14 أكتوبر تفتح ملف الأمن الدوائي في بلادنا



14 أكتوبر / خاص:
استطلاع: رياض مطر / تصوير : مروان الجنزير:
تولي دول العالم اهتمامها الشديد بضرورة الحفاظ على سلامة الأمن الدوائي كأحد عناصر الامن القومي المتعددة.
وبلادنا التي تعيش منذ عشر سنوات ظروف حرب لم تنته بعد، يعتبر الأمن الدوائي فيها تحديا إستراتيجيا يحظى باهتمام بالغ كغيره من التحديات الامنية الاستراتيجية، ما جعل الجهات المسؤولة تعمل على تذليل الصعوبات التي تقف في طريق توفير الدواء بأسعار تجعله في متناول كل مريض محتاج اليه.

- د. الباكري : الأمن الدوائي مستقر بالرغم من كل الصعوبات
- الأدوية المستوردة لا يسمح بدخولها إلا بعد موافقة مندوبينا في المنافذ الرسمية
- صناعتنا الدوائية ستغطي إن شاء الله 50% من احتياجاتنا من الدواء
- التهريب أبرز التحديات التي نواجهها
- الهيئة حددت تسعيرة للأدوية هدفها تخفيف الأعباء عن المواطنين

صحيفة ١٤ اكتوبر استطلعت الجهود الرامية للمحافظة على أن يكون هذا الامن في منأى من أي اهتزاز بالرغم من الحرب المستمرة والجوائح المرضية المتلاحقة، وذلك بالتزامن مع احياء بلادنا وكل دول العالم فعاليات الاسبوع العالمي للسلامة الدوائية الذي ينطلق اليوم الثالث من نوفمبر ويستمر لمدة اسبوع.
فكانت الهيئة العليا للأدوية والمعدات الطبية هي وجهتنا الاولى حيث كان في استقبالنا وبكل تواضع حارس هذه البوابة الدكتور عبدالقادر احمد الباكري المدير التنفيذي العام للهيئة الذي حدثنا باستفاضة عن الدور الذي تضطلع به الهيئة العليا للأدوية لتعزيز الامن الدوائي في المناطق المحررة من الوطن.
سألناه في بداية اللقاء عن واقع الامن الدوائي في البلد..
فأجاب :
الامن الدوائي في المناطق المحررة مستقر بالرغم من كل الصعوبات، نحن وضعنا منذ البداية خطة خمسية استراتيجية للهيئة، ايضا لدينا وثيقة السياسة الدوائية للأعوام 2024 - 2033م والتي وضعت فيها الاتجاهات الأساسية للسياسة الدوائية لوزارة الصحة احد الشركاء الرئيسيين في إنجاز هذه الوثيقة، والتي تتمثل بضرورة وجود الادوية وتوفيرها بجودة عالية وان تكون آمنة وبكميات كافية وان تكون موجودة في الوقت المناسب وبأسعار مقبولة.
مع وجود نظام للرقابة يضمن ان تستمر هذه الاتجاهات في كل الظروف التي تواجهها البلاد.
وكيف يسير هذا النظام الرقابي؟
يسير نظام الرقابة هذا بالشكل التالي:
المرحلة الاولى: تتمثل بعملية التسجيل..حيث نقوم بتسجيل المستوردين ومصانع الادوية والإجراءات المطلوبة قبل السماح بدخول الأصناف الدوائية.
وهي:
أولا وقبل أي شيء التأكد من أن هذه الأصناف الدوائية التي سيتم استيرادها قد خضعت لاشتراطات الهيئة العليا للأدوية التي نقدمها لمصانع الادوية التي في الخارج ويتم استيراد الدواء منها.
وماهي هذه الاشتراطات؟!
- أن تكون هذه الادوية قد مرت بدراسة ( ثبات) للمناطق الحارة وهي الدول العربية ومن ضمنها بلادنا. هذه الدراسة تضمن أن تكون هذه الادوية قادرة على ان تبقى في درجة حرارة 40 درجة مئوية ودرجة رطوبة 75 لمدة 6 أشهر دون ان يمسها أي تغيير.
- أن تنقل الادوية في ظروف مناسبة للنقل لأن مستوى تحمل الادوية لدرجة الحرارة مختلف من صنف إلى آخر..فهناك دواء يمكن نقله تحت درجة حرارة عادية، بينما هناك دواء آخر يحتاج أثناء نقله الى غرفة تكون درجة حرارتها من 30-25 درجة مئوية. وهناك اللقاحات والامصال التي تحتاج أثناء نقلها إلى غرف حرارة درجتها 20 درجة تحت الصفر. وهناك أيضا دواء يحتاج الى غرفة درجة حرارتها 70 درجة تحت الصفر مثل لقاح كيوفيد. فكل مادة دوائية لها خصائصها ومواصفاتها واشتراطات نقل خاصة بها.
فنحن مسبقا نعمل حسابنا أن يصل الدواء سليما الى يد من سيستخدمه، وان تصل الادوية في شروط نقل ممتازة. فمن الضروري ان تحفظ هذه الادوية أثناء نقلها في وسائل نقل الدواء في درجة حرارة معينة دون ان يصيبها أي ضرر. كما تشمل اشتراطاتنا لمصانع الادوية ان تكون الادوية القادمة منها الى بلادنا ان تتحمل ظروف درجة الحرارة التي قد تصل الى 40 درجة مئوية وذلك لكي يتحمل حالات عدم وجود ثلاجات. خاصