مشاهدات أعدها: أحمد الحامدعندما نتلقى دعوة لحضور فعالية فنية أو حتى “ بروفات” لفعالية فنية يكون موقعها “ مسرح حافون” بالمعلا - محافظة عدن فإنك يجب تهيئ نفسك لاستقبال “ صدمة” عليك امتصاصها قدر استطاعتك وبأسرع ما يمكنك كي تتمكن من الجلوس هادئاً والاستمتاع بالفعالية أو البروفة التي دعيت لحضورها .. فبمجرد دخولك من بوابة هذا المبنى المسمى مجازاً “ مسرح حافون” ستجد أنك قد دخلت إلى “ خرابة” / مقبرة / شوكي دار قديم “ أي شيء إلا أن يكون مسرحاً!مسرح حافون .. “ صدمة “ .. ونغم!يستقبلك “ حوش” هو أقرب إلى مستودع للمهملات .. أدوات بناء.. خشب رمل.. بقايا طوب وعبوات اسمنت وأشجار صغيرة متطفلة تنمو هذا وهناك بلا تنسيق ومن حولها كل أنواع النفايات.. ثم ستنبهك بعض الأصوات إلى وجود عمليات ترميم يقوم بها عمال لا يظهر عليهم أي بوادر حماس لما يفعلونه.. دع كل ذلك..
وأتجه إلى صالة المسرح .. لن تجد من التسمية سوى “ خشبة مسرح تقليدية وصالة محدودة لمساحة بلا مقاعد وقد صارت هي الأخرى مستودعاً لأكياس الأسمنت وبعض مواد البناء أو بقاياها.. وفي وسط كل هذه الأجواء المحبطة ستجد فرقة موسيقية أعضاؤها غارقون في بحر من النغم الأصيل يعزفون بانهماك فيه ملامح روحانية وعشق وإجلال لفنهم فلا تملك إلا أن تنسى ما عداهم وتسلم أذنك ومشاعرك لهم.. وهذا ما حدث معي في رحاب “ فرقة الموسيقى العربية”... وإبداعها ومعاناتها. [c1]المسلمي .. يتحدث:[/c]كنت قد دعيت لحضور بروفات لاحتفالية يوم الوفاء التي أقمت في يوم الجمعة- 6 يناير 2009م في فندق “ ميركيور” والتي يتم خلالها تكريم عدد من الأسماء الإبداعية في مجال الغناء والموسيقى اليمنية بمبادرة “ شخصية” من الفنان اليمني المهاجر : خالد السعدي” والتي استقدم لأجلها عدداً من نجوم الفن العربي للمشاركة في إحياء هذا التكريم في يوم الوفاء الذي يراد له أن يكون تقليداً سنوياً ثابتاً! فجاءت المطربة الشعبية المصرية “ فاطمة عيد وزوجها الممثل شفيق الشايب والنجمة الراقصة “ نجوى فواد “ والفنانة “لمياء نصر” وهي قريبة الفنان الراحل عادل أدهم..!جاء جلوسي - مصادفة - إلى جوار رجل وقور بلباس عدني مميز أبرز مافيه “ طاقية زنجبارية ومعوز ملفوف بأسلوب لم يعد سائداً عند الأجيال الجديدة ونظارة شفافة
وكان يراقب العازفين بمزيج من الصرامة والحنان الأبوي والتدقيق الذي يشف عن خبرة موسيقية لا يستهان بها.. وحين علمت أنه الفنان / محمد عوض عبدالله المسلمي نجل الفنان الراحل المخضرم “ عوض المسلمي “ وجدتني مدفوعاً للدردشة معه فسألته:أنت المشرف على البروفات؟!قال: أنا رئيس الفرقة العربية للموسيقى التي ستحيي هذه الاحتفالية !. كيف جاءت فكرة يوم الوفاء هذه ؟ . قال: هي فكرة الفنان “ خالد سعدين” وقد طرحها علي أنا والأستاذ المبدع / عبدالله با كدادة في شهر رجب 2008م وتحمسنا لها لكن الاستعداد الأولي لها - التفاوض مع الفنانين العرب لاستقدامهم تم في سرية وبجهود شخصية من قبل “ سعدين” إلى أن تمت الموافقة فأرسلت لنا الفنانة فاطمة عيد “ C.D” يحوي بعض أغانيها قمنا بتحويله إلى كاسيت ثم تولى الفنان / جمال باشماخ عملية “ التنويت” تحويل الأغاني إلى نوته مكتوبة _ ليتسن للفرقة عزفها مع المطربة بأسلوب صحيح!قول أن التكريم “ فكرة شخصية” من قبل “ السعدي “ أليس لوزارة الثقافة علاقة به؟مهمة وزارة الثقافة إشرافية فقط والتكريم من قبل السعدي بدافع حبه للمكرمين وعلاقة زمالة ربطته معهم منذ زمن طويل.وبالنسبة لمكتب الثقافة بعدن؟. مكتب الثقافة بعدن لم يقصر والأستاذ عبدالله باكدادة هو “ الدينمو المحرك” لهذه الفعالية فقد تولى مهمة “ توفير مسكن النجوم الضيوف “ في فنادق ممتازة وتوفير كل مستلزمات الضيافة بصورة تستحق الشكر .. لكن ماعدا ذلك فليس للوزارة بصمات مباشرة !. وزارة الثقافة حالياً تقوم بالنزول إلى عدد من المحافظات الجنوبية لتكريم مبدعيها كمحافظتي “ أبين.. و” الضالع” .. لماذا لم يبدأ التكريم بمبدعي “ عدن” في رأيكم؟
