الشريعة الإسلامية تحرم قتل النفس


14 أكتوبر/خاص:
لقاءات/ خديجة الكاف- نغم جاسم :
الانتحار هو رد فعل مأساوي لمواقف الحياة المجهدة ، ولا يوجد سبب واحد وراء محاولة أي شخص للانتحار، ولكن هناك عوامل تزيد من خطر الانتحار وغالبا تكون بسبب اضطراب نفسي مثل الاكتئاب أو الإدمان او الصعوبات المالية أو موت شخص عزيز وكدلك المشكلات في العلاقات الشخصية. ومن أجل إبراز دور الأمهات في توعية أبنائهن بأهمية الحياة وكيفية الحفاظ عليها وعدم اللجوء إلى الانتحار، التقت صحيفة 14 اكتوبر بعدد من الأمهات والمربيات وإليكم أحاديثهن:

أمهات ومربيات يتحدثن عن أسباب انتحار بعض الشباب
البطالة
تقول أم أحمد ربة بيت : «إن الشباب في هذه الآونة يعيشون اياما صعبة للغاية في ظل البطالة المنتشرة في أرجاء الوطن واصبحوا قلقين على مستقبلهم المظلم، فالشباب بمجتمعنا يعانون من ضغوطات كثيرة منها مادية ومعنوية».
واضافت: « فيلجأ الشاب المنكسر والذي لم يستطع تحقيق أحلامه الكبيرة التي حطمها الواقع المرير إلى فكرة الانتحار والذهاب إلى العالم الآخر إما بسبب ضعف الوازع الديني أو بسبب اكتئاب شديد أصيب به أدى به إلى الاقدام على هذه الخطوة التي يحرمها ديننا الإسلامي الحنيف ».
وتابعت: «يجب على الجهات المعنية توفير مراكز صحية توعوية واماكن للعلاج النفسي وبأسعار رمزية تقديرا لأوضاع الشباب فهم بدون عمل فمن يهتم بشأنهم».
وأشارت ام محمود إلى أن الكثير من الأمهات يضغطن على أبنائهن أثناء الدراسة والامتحانات من أجل التفوق الدراسي والحصول على درجات تؤهلهم للالتحاق بالجامعة المناسبة لطموحهم، ولكن قدرة الشاب العلمية و الاستيعابية ضعيفة والضغط عليه يؤدي إلى الخوف من المستقبل، وعدم قدرته على تحقيق حلم والديه يسبب له إحباطا وقلقا مزمنا .
ومن جانبها قالت ام ابراهيم : «إن كثيرا من الشباب يحدث معه نوع من الاحباط والاكتئاب أثناء فشله في أي علاقة عاطفية ويجد نفسه معرضا لبعض الأفكار السلبية وإذا لم يجد من يوجهه إلى الطريق الصحيح ستزداد الأفكار السلبية وتتحول إلى فكرة الهروب من الواقع وهذا سيجعله يفكر كيف ينهي حياته».. مشيرة إلى أن دور الأمهات كبير في توعية أبنائهن بأن الحياة لاتتوقف عند شخص، وان الله يعلم ماهو الخير لنا ومع من، وينبغي السعي وراء زرع الخوف من الله تعالى وعدم السماح للأفكار السلبية بالسيطرة عليهم» .
وتضيف : «وهكذا بعض الشباب أثناء تقديمهم للعمل في مرفق حكومي من اجل الحصول على الوظيفة المناسبة يشعرون بأنهم إذا فشلوا في الحصول عليها فإن العالم سيتوقف وبأنه لا قيمة لهم بهذا العالم، والخوف من المستقبل والقلق والتوتر النفسي يبدأ يسطر عليهم، كما أن بعض الأسر يضغطون على أبنائهم لفظيا بكلمات جارحة مثلا (انت شخص بلافائدة) (اذهب وابحث عن عمل)» .
واكدت على أن الأسرة لها دور كبير في الحفاظ على أبنائها بغرس الاخلاق الاسلامية بنفوسهم وإبعادهم عن المؤثرات الخارجية والأفكار السلبية التي قد تؤذي حياتهم، فقتل النفس محرم وعليهم توعية أبنائهم بأهمية الحفاظ على أنفسهم .
واما أم يوسف فقالت : «لم نكن نعرف أن الاكتئاب مرض حقيقي كنا نراه دلعا أو ضعفا في الإيمان. لو كنا عرفنا العلامات مبكرا، لو كنا أخذنا تقلبات المزاج الشديدة على محمل الجد وطلبنا مساعدة متخصصة، لربما تغير كل شيء».
وأشارت إلى أن أبناءنا وبناتنا هم ضحية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلادنا وعدم مقدرتهم على تحقيق أهدافهم وطموحاتهم يجعلهم يكتئبون وينعزلون عن واقعهم .
واكدت على انه يجب على الاسرة مساعدة أبنائها من أجل تحقيق أهدافهم وطموحاتهم وعدم السماح للإحباط بالسيطرة عليهم .
ومن جانبها قالت أم فادي: «ابني كان يتعرض للتنمر بسبب مظهره فهو يعاني من إعاقة بسيطة في يده حاول إخفاء الأمر عن زملائه فكان زملاؤه يضايقونه بكلمات والفاظ سيئة، وكان ابني الذي يدرس في الصف الثامن يعود كل يوم من المدرسة وهو يبكي مقهورا، وانا كأم اذهب الى المدرسة واقدم شكوى لإدارة المدرسة ولكن دون جدوى، فكرت كثيرا في نقل ابني إلى مدرسة أخرى ولكن نظرا لظروف المعيشة لم اتمكن من ذلك».
