مسؤولون جنوبيون: العليمي وحكومته «لا تمتلك أي سلطة فعلية» وقراراتهم من المنفى تستهدف الموانئ وطرد المواطنين





- مراقبون: التصعيد يُظهر تناقضاً في السياسات ويهدف إلى التأثير على المشهد الأمني والسياسي في الجنوب
- المستشار الإماراتي عبدالخالق عبدالله: الهجوم العسكري الصارخ على ميناء المكلا ليس بطولة.. ورئيس المجلس الرئاسي فقد شرعيته
- اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك: شعب حضرموت والجنوب لن يركع أو يقبل المساومة على أرضه وثرواته
عدن / 14 أكتوبر/ خاص :
شن الطيران السعودي، فجر يوم أمس، سلسلة غارات جوية غير مبررة استهدفت ميناء المكلا في محافظة حضرموت، ما تسبب بأضرار كبيرة في الميناء والممتلكات الخاصة في المناطق المجاورة، وأثار حالة من الهلع والذعر بين المواطنين، لا سيما النساء والأطفال. وأكدت مصادر محلية أن هذه الغارات جاءت تحت ذرائع واهية، بعد أيام قليلة من غارات مماثلة في وادي وصحراء حضرموت، حيث تواصل القوات الجنوبية الحكومية جهودها لتأمين الوادي بعد تحريره من مليشيا الإخوان، وقطع خطوط إمداد السلاح الإيراني لمليشيا الحوثي الإرهابية.
ويشير مراقبون إلى أن هذا التصعيد العسكري غير المبرر على الموانئ والبنى المدنية في حضرموت، يعكس رغبة خارجية في التأثير على المشهد الأمني والسياسي في الجنوب، ويزيد من حالة الاستياء الشعبي، ما يعزز المطالبات بالإسراع نحو إعلان دولة الجنوب العربي، كخيار استراتيجي لحماية مصالح المواطنين وضمان أمن الموانئ والمرافق الحيوية.
وفي هذا الصدد أكد اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، أن شعب حضرموت والجنوب لن يركع أو يقبل المساومة على أرضه وثرواته، مشددًا على أن حضرموت أثبتت في كل المنعطفات التاريخية أنها أرض وعي ومسؤولية، وليست ساحة لتصفية الحسابات أو تمرير الرسائل العسكرية على حساب أمن المدنيين واستقرارهم، موضحاً أن الهجوم الصاروخي الذي استهدف ميناء المكلا يُعد فعلًا مرفوضًا ويمثل اعتداءً خطيرًا على مرفق حيوي محاط بأحياء سكنية، ولا يمكن تبريره أو تسويقه تحت أي مسمى وطني أو أخلاقي، مؤكدًا أن مثل هذه الأعمال لا تصنع نصرًا ولا تحقق أمنًا، بل تزعزع الاستقرار وتكشف خللًا جسيمًا في تقدير المسؤولية.
وأشار اللواء بن بريك إلى أن أبناء حضرموت والجنوب كانوا في طليعة من واجه الإرهاب وحمى السواحل وحافظ على الأمن عندما انهارت جبهات أخرى، معتبرًا أن استهداف المناطق الآمنة أو محاولة إرباكها يُعد تنكرًا لتضحيات جسيمة قُدمت دفاعًا عن الوطن وأمنه، لافتاً إلى أن حضرموت عبّرت بوضوح عن موقفها السياسي، من خلال تجديد التفويض الشعبي لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره الممثل الأقرب لإرادة الشارع الجنوبي والحامل لمشروع استعادة الدولة، مؤكدًا أن هذا التفويض جاء نتيجة تراكم طويل من الإخفاقات والفساد وتراجع ما يسمى بمنظومة الشرعية، التي فقدت مضمونها وتحولت بحسب تعبيره إلى غطاء لنهب الثروات وتهميش المواطنين.
وأكد نائب رئيس المجلس الانتقالي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي فقد صلاحيته السياسية والأخلاقية، وأن القرارات المنفصلة عن واقع الناس وأمنهم لا تملك أي مشروعية حقيقية على الأرض، مشددًا على أن الشرعية الحقيقية تنبع من الأرض وأهلها، لا من البيانات أو المكاتب المغلقة، مضيفا أن الالتفاف حول قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، يمثل ضرورة وطنية في هذه المرحلة الحساسة، لحماية الجنوب وتحصين حضرموت بوصفها عموده الاقتصادي والسياسي، داعيًا إلى اتخاذ قرارات جريئة تعيد تقييم الشراكات التي ثبت فشلها أو تورطها في إطالة الأزمات أو التخاذل في مواجهة القوى الانقلابية.
وشدد بن بريك على أن العبث بالثروات لا يقل خطرًا عن العبث بالأمن، مؤكدًا أن ثروات حضرموت حق أصيل لأبنائها، ولن يُسمح باستمرار نهبها أو الالتفاف عليها عبر شبكات فساد أو مصافٍ غير قانونية، موضحًا أن الجنوب الذي يتشكل اليوم هو جنوب الدولة والمؤسسات، لا جنوب الفوضى، مؤكداً على أن حضرموت آمنة ومستقرة بأهلها وقواتها المسلحة والأمنية الجنوبية، وأن أمن حضرموت والجنوب خط أحمر، محذرًا من أن أي مساس به سيُواجَه بحزم، ومؤكدًا أن إعلان دولة الجنوب العربي بات أقرب من أي وقت مضى، تفرضه إرادة الشعب وتثبته معادلات الواقع وتضحيات الجنوبيين.