. لا أدري رغم أني ومعي الأستاذ باكدادة قد طرحنا الفكرة على الوزير “ المفلحي” منذ عدة أشهر وكان ومتجاوباً ووعد خيراً .. لكن شيئاً لم يحدث حتى الآن رغم أن موسيقي عدن يستحقون التكريم عن جدارة بالنظر إلى حجم عطاءهم الإبداعي ومعاناتهم.. ما هي أبرز وجوه معاناتكم كموسيقيين؟. أولاً عدم الإنصاف في مسالة “ الأجور “ التي يتلقاها الموسيقي في عدن عن التسجيل الفني مقارنة بنظيره في العاصمة “ صنعاء” فالعازف في “ صنعاء” يستلم “ 3000” ريال مقابل الأغنية أما العازف في عدن فلا يحسب له سوى نصف القيمة يا بلاشاه أي “1500” ريال وهي مسألة مجحفة وغير منطقية!إهمال التسجيلات من قبل “ الفضائية اليمنية” بعد تسجيلها ووضعها على الغرف حتى ينساها الفنان ذاته ولا تبث حتى تكون قد فقدت رونقها وربما مناسبتها إضافة إلى التعنت في إجازة النصوص الغنائية وأشياء أخرى لا يتسع المجال لحصرها!. ألا تصرف للموسيقيين في عدن مكافآت من صندوق التراث كغيرهم؟! . تحدثنا في هذا مع الوزير المفلحي في احتفالية “ أكتوبر” لماضية و أيضاًَ وعدنا خيراً لكن كما قلت سابقاً لم يحدث شيء حتى الآن !. لو تحدثنا عن “ محمد عوض المسلمي” كمشوار باختصار ماذا تقول:
. أنا موسيقي أعزف على جميع الآلات الوترية.. أرأس الفرقة العربية للموسيقى وبدأت كعازف إيقاع مع والدي رحمه الله عوض عبدالله المسلمي منذ العام 1959م كنت مساهماً مع فرقة إنتاج الفنون الشعبية ثم تحولت إلى الثقافة ورأست فرقة إدارة الثقافة لي تجارب لحنية فقد لحنت للفنان “ عبد الكريم توفيق “لا تعض صبع الندامة” و” دمعة الأحزان” لكنه أصيب بالمرض أثناء البروفات فلم تر هذه الأعمال النور وغنت لي رويدا وروينا رياض .. أعترف لي بالحقيقة و” تمهل” وكذا غنى لي الفنان عباد الحسيني .. والفنان خالد وصفي “ كم أتعبوني”![c1]أعمل لأجل عدن[/c]هنا وصل الفنان خالد السعدي فاتجهت إليه وسألته : . كيف يحتفظ السعدي بكل هذا الحماس بعد “ الزوبعة” التي أثيرت حوله منذ فترة من قبل البعض للتشكيك في أهدافه من وراء أنشطته الفنية؟قال بهدوء : أنا لا أهتم بالأقزام .. لأني أعمل من أجل عدن وأريد أن يغني العالم كله لعدن وأريد أن تأتي كل النجوم العرب لكي يشاهدوا إبداع عدن ويغنوا له هذا كل ما يهمني. علمت أنك تعمل في البروفات رغم أن ظروفاً شخصية طارئة كانت كفيلة بعرقلة حماسك منها تعرض ابن كريمتك لأزمة صحية حادة ومفاجئة وهو طريح المستشفى؟!. أنا افصل تماماً بين عملي وظروفي الشخصية فحين أعمل أنسى حياتي الشخصية تماماً وحين أعود لحياتي الشخصية أنس العمل وهكذا ماذا عن وزارة الثقافة ودورها في هذه الفعالية أليس هناك تقصير؟ابدأً .. ليس هناك أي تقصير الجميع يعملون لإنجاح الفعالية وإذا كانت الوزارة لم تشارك بصورة مباشرة فمكتب الثقافة بعدن والأستاذ عبدالله باكدادة فعلوا كل ما يتوجب عليهم وبصورة رائعة والفعالية ناجحة ومبشرة وستصير تقليداً سنوياً دائماً إن شاء الله.. اكتفيت بهذه الحصيلة .. وعدت أستمتع بأنغام الفرقة التي دخلت وصلة راقصة مع صوت المطربة الشعبية المصرية فاطمة عيد!