
وهو اليوم الذي يمثل لهم عيدا وطنيا حقيقيا يفخرون ويتفاخرون به؛ فقد كانت الثورة طريق شعبهم وأحراره للخلاص من المستعمر البريطاني ونيل حريتهم واستقلالهم في 30 نوفمبر عام 1967.
ففي ذلك اليوم الخالد، وبعد تضحيات عظيمة قدمها شعبنا، رفرف علم دولتهم الجنوبية المستقلة عاليا في سماء الوطن المحرر، بعد كفاح مسلح مجيد كان للجبهة القومية السبق والدور الرئيسي في تبنيه وخوضه مع بقية المنظمات الثورية الجنوبية الأخرى (جبهة التحرير والتنظيم الشعبي) وبمساهمات وطنية شعبية واسعة، ونخب سياسية واجتماعية وإعلامية كان لها حضورها الفاعل.
وقد مثل ذلك تتويجا مظفرا لمسيرة كفاح طويلة خاضها شعبنا ضد المستعمر البريطاني؛ وكانت سنوات الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين هي الأكثر تنوعا وتعددا لأشكال المقاومة.
الخروج من الوضع المأساوي مهمة وطنية ماثلة أمام الجميع:
هذه الاحتفالات وبالنظر للأوضاع المأزومة فإنها وبكل تأكيد ستأخذ هذا العام طابعا خاصا واستثنائيا، عنوانه التحدي والثبات والصمود في وجه كل المخاطر والمصاعب وسوء الأوضاع التي يعيشها شعبنا اليوم.
ولعل أبرزها وفي مقدمتها غياب الخدمات الضرورية لحياتهم ولو بحدودها الدنيا المقبولة (كهرباء ومياه وصرف صحي وتعليم وصحة)، ناهيك عن انقطاع المرتبات لأشهر عدة متتالية.
ولذلك، فإنه من المناسب التأكيد هنا - بل ومن الضروري - أن تتجاوز الاحتفالات مظاهر التخليد والفرح بذكرى عيد أكتوبر، إلى التفكير جديا بكيفية مواجهة هذه الأوضاع المأساوية، وبسبل مقاومتها والخروج منها وبأقل الخسائر الممكنة، وبخطوات وآليات عمل وطنية جادة لا تقبل المساومات والتأجيل، أو الانتظار أكثر مما قد سبق للحلول القادمة من خارج الحدود، والتي قد لا تأتي، والاعتماد على إرادة شعبنا وقراره الحر المستقل.
الدفاع عن التاريخ بالوفاء وثبات المواقف وصلابة الإرادة:
إنها مناسبة وطنية غالية كانت وستبقى خالدة في تاريخ ووجدان شعبنا الجنوبي العظيم، ورمزا للحرية والشموخ الوطني الذي يجسد أصالة وإرادة هذا الشعب العاشق للحرية وصون الكرامة والدفاع عنها بشرف التضحيات.
فشعبنا اليوم حين يتهيأ للاحتفال بهذه المناسبة إنما هو تعبير عن روح شعب أصيل ومقاوم لكل أشكال الظلم والاستبداد والتنكر لحقوقه وتاريخه، ومحطة للأمل المتجدد في نفوس كل أحرار الجنوب التواقين لمعانقة المستقبل الجدير بآمال وتضحيات شعبهم.
ولأن ثورة الجنوب قد كانت ثورة للتحرر والدفاع عن الكرامة الوطنية، فإنها ستبقى عنوانا بارزا ومضيئا في طريق الكبرياء الوطني، الموشح بالصمود والثبات والتضحيات.
الاحتفالات.. رسائل وطنية جنوبية متعددة الاتجاهات والأبعاد:
ولعل نجاح هذه الاحتفالات بدلالاتها ورمزيتها ورسائلها، إنما تمثل تأكيدًا على أن راية أكتوبر ستبقى شعلة متوهجة في مسيرة الأجيال المتعاقبة من أحرار وحرائر الجنوب، الذين يواصلون اليوم طريق المجد في لحظة تاريخية مفصلية حتى استعادة دولتهم الجنوبية.
إن ما يثير الفرحة والاعتزار ويبعث على الثقة كذلك، أن جيل الشباب من الفتيان والفتيات هم من سيمنحون احتفالات هذا العام 2025م روح التحدي ونبض الصمود، ويرسمون بوفائهم لوحة ملونة زاهية تليق بالذكرى، وتمنح الحاضر قوة دفع وطنية واثقة بقرب يوم الخلاص الذي أصبح أقرب من أي وقت.
وأخيرا.. نقول لكل أهلنا في الجنوب بأن التفاعل مع فعاليات ثورة 14 أكتوبر المجيدة إنما هو تعبير عن روح الانتماء الوطني للجنوب، وهو لذلك يتقدم على أي رأي أو موقف سياسي. فالمواقف تتغير ويبقى الجنوب “الوطن” هو الثابت.