واضافت : «حاولت أن اشجع واغرس الثقة في قلب ابني وأنه يجب ألا يهتم بكلام الآخرين وهذا ابتلاء من رب العالمين، وبدأ ابني يتجاوز التنمر الواقع عليه وأصبح زملاؤه يحترمونه».
و أكدت على أن دور الأمهات ضروري جدا في كسر حاجز الصمت وتحويل المنازل إلى مساحات آمنة للحوار وأهم ما يجب عليهم التركيز عليه هو:
١ـالاستماع الفعال: لا تنتقدوا مشاعرهم، بل استمعوا لهم بتعاطف.
٢-يجب أن تكون التوعية بأضرار الاكتئاب والقلق جزءا من التعليم الأسري والمدرسي.
القرآن والسنة النبوية يحرمان الانتحار
الانتحار من أكبر الكبائر وقد قال الله عز وجل (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) النساء 29 (ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصلية نارا وكان ذلك على الله يسيرا)النساء 30 وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قتل نفسة بشيء عذب به يوم القيامة ويعتبر الانتحار من أكبر المعاصي في الدين الإسلامي وقد ورد في القرآن الكريم العديد من النصوص التي تحرم قتل النفس أو قتل الغير، وتتوعد من فعل ذلك بالعقاب في الحياة الآخرة، والانتحار من أقبح الكبائر، لكن عند أهل السنة والجماعة لا يكون كافرا إذا كان مسلما يصلي معروفا بالإسلام موحدا لله عز وجل مؤمنا به سبحانه وبما أخبر به . ولكنه انتحر لأسباب إما مرض شديد أو جراح شديدة أو أشباه ذلك من الأعذار، فهذا الانتحار منكر وكبيرة من كبائر الذنوب، لكنه لا يخرجه من الإسلام إذا كان مسلما من قبل ذلك، بل يكون تحت مشيئة الله مثل سائر المعاصي إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإسلامه وتوحيده وإيمانه، وإن شاء الله عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها وهي جريمة القتل .
أن المنتحر يعذب بالوسيلة التي انتحر بها، كما هو معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن من أسقط نفسه من أعلى جبل وكان بنيته قتل نفسه، فهو في نار جهنم على نفس الهيئة التي مات بها، ومن مات وهو يشرب سما يخلد في النار بنفس الهيئة أيضا .
لذلك على المؤمن أن يصبر ويستعين بالله تعالى ويعلم أن كل شدة تصيبه في الدنيا مهما كانت شديدة فإن عذاب الآخرة أشد منها .
الانتحار من المنظور النفسي والاجتماعي
تقول الاخصائية النفسية والاجتماعية نعمة منذوق : «الانتحار فعل معتمد لإنهاء الحياة، ويعتبر من أخطر المشاكل النفسية الاجتماعية في المجتمعات الحديثة، وغالبا يكون نتيجة تراكم المعاناة أو الشعور بالعجز أو فقدان الأمل، الانتحار فعل متعمد يسبقه تفكير متكرر وغالبا يكون مرتبطا باضطرابات نفسية أو ظروف غامضة» .
الأسباب الأكثر شيوعا
وتابعت منذوق : «نقدر أن نقول إن من أكثر الأسباب شيوعا هو شعور الشاب بالحزن الشديد وفقدان المعنى والعجز من الحياة، وهذه من أعراض الاكتئاب، كذلك المشاكل الأسرية مثل التفكك الأسري والإهمال العاطفي وسوء المعاملة والضغوط الدراسية والإحساس بالفشل، كل هذا قد يولد شعور العجز والعزلة، وأيضا التنمر الذي يؤدي إلى تدمير الثقة بالنفس والصدمات العاطفية وإدمان المخدرات الذي يزيد من تراكم الأفكار السلبية لدى الشخص وعدم مقدرته على التخلص منها ».
فيما يتعلق بالانتحار بين الشباب والشابات قالت : «نجد أن الشباب الذكور أكثر انتحار فعليا من الإناث لكن الإناث أكثر محاولة من الذكور، والسبب يعود لطريقة التنفيذ غالبا الذكور يستخدمون وسائل أكثر خطورة مثل الأسلحة والشنق، والمجتمع عادة يتوقع من الرجل أن يكون قويا ولا ينهار مما يؤدي إلى كبت مشاعره، بينما الفتيات يمتلكن شبكة دعم اجتماعي قوي مثل الصديقات والأسرة».
وتشير إلى أن : «هناك أسباب كثيرة للانتحار في بلادنا وبالذات في هذه الفترة وأغلبها يعود للضغوطات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلد وعدم مقدرة الأفراد على تلبية متطلبات الحياة البسيطة، فنجد أغلبهم يتخذون هذه الخطوة ظنا منهم بأنه هروب من الواقع المؤلم».
الدعم النفسي
واختتمت حديثها بالقول: لا بد أن نعرف بأن الشخص المنتحر هو ليس ضعيفا بل تعب من الألم النفسي الذي فيه، لذلك أنصحه بالتحدث مع صديق يثق به والحصول على الدعم النفسي والذهاب إلى اختصاصي نفسي والابتعاد عن العزلة، وفي الحالات الصعبة يمكن عرضه على طبيب نفسي حيث يتم صرف الأدوية المناسبة.
ختاما
الانتحار هو قضية معقدة تتطلب منا جميعا العمل معا لتقديم الدعم والمساعدة لأولئك الذين يحتاجون إليها، فمن خلال التوعية بقضايا الصحة النفسية، وتقديم الدعم النفسي، يمكننا أن نساهم في الوقاية من الانتحار وبناء مجتمع أكثر صحة وأكثر أمانا .
