غضون
- يوم 2 يونيو 1633م عقدت المحاكمة الشهيرة لعالم الفلك الأشهر جاليليو جاليلي، الذي أضطر إلى تغيير أقواله أمام المحكمة التي أدارها رجال الدين لينجو بنفسه من عقوبة الاحراق .. حيث تراجع عن مقولته العلمية أو اكتشافه العلمي القائل:”إن الأرض تدور حول الشمس وليست ثابتة”.واختتم اعترافه بعبارة “قد اعترفت بأخطائي علانية كما في أعلاه ودونتها بيدي”!- الفلكي جاليليو تراجع عن حقيقة علمية صمدت إلى اليوم أو ربما إلى الأبد أمام رجال دين لا يعرفون شيئاً عن علوم الدنيا سوى ما دوّن في شروح الكتاب المقدس وما قرره عالم يوناني ظهر قبل الميلاد يقول إن الأرض مركز الكون، وهم صيروا هذا الاعتقاد ديناً واعتمدوه كلمة نهائية فرضوها على الناس وعاقبوا من يقول بغير ذلك ومن بين ضحاياهم جاليليو رغم ان نظريته صحت وعقائدهم فسدت.- رجال الدين في أوروبا عندما كانوا هم أصحاب القرار في أمور الدين والدنيا معاً طغوا وبغوا وكرسوا التخلف ولم تخرج أوروبا من تخلفها إلا بعد ان تعلمنت واعادت رجال الدين الى حقلهم الخاص، وهذا لم يحدث بسهولة بل كان له ثمنه وتكلفته التي دفعها رجال ونساء شجعان. تصوروا لو أن رجال الدين بقوا ممسكين بسلطة الوصاية على العقول والضمائر، هل كانت علوم أوروبا ستخرج إلى النور وسيكون حالها كما هي اليوم؟ بالقطع هذا غير وارد لان القوم كانوا يحرّمون كل فكرة جديدة ويقاومون كل تغيير ويقمعون الرؤوس ويصادرون الكتب ويجرمون المنظرين والنظريات.- يقال إن دين الإسلام لا يعرف الكهنوتية ولا رجال دين انه يفرق بين علوم الدين وعلوم الدنيا ويجعل لكل ميدان فرسانه المتخصصين بشؤونه.. وهذا من الناحية النظرية صحيح، لكن من الناحية العملية أصبح حملة الفقه رجال دين يقومون بالدور نفسه الذي كان يقوم به رجال الكنيسة.. فهم يتدخلون في الحياة الشخصية للناس ويتعاملون مع الأفكار بمعيار الحلال والحرام وليس الخطأ والصواب ويحكمون على خصومهم الفكريين والسياسيين من منطلق الكفر والإيمان وليس الخطأ والصواب.. ويقاومون الجديد ويلاحقون الكتب والصحف ويكرسون مبدأ الطاعة في مجالات لا مكان للطاعة فيها.. أحد الأساتذة الجامعيين الأحياء تعرض للملاحقة والتكفير وأصدروا بحقه حكماً يقضي باستتابته ثلاثة أيام وبعدها إذا لم يعلن التوبة ويرد على ما جاء في كتابه تجز رقبته.صاحبنا هذا لم يفعل ما طلبوه بل فر إلى خارج البلاد، وكان أشجع من جاليليو .. لكن هل علينا ان نفعل مثل جاليليو.العودي . التراجع .. أو الفرار؟لا.. علينا أن نكون شجعاناً.