.jpg)


.jpg)
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
تصدى الجيش السوداني، ، لهجوم عنيف شنته قوات "الدعم السريع" بواسطة المسيرات والمدفعية الثقيلة على قيادة الفرقة 22 مشاة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، التي تمثل آخر معقل للجيش في هذه الولاية الغنية بالنفط والمحاصيل النقدية.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن "الهجوم بدأ في الصباح الباكر باستخدام المسيرات والمدفعية الثقيلة بصورة مكثفة، فضلاً عن المركبات القتالية، إلا أن قوات الجيش المتمركزة في المدينة تعاملت معه بكل احترافية وكفاءة عالية، إذ تمكنت من ردع القوات المهاجمة وتوجيه ضربات قوية لها".
وأشارت المصادر إلى أن الجيش استخدم المدفعية الثقيلة في صد تلك القوات التي حاولت التقدم نحو الفرقة 22، التي تعد القاعدة الرئيسة للجيش بولاية غرب كردفان، وطردها إلى خارج محيط الفرقة.
وبينت المصادر ذاتها أن الجيش يحكم سيطرته على الوضع الميداني في المدينة، وأن قواته تواصل عملياتها الدفاعية لحماية المواقع الاستراتيجية وتأمين المدينة من أي تهديدات محتملة.
وبث أفراد من الجيش مقاطع فيديو من داخل المدينة يتحدثون فيها عن دحرهم القوات المهاجمة وانتهائهم من عمليات التمشيط في محيط المدينة.
ومنذ يناير 2024، تحاصر "الدعم السريع" مدينة بابنوسة من جميع الاتجاهات، وهاجمتها مرات عدة بهدف السيطرة عليها، لكنها فشلت في ظل دفاعات الجيش المستميتة عنها.
وظل طيران الجيش طوال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين يسقط إمدادات عسكرية وأدوية وأطعمة لقواته في بابنوسة.
وقالت غرفة طوارئ بابنوسة، إن المدينة باتت خالية من السكان تماماً بعد نزوح آلاف المواطنين إلى المناطق الآمنة في ولايات البلاد المختلفة جراء الاشتباكات المسلحة بين طرفي الحرب، فضلاً عن الحصار والأوضاع الأمنية المتدهورة.
وأعربت الغرفة في بيان عن أملها في عودة الحياة قريباً إلى المدينة التي حولتها الحرب إلى مدينة أشباح.
وتعد بابنوسة حلقة وصل حيوية في إقليم كردفان، إذ تقع على خط سكة حديد يربط ثلاث مدن رئيسة هي: كوستي في ولاية النيل الأبيض، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، إضافة إلى مدينة واو في جنوب السودان.
في الأثناء، أشارت منظمة الهجرة الدولية إلى نزوح نحو 2000 شخص من مدينة بارا بولاية شمال كردفان ومحيطها، التي تسيطر عليها "الدعم السريع" منذ 25 أكتوبر الماضي، نتيجة لتصاعد حالة انعدام الأمن.
وأوضحت المنظمة أن النازحين فروا إلى مناطق مختلفة بمحلية أم درمان في ولاية الخرطوم، ومحلية شيكان في شمال كردفان، مشيرة إلى أن الأوضاع في المنطقة لا تزال متوترة وغير مستقرة.
ويأتي هذا النزوح في أعقاب سلسلة من موجات النزوح في محليات بارا وشيكان والرهد وأم روابة وأم دم حاج أحمد بولاية شمال كردفان، والتي قدر عدد نازحيها بنحو 38,990 شخصاً بين 26 أكتوبر و9 نوفمبر 2025.
وفي محور دارفور، يواصل آلاف الأشخاص نزوحهم من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، على رغم من انعدام الأمن في الطرق، وفق ما ذكرت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة. بينما تشير مصادر ميدانية إلى أن قوات "الدعم السريع" تحتجز أكثر من 50 ألف مدني في خمسة مواقع رئيسة داخل المدينة وتمنعهم من مغادرتها، في وقت صادرت فيه أجهزة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" والهواتف المحمولة في محاولة لعزل المحتجزين عن العالم الخارجي.

