مر على تعيين رئيس جديد للحكومة حتى الآن أكثر من 60 يوما وشارفت المائة يوم على نهاية ثلثيها وماتبقى الا ثلثها الأخير عن وعده في إصلاح الواقع المتردي خلال مائة يوم، ولانعلم لماذا لم يقل 120 يوما أو اكثرمن ذلك، ولماذا أصر على المائة يوم.
من المؤكد أن دولة رئيس الوزراء الحالي لم يحدد المائة يوم الا وقد توفرت له كل الملفات الحساسة بتفاصيلها ومعوقاتها وبالمقابل تمكن من تحديد الآليات القادرة على إصلاحها بحدود المدة المعلنة لنتخطى الواقع الحالي المتردي.
ومن الطبيعي أنه وقبل الإعلان عن المائة يوم قد تلقى تأكيدا ووعودا من اللاعبين الدوليين والإقليمين والمحليين على اختلافهم بتوفير مخصصات عاجلة وسريعة تدفع بالملفات نحو إنتاج حلول مستدامة وواقعية وقابلة للتنفيذ.
(60) يوما أو يزيد، ومازالت تلك الملفات التي يعاني منها المجتمع تراوح في مكانها دون حلول تذكر، منها التعليم والكهرباء وانتظام صرف المرتبات واستعادة قيمة العملة الوطنية وإطلاق برامج إصلاح للبنى التحتية المتهالكة.
في التعليم مازلنا لم نتجاوز طباعة ستة إلى تسعة عناوين من الكتاب المدرسي من إجمالي 158 عنوانا إن لم يكن أكثر، ولم نزل نراوح في قضية قانون المعلم وحقوق المعلم وقضية الإضراب التي ستؤثر حتما على المجتمع عاجلا أم آجلا، ومازلنا نفتقر للمدارس التي بإمكانها استيعاب الأعداد التي فاقت إمكانية الفصول الدراسية الحالية بأضعاف ومازلنا نقف في محطة تعيين المعلمين منذ 2011م دون ترحيل المتقاعدين والمتوفين واستيعاب جيلا جديد منهم.
في قضية الكهرباء نستخدم حلولا ترقيعية بسبب تأخر الحلول المستدامة منذ عقود، ومازلنا نضغط لنهلك ماتبقى من أطلال محطات التوليد الحكومي، ومازلنا مخطئين في تحليلنا وتفسيرنا لمشكلة الكهرباء باعتبار أن مشكلة تموين محطات التوليد الكهرباء بالوقود في المحطات الحكومية هي لب وأساس المشكلة، متناسين قضايا أساسية ومهمة تحتاج لحلول جذرية لتحسين هذه الخدمة الإستراتيجية وتلك المشكلات العميقة والمتراكمة واستصعب معها توفير 700 ميجا وات فقط، بالرغم من الإنفاق المهول وبالمليارات وهاهي الخدمة تتحول من حالة النطيحة وما أكل السبع إلى حالة المتردية الميئوس من شفائها واستمرارها.
مياه الشرب عصب الحياة، تتسبب تلك المعاناة اليومية بضغوطات لاتحتمل، لتضيف ضغطا على جدول المائة يوم وهي تنتظر النجدة من حقول مناسيبها تنخفض بتسارع في حجم إنتاج لايتجاوز120,000 /130,000 متر مكعب يوميا من الحقول الثلاثة، لمدينة تحتاج في اليوم الواحد 370,000متر مكعب ومن المؤكد أن رقم الاحتياج اليومي يتزايد بسبب تحول عدن إلى عاصمة ونزوح الجميع إليها، متسببا في ضغط على خدمة المياه والتي باتت لاتقوى على الإيفاء بالتزامات المستهلكين، ناهيك عن الفاقد والذي قد يصل إلى 40 ٪ مما ينتج من حقول المياه.
وتظل العملة الوطنية دائما في هبوط متسارع ومخيف محولة جموع العامة إلى خطوط الفقر ومادونها، في سياسة نقدية غاب عنها البنك المركزي الفاعل الاساسي للسياسة النقدية، وبروز رساميل تكتنز العملة الوطنية، ولاتعاني من شحنها في (اقتصاد ظل) تجاوزت قدراته إمكانيات البنك المركزي.
إن الفساد في مؤسسات الدولة عنصر أساسي ومؤثر في عجز الموازنة العامة، بسبب خروج تلك المؤسسات الحكومية عن الاشراف الحقيقي والمباشر لأجهزة الدولة الرقابية، وغياب قدرتها على المحاسبة والمراقبة والمعاقبة.
عدم القدرة على تصدير النفط الخام والغاز، أثر تأثيرا مباشرا على موارد الموازنة العامة وأصابها بعجز دائم مافتئ أن يتسع، وافقد الحكومة القدرة على تسيير امور الموازنة بالحدود الطبيعية ومنها عدم قدرتها على انتظام الرواتب وشراء دفعات من الوقود لمحطات توليد الكهرباء.