غضون
* ندوة “منتدى جسور الثقافات” حول التسامح الديني والسياسي في اليمن التي اختتمت أمس بالعاصمة ذكرتنا بمركبات فكرية وثقافية تعددية حول التعايش والتسامح في المجتمع اليمني، وهذه المركبات أو المكونات تعرضت للمصادرة والطمس حتى نكاد ننساها، ولكي لا تخمد نهائياً بسبب الجائحة السلفية التي أغارت على بلادنا، نحتاج إلى مثل هذه الندوة.* لقد ذكرنا المتحدثون في الندوة أن هذه البلاد كانت ساحة لأكثر من دين وأكثر من سبعة مذاهب وكانت ساحة قدم إليها رجال الدين الذين ضاقت بهم بلدانهم بسبب سيطرة الشموليين ومعطلي العقول وعباد المأثورات والاستئصاليين..* التعايش والتسامح الديني والسياسي في اليمن تعرض لنكبة حقيقية في الفترات التي هيمن فيها الشموليون على مؤسسات التعليم والثقافة والإعلام والدين، وكثير من الذين يعملون اليوم على تجفيف منابع التسامح والتعايش هم من خريجي تلك المؤسسات التي طغى عليها السلفيون الذين نقلوا إلى البلاد مذهباً طارئاً لا يعترف بغيره ولا يريد أن ينتشر إلا على المساحات التي يطرد منها بقية المذاهب.* القاضي الهتار عندما أراد أن يدلل على التسامح والتعايش في المجتمع اليمني ضرب مثالاً لذلك وهو عدن حيث تعايش فيها أكثر من دين وساد فيها أكثر من مذهب وشيد فيها معبد إلى جانب مسجد وكنيسة إلى جانب كناس، وتعايش الجميع بسلام.. وهذا صحيح بالنسبة لعدن، وكذلك على المستوى الوطني تعايش في اليمن المسلم واليهودي والنصراني وتعايش المذهب الزيدي والإسماعيلي والشافعي والحنفي وهذه هي طبيعة اليمن.. وحدث الاختلال عندما طرأ علينا مذهب دخيل هو المذهب السلفي أو الوهابي الذي أراد أصحابه – بفضل المال – أن يحلوه محل الجميع بوصفه المذهب النهائي والوحيد الصحيح الذي يجب أن يسود..* في عدن دمروا معبداً في كريتر وأقاموا مكانه مركزاً تجارياً، وهدموا جزءاً من معلم ديني مشهور وقديم وبنوا مكانه مسجد سلمان الفارسي، ويلاحقون البهرة أو الإسماعيلية بوصفهم طائفة ضالة، بل حتى الزيدية والشافعية لم تسلم منهم.. وفي المجال السياسي والفكري يحاربون التعددية ويكفرون الديمقراطية ويسمون حرية التفكير حرية كفر، والأحزاب عندهم يجب أن تلغى والمذاهب يجب أن تطمس، ليبقوا هم وحدهم أهل السنة والجماعة والفرقة الناجية والمذهب الذي يجب أن يفرغ الجميع الساحة له..