14 أكتوبر/ خاص :
لقاءات / خديجة الكاف:
في كل عام يحتفي العالم بحملة 16 يومًا، بهدف زيادة الوعي العالمي بأشكال العنف المختلفة ضد النساء والفتيات، وتشجيع العمل على القضاء عليه. كما تسعى الحملة إلى:رفع مستوى الوعي بأشكال متعددة من العنف، مثل العنف الرقمي، والعنف الأسري، وزواج الأطفال، وختان الإناث ، وكذلك حشد الدعم لتغيير المواقف والسلوكيات التي تبرر العنف وتؤدي إلى التمييز ضد المرأة ، حشد الموارد عبر دعوة الحكومات والمنظمات والمجتمع الدولي لزيادة الاستثمار في برامج منع العنف والاستجابة له، المطالبة بالمساءلة ولفت الانتباه إلى استمرار العنف ضد المرأة والفتيات وتعزيز المساءلة.
من أجل إبراز مناسبة حملة مناهضة العنف ضد المرأة، أجرينا لقاءات مع عدد من الناشطات الحقوقيات، وإليكم التفاصيل:

- الإصغاء إلى النساء وإعطاؤهن حقوقهن كاملة دون تمييز
العنف عائق أمام تحقيق المساواة بين الجنسين
تحدثت الأستاذة سحر هزاع، محامية، عن أن 25 نوفمبر هو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وقد تم تحديد هذا اليوم من قبل الأمم المتحدة بهدف رفع الوعي حول مدى حجم المشكلات التي تتعرض لها المرأة حول العالم، مثل الاغتصاب والعنف المنزلي وغيره من أشكال العنف المتعددة.
وقالت: «في هذا العام، سيكون موضوع الحملة: (اتحدوا لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات)، بهدف تنشيط وتجميع وتأهيل جميع فئات المجتمع لإنهاء العنف ضد المرأة والفتيات في العالم أجمع»، مشيرة إلى أن مواجهة العنف ضد المرأة هي قضية حيوية وحقوقية تتطلب جهودًا مشتركة من المجتمع الدولي والحكومات والمجتمعات المحلية.
وأضافت قائلة: «تكمن أهمية مواجهة العنف في: حماية حقوق الإنسان، فالعنف ضد المرأة هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، ويجب مواجهته لضمان حقوق المرأة في العيش بسلام وكرامة، وتعزيز المساواة بين الجنسين، فالعنف ضد المرأة هو عائق أمام تحقيق المساواة بين الجنسين، ويجب مواجهته لتعزيز مكانة المرأة في المجتمع، وتحسين صحة المرأة، فالعنف ضد المرأة يؤثر سلبًا على صحتها النفسية والجسدية، ويجب مواجهته لتحسين صحتها، وأخيرًا أهمية تعاليم الدين في الحد من العنف ضد المرأة، فتعاليم الدين الإسلامي تحث على احترام المرأة وحمايتها من العنف».
وأكدت على أهمية التعامل مع المرأة بالعدل والرحمة من منطلق حقوق المرأة في العيش بسلام وكرامة، ويحرم إيذاؤها أو ظلمها، وكذلك حمايتها من الأذى الجسدي والنفسي.
وقالت: «توجد آليات عمل واجب توافرها للقضاء على العنف ضد المرأة، وهي كالتالي:
التشريعات والقوانين: يجب سن تشريعات وقوانين صارمة تُجَرِّم العنف ضد المرأة وتوفر الحماية لها.
التوعية والتثقيف: يجب نشر الوعي حول مدى حجم المشكلة وأهمية مواجهة العنف ضد المرأة.
الدعم والحماية: يجب توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وتوفير الحماية لهن.
التعاون الدولي: يجب تعزيز التعاون الدولي لمواجهة العنف ضد المرأة، وتبادل الخبرات والآليات الفعالة.
المشاركة المجتمعية: يجب إشراك المجتمع المحلي في مواجهة العنف ضد المرأة، وتعزيز دور الرجال في دعم المرأة.
إنشاء مراكز دعم للضحايا توفر الحماية والدعم النفسي والاجتماعي، وتدريب المهنيين في مجال الصحة والعدالة على التعامل مع ضحايا العنف، وإطلاق حملات توعية حول مدى حجم المشكلة وأهمية مواجهة العنف ضد المرأة، ودعم الدراسات والبحوث حول العنف ضد المرأة، وتوفير البيانات والإحصائيات الدقيقة اللازمة، والعمل على وجود حلول لها والحد منها».