وقال محمد عبد الملك الزبيدي، رئيس الهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت، إن ما شهدته حضرموت مؤخرًا «اعتداء غاشم على المحافظة وشعبها، وتدخل واضح في شؤون حياتهم»، متهمًا المملكة العربية السعودية بالوقوف خلف هذا الاعتداء المباشر، معتبراً أن ما حدث يمثل تدخلًا واضحًا في الشأن الحضرمي والجنوبي.
من جانبه، قال عبدالعزيز الجفري، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، إن «رشاد العليمي وحكومة اللاجئين يتوهمون أن لهم قرارًا على شعب الجنوب العربي العظيم وقيادته الأبطال»، مشددًا على أن هذه الجهات لا تمتلك أي سلطة فعلية على أرض الجنوب، وأن القرارات الصادرة من منفاهم تتضمن استهدافًا للموانئ الجنوبية وطردًا للمواطنين من أراضيهم، بينما القوات الإماراتية والمشاريع الإنسانية والخيرية في الجنوب تعمل لصالح الشعب، وليس لمصالح ضيقة أو حسابات شخصية.
وأكد الجفري أن الشعب الجنوبي يظل موحدًا خلف قيادته بقيادة عيدروس بن قاسم الزبيدي، مصممًا على المضي قدمًا نحو إعلان دولة الجنوب العربي، مستندًا إلى التضحيات الكبيرة التي قدمها في سبيل القضية، بما في ذلك الآلاف من الشهداء والجرحى، وموضحًا أن إرادة الشعب لن تهزم بغارة جوية أو استهداف للموانئ.
وحذر الشيخ هاني بن بريك من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى خسارة السعودية لأصدقائها، داعيًا إلى إنقاذ الملف اليمني من “العابثين الذين لا يريدون خيرًا للسعودية أو الإمارات أو الجنوب أو الشمال”. وأشار إلى أن القصف على ميناء المكلا يعزز حالة الالتفاف الشعبي حول قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ويزيد من عزيمتهم على الدفاع عن أراضيهم وحقوقهم.
مصادر في المجلس الانتقالي الجنوبي أكدت أن ما حدث في المكلا هو عدوان سعودي منفرد، وأن الهجوم يمثل مؤشرًا على انتهاء دور تحالف دعم الشرعية باليمن كما عرف في السابق، حيث أصبح من الصعب الحديث عن “تحالف عربي موحد” في ظل مثل هذه الاعتداءات التي تستهدف شركاء القوات الجنوبية الذين يقاتلون الإرهاب والحوثي في نفس الوقت.
وأوضح الصحفي ياسر اليافعي أن تنظيم القاعدة سيطر على المكلا عام 2015، وعبث بالميناء وموارده، وتحول إلى خطر حقيقي يهدد الأمن الإقليمي والدولي، ومع ذلك لم نسمع حينها حديثًا سعوديًا عن “الأمن القومي”، ولا رأينا قصفًا جويًا، ولا موقفًا حازمًا، ولا حتى مشاركة فعلية في الحرب عليه خلال عام 2016 بدعم من دولة الإمارات ومشاركة القوات الجنوبية. وتساءل: «كيف تصبح قوات نظامية، يُفترض أنها حليفة، تهديدًا لأمن التحالف القومي، بينما التنظيم الإرهابي ظل لأكثر من عام يسيطر على ساحل حضرموت دون تحرك أو إدانة؟».
وأضاف ياسر اليافعي أن ما جرى في ميناء المكلا لا يمت بصلة لعمل التحالف العربي في اليمن كإطارٍ جامع، بل هو استهداف مباشر لميناء جنوبي يُعد شريان حياة لأبناء حضرموت والمحافظات المجاورة، مشيرًا إلى أن التناقض في السياسات يوضح أن هناك حسابات أخرى لا علاقة لها بالأمن أو بمصالح أبناء الأرض.
وفي تعليق على التطورات الأخيرة، قال المستشار الإماراتي عبدالخالق عبدالله إن «الهجوم العسكري الصارخ على ميناء المكلا ليس بطولة»، معتبرًا أن رئيس المجلس الرئاسي اليمني «فقد شرعيته»، وأن بياناته أصبح «مكانها سلة النفايات». وأضاف أن الأحداث الأخيرة تكشف حجم التناقض في المواقف، حيث يتم توجيه الاتهامات للقوات الجنوبية التي تحارب الإرهاب وتحافظ على أمن المنطقة، بينما يُغض الطرف عن تهديدات التنظيمات الإرهابية السابقة.
وعلى الصعيد الشعبي، نفذ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة وصفت رشاد العليمي بمجرم حرب، معتبرين أن تصرفاته تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار في الجنوب العربي، فيما شهدت الساحات والميادين الجنوبية حالة كبيرة من التضامن الشعبي مع المجلس الانتقالي، وتأكيدًا على وحدة الصف والتمسك بالحقوق التاريخية للشعب الجنوبي.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا التصعيد العسكري على المنشآت الحيوية في الجنوب سيؤدي إلى إشعال مزيد من الاحتقان الشعبي، وزيادة المطالبات بالإسراع نحو استكمال المشروع السياسي للجنوبيين وإعلان دولتهم المستقلة، لضمان حماية مواردهم وشريان حياتهم الأساسي من التدخلات الخارجية، مؤكدين أن إرادة الشعب الجنوبي صلبة ولا يمكن كسرها بغارات جوية أو محاولات التلاعب بمصالحهم.
