جبل الإنسان على ممارسة النقد في حياته بالسليقة منذ نعومة أظفاره فأي شيء لا يروق له فإنه ينتقده بحسن نية دون أن يدرك أنه يقول كلاماً نقدياً كما أن الإنسان بطبيعته يمكن أن يتقبل النقد إذا كان موجهاً برفق وبطريقة بناءة وهادفة إلى سلوكياته غير المستحبة أو إلى أعماله أو إلى أفكاره، أما إذا كان النقد يتناول شخصيته وانتهاك كرامته والتجريح فيها فإن بالتأكيد لن يتقبل مثل هذا الانتقاد الجارح.وفي مجال الوظيفة العامة أو حتى في أدنى مستوى إداري فهناك قاعدة إدارية متعارف عليها تقول يجب أن يميز أي مسؤول بين “ الكرامة الشخصية وكرامة المنصب” فعندما يتبوأ أي موظف حكومي منصباً إدارياً تنفيذياً رفيع المستوى فلا شك أن تصرفاته الإدارية تكون عرضة للنقد من قبل عملائه أو من المواطنين الذين يتعاملون معه في قضاء حوائجهم وإنجاز معاملاتهم الإدارية بدون محاولته في عرقلتها أو التسويف والتلكؤ في إنجازها الأمر الذي يفرض على هذا المسؤول القيادي أن يتحلى بالأخلاق وأن يتذرع بالصبر والقدرة على التحمل والجلد وأن يكون مرناً وحكيماً في تصرفاته وحسن معاملاته مع المواطنين وأن يقابلهم بالبشاشة والكياسة واللطف والليونة في حسن التخاطب معهم وقد قال أرسطو أحد فلاسفة الإغريق ( إذا أردت أن تعرف أخلاق الشخص فأعطه مسؤولية وراقبه كيف يتصرف ويتعامل مع الآخرين فإنه سوف يكشف عن معدنه الحقيقي وسيثبت لك إن كان أهلاً للمسؤولية وتحملها بصبر واقتدار أم أنه سريع الانفعال ولا يتقبل أي نقد موجه إليه بل دائماً في شجار مع الآخرين) .إن كل شيء في حياتنا لا يمكن إصلاحه واستقامته أو اعوجاجه أو النظر في تصحيحه إلا إذا تمكنا من ناصية النقد البناء الهادف وامتلكنا المعرفة المتعمقة والدراية السليمة في حسن نوايانا وحددنا الظواهر السلبية والأعمال والتصرفات غير المستحبة والأفكار الغامضة المعروضة للتقييم والنقد بموضوعية دون التعرض للتجريح والإساءة إلى صلب شخصية الإنسان والانتقاص من قدره بل يجب أن يكون هدفنا من النقد هو تبيان محاسن الشيء موضوع النقد وعيوبه.خلاصة القول إن النقد له أصول وقواعد وعلينا الإلمام بها وممارستها بوعي وموضوعية ومسؤولية ولاشك أن النقد يلعب دوراً مهماً في الارتقاء والرقي بالشعوب ويساعد على التطور إلى الأفضل دائماً بل ويتشعب إلى مختلف المجالات كما أن مجال الإبداع الفني والأدبي مثلاً لا يمكن أن يكتب له النجاح التام ويتطور باطراد ما لم تصاحبه حركة نقدية متواصلة فالنقد عموماً له مكانة كبيرة في عالم اليوم فلماذا إذن لا نمارسه عن وعي واقتناع ونتقبل نتائجه الإيجابية في تطوير شتى مجالات حياتنا العامة ؟
|
تقارير
النقد بين المقبول وغير المقبول
أخبار متعلقة