التصدي للعنف ضرورة إنسانية ووطنية
وأشارت الأستاذة رانيا علي العزاني، ضابط المشاريع في منظمة السمو الإنساني للإغاثة والتنمية، إلى أن اليوم العالمي لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي لا يُعتبر يومًا عاديًا بالنسبة لها؛ لأنه يحمل في طياته رسالة أمل تذكّر الناس بوجود إنسانية مشتركة، ويجب على الجميع العمل معًا لحماية كل مستضعف بسبب جنسه أو إعاقته.
وأضافت قائلة: «إننا نسعى بكل جهودنا إلى أن نرفع من وعي المجتمع، وذلك من خلال الإصغاء إلى النساء وإعطائهن حقوقهن كاملة دون تمييز، لنعيش في مجتمع خالٍ من العنف يسوده السلام والوئام، مجتمع يحترم حق المرأة في العيش بكرامة، ويُقدّرها كإنسان وشريك أساسي في البناء والتنمية وتحقيق السلام والتعايش الإيجابي».
وأشارت إلى أن التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي ليس خيارًا متعدد البدائل، وإنما ضرورة إنسانية ووطنية حتمية، يجب على جميع الأفراد والجهات التضامن معًا لتحقيق سلام المرأة من خلال حمايتها من التعرض لأي شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، فهو لا يقتصر على العنف الجسدي فقط، وإنما تعددت أشكاله وانتشاره يسبب دمار الأفراد والمجتمعات في الوقت نفسه.
وأكدت على وجود آليات لمواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي: «لا يمكن مواجهة العنف ضد المرأة ما لم يتم تمكين المرأة من كافة الجوانب، فعندما تعرف المرأة ما لها وما عليها فإنها تكون قادرة على التصدي لأي عنف، وعلى العكس تمامًا بالنسبة للمرأة التي لا تدرك حقوقها، فتبقى أسيرة المجتمع والأسرة».
وقالت: «تمكين المرأة من أهم الآليات التي تساهم في حمايتها من أي شكل من أشكال العنف، فمثلاً: التمكين الرقمي للمرأة يمثل درعًا واقيًا لها لحماية نفسها من التعرض لأي تهديدات رقمية أو اختراقات أو ابتزاز إلكتروني وغيره، وتمكين المرأة اقتصاديًا يساعد المرأة في الحصول على الحرية المالية وحرية اتخاذ القرارات المرتبطة بها، وبالتالي لا تبقى رهينة الظروف التي تواجهها، كما أن مشاركتها في سوق العمل والمشاريع تُعزز من ثقتها بنفسها، وتُحسن من صحتها النفسية».
تواصل قائلة: «التمكين المعرفي للمرأة يعتبر مصدر قوة وإلهام لها، فالمرأة المثقفة تعرف حقوقها وليس من السهل انتهاكها، فمعرفتها بالقوانين والتشريعات يُمكّنها من المطالبة بحقوقها والدفاع عن نفسها متى ما احتاجت لذلك».
وأشارت إلى أنه يمكننا أن نعكس ما سبق على واقعنا من خلال تكثيف وتوحيد جهودنا كأفراد و كجهات عمل، وذلك بتعاون وتناسق في ظل القضاء على أشكال التمييز، حيث يمكننا أن نحقق الكثير من خلال العمل الجماعي والفردي أيضًا.
وقالت: «على سبيل المثال، يمكننا أن نحقق الكثير من خلال: عدم تجاهل علامات العنف من حولنا ومساعدة كل من لاحظنا تعرضه للعنف، وإيجاد مساحات آمنة تُمكّن النساء من الكلام دون خوف، تنشئة الجيل الجديد من الأبناء على مبادئ الاحترام كأساس لأي علاقة في الحياة، تقديم الدعم لصديقاتنا وقريباتنا وكل من شاركنا تجربته معنويًا وماديًا. كَمؤسسات، يجب المساهمة في توفير خطوط مساعدة ومراكز استشارة مجانية، وإدراج برامج التوعية بالعنف في المناهج الدراسية، والتركيز على أنشطة تدريب الكوادر الطبية والتعليمية على التعامل مع حالات العنف بطريقة صحيحة».