كما أفادت منظمة الهجرة في بيان بأن 7,075 فرداً إضافياً نزحوا من الفاشر بسبب تزايد انعدام الأمن، مشيرة إلى أن النازحين يفرون إلى محليات طويلة ومليط وسرف عمرة في شمال دارفور.
وأكد البيان أن النازحين الجدد الذين فروا من الفاشر خلال الفترة من الخامس إلى الثامن من نوفمبر الجاري رفعوا عدد الفارين من المدينة إلى 88,892 شخصاً منذ سيطرة "الدعم السريع" عليها.
ونزح أكثر من مليون شخص من الفاشر منذ بدء هجوم "الدعم السريع" عليها في 11 مايو 2024، معظمهم فر إلى منطقة طويلة التي تؤوي حالياً نحو 665 ألف نازح، فيما لجأ الباقون إلى مناطق متفرقة في دارفور وإلى الدبة في شمال السودان.
إلى ذلك، أوضحت شبكة أطباء السودان أن قوات "الدعم السريع" قامت بـ"جمع مئات الجثث من شوارع الفاشر وأحيائها، ودفنت بعضها في مقابر جماعية، فيما أحرقت مجموعة من الجثث لإخفاء جرائمها بحق المدنيين".
وعدت الشبكة في بيان ما جرى من حرق للجثث ودفنها في مقابر جماعية جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان تمارسها "الدعم السريع"، ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف الدولية والدينية التي تحرِّم التمثيل بالجثث وتمنح الموتى حق الدفن بطريقة تحفظ كرامة الضحايا.
ودان البيان ما سماه بالجرائم المروعة، محملاً قيادة "الدعم السريع" المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر، لافتاً إلى أن هذه الجرائم لن تمحى بالتستر أو الحرق.

وحث البيان المجتمع الدولي على التحرك الفوري والعاجل لفتح تحقيق دولي مستقل في ما يجري في الفاشر، خصوصاً أن الأوضاع في المدينة تجاوزت حدود الكارثة الإنسانية إلى جريمة إبادة ممنهجة تستهدف الإنسان في حياته وكرامته.
من جهته، أكد القائد العام لقوات "درع السودان"، أبو عاقلة كيكل، أن قواته ماضية بإصرار وعزم لا يلين نحو تحرير مدينة الفاشر واستعادة كل شبر من أرض السودان.
وقال كيكل في تصريحات صحافية، "قواتنا ستظل ثابتة في مواقع القتال ولن تتراجع مهما كانت التضحيات، وستكون معارك الفاشر مرحلة حاسمة في مسار استعادة السيادة الوطنية ودحر الميليشيات المتمردة، ومؤكداً أن النصر بات قريباً".
وتابع، "لن تحيد قوات درع السودان عن مبادئها الوطنية وماضية في أداء واجبها المقدس دفاعاً عن البلاد وأمنها ووحدتها"، مشدداً على أن "معنويات المقاتلين في الميدان مرتفعة وأن ساعة الحسم تقترب يوماً بعد يوم".
في تصعيد متواصل، تعرضت مدينة الدمازين، عاصمة إقليم النيل الأزرق، أمس الأحد، ولليوم الثاني على التوالي، لقصف جوي نفذته طائرات مسيرة تابعة لـ"الدعم السريع" استهدفت أحياء متفرقة من المدينة، مما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بجروح متفاوتة، فضلاً عن حالة من الهلع والخوف بين السكان.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الدفاعات الأرضية للجيش تصدت للهجوم وتمكنت من إسقاط المسيرات الانقضاضية قبل وصولها إلى أهدافها، موضحة أن القصف استهدف أحياء المطار وأركويت.

وأشار شهود إلى أن القصف الأخير على المدينة تسبب في إصابة ثلاثة مواطنين نقلوا إلى مستشفى الدمازين لتلقي العلاج، لافتين إلى أن أصوات الانفجارات أحدثت حالة من الذعر وسط الأهالي، خصوصاً بين الأطفال والنساء، في ظل غياب واضح للإجراءات الوقائية أو التحذيرات المسبقة.
وباتت الدمازين من بين المدن التي تتعرض باستمرار لهجمات متكررة بالمسيرات الانقضاضية.
