غضون
* يقول مثل يمني: “أكلت حقي وحق صاحبي وأدركت نفسي تشاكلت”، وهو يقال للجشع الذي يأخذ حصته وحصة غيره وعندها فقط يحس أن حالته “تشاكلت” أو تحسنت!.. وما أكثر الأكالة في هذا البلد الذي يتزايد فيه الأنانيون والجشعون كما تتكاثر الدود في كل لحظة من لحظات التعفن وفساد البيئة.. هؤلاء الذين تملكوا في كل مدينة مساحات من الأرض هم الذين أخذوا حقهم وحقوق غيرهم وتسببوا في نشأة مشكلة الأراضي، وهؤلاء الذين يعمرون في كل مديرية قصرهم سبب حرمان كثير من الناس من حقهم في السكن.. لو كان هؤلاء من أصحاب السوابق في التجارة والغنى لهان الأمر، ولكنهم من محدثي النعمة وسراق المال العام ومستغلي وظائفهم العامة لخدمة مصالحهم، بدليل أن وزيراً أو وكيل وزارة يأتي إلى المنصب حراف نتاف وخلال عام واحد يصبح من جملة التجار والأثرياء.. أحدهم عين لرئاسة ذلك الجهاز المهم الذي تعرفونه وبعد عام أصبح صاحب فيللا تكاليف بوابتها وسورها وحدهما تكفي لبناء وحدة سكنية لموظفي الجهاز..* الذين لا يشعرون أن نفوسهم وأحوالهم تتشاكل إلا إذا أكلوا حقهم وحق غيرهم لن يكفوا عن جشعهم وأنانيتهم ولا عن استغلال وظائفهم لمصالح ذاتية بمجرد مواعظ ونصائح وتلويح بالعقاب، بل سيكفون عندما يشعرون أن سارق المال العام وناهب الملكية العامة عرضة للعقاب الحقيقي ومطالب برد المسروقات.* جاءت الثورة لتزيل التفاوت بين الطبقات فإذا بنا نجد أن التفاوت يزداد، ولو كان هذا التفاوت مرده إلى نشاط اقتصادي نظيف فالأمر يحتمل، لكن هذا التفاوت مرده إلى المال العام والملكية العامة، فعن طريق النهب والاختلاس والسطو نشأت طبقات جديدة من أهل الثروة والجاه.. إن المال العام والممتلكات العامة لا يصح أن تكون مصدراً للتفاوت والاضطراب الاجتماعي، فهي ملك للجميع ويجب أن توزع بين الجميع توزيعاً عادلاً.. خلاصته.. أوقفوا هؤلاء الذين يأكلون حقهم وحق الآخرين.