، تؤسس لجامعة حديثة، متكاملة، قادرة على المنافسة، ومؤهلة لتكون رافدًا وطنيًا للعلم والمعرفة.
ومع استمرار الدعم الرسمي والمجتمعي، وتوافر الإرادة الأكاديمية، فإن جامعة شبوة تمضي بخطى واثقة نحو تحقيق رسالتها في خدمة الإنسان والتنمية، وترسيخ مكانتها في خارطة التعليم العالي في الوطن.