وأضافت قائلة: «المرأة إنسانة قوية ولا تحتاج إلى من ينقذها، بل يكفيها إتاحة الفرصة لها، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال تمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا ومعرفيًا وسياسيًا ورقميًا، فكما قال المثل: لا تُعطني سمكًا ولكن علمني كيف أصطاد. لا يجب أن نبحث عن طرق لحمايتها من العنف، ولكن يجب أن نعطيها مفاتيح الحماية، وبهذه الطريقة نحن لا نحميها من العنف فقط، بل نبني مجتمعًا قويًا ينعم الجميع فيه بحياة كريمة آمنة ومستقرة».
العنف يعرقل مسارات التنمية والتعايش
وقالت الأستاذة رانيا الحمادي، مُعدّة برامج بقناة عدن: «يُصادف العالم في 25 من نوفمبر اليوم الدولي لمناهضة العنف، وهي مناسبة تُسَلِّط الضوء على خطورة جميع أشكال العنف التي تهدد الإنسان وكرامته»، مؤكدة على أهمية تضافر الجهود المجتمعية والرسمية لمواجهتها.
وأشارت إلى أنه يأتي هذا اليوم ليذكّر بأن العنف ليس قضية فردية، بل ظاهرة تؤثر على استقرار الأسرة والمجتمع، وتعرقل مسارات التنمية والتعايش، مضيفة أنه يتطلب لمواجهة العنف تعزيز الوعي، وتفعيل التشريعات الرادعة، وتمكين مؤسسات الحماية.
وأضافت قائلة: «نشر قيم الحوار والاحترام داخل الأسرة والمحيط الاجتماعي على المستوى الشخصي، يتجلى دور كل فرد في تبني سلوكيات إيجابية، ونبذ الإيذاء اللفظي والجسدي، ودعم من يتعرضون للعنف»، مؤكدة على أهمية وجود بيئة تسودها المحبة والمسؤولية، وبهذا يمكن للمجتمع أن يبني واقعًا أكثر أمانًا وسِلمًا، ويخطو بثقة نحو مستقبل خالٍ من الخوف والعنف.
وقالت في ختام حديثها: «أختم بقولي إن مناهضة العنف لا تبدأ من المؤسسات فقط، بل تبدأ منّا نحن، من طريقة تفكيرنا وتعاملنا، ومن إيماننا بأن كل إنسان يستحق أن يعيش بكرامة، في بيت آمن، وبلد خالٍ من الخوف، وإذا تبنّينا ثقافة اللاعنف في حياتنا اليومية، سنرى أثرها الحقيقي على المجتمع تدريجيًا: بيوت أكثر استقرارًا ومجتمعات أكثر تماسكًا، ووطن أكثر سلامًا».
التصدي للعنف يخلق مجتمعا آمنا ومستقرًا
وأكدت الأستاذة نسيم أحمد سالم، رئيس مؤسسة أرمان لتنمية المجتمع، على أن مواجهة العنف ليست مجرد قضية اجتماعية، بل هي شرط أساسي لبناء مجتمع آمن ومستقر ومنتج، وتتجلى أهمية التصدي للعنف في حماية الحقوق الإنسانية الأساسية، ومن آلياته: آليات قانونية وتشريعية في سن القوانين الصارمة التي تُجَرِّم العنف وتُعاقب مرتكبيه.
وقالت: «إن من المهم انتشار آليات واضحة للإبلاغ عن العنف وسرعة الاستجابة للقضايا، وعليه فإن مواجهة العنف ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي مسؤولية مشتركة تحتاج إلى قوانين قوية ووعي مجتمعي ودعم متكامل للضحايا وسياسات تمنع حدوث العنف من جذوره. القضاء على العنف ركيزة لبناء مجتمع آمن ومزدهر يقوم على العدالة».
وأضافت قائلة: «اليوم العالمي بالنسبة لي ليس مجرد تاريخ يُحتفل به، بل هو فرصة للتذكير والوعي والتغيير، وهو مساحة نسلط فيها الضوء على قضية مهمة قد لا تحظى بالاهتمام الكافي في بقية أيام السنة، بل هو يوم يمنح الفرصة لمن تعرضوا للعنف ليرفعوا أصواتهم ويُعبروا عن معاناتهم دون خوف أو خجل».
في الختام قالت: «بمعنى آخر، اليوم العالمي لمناهضة العنف يعني الأمل والكرامة والتضامن والعمل من أجل مستقبل لا مكان فيه للعنف ضد أي إنسان مهما كان عمره أو جنسه أو انتماؤه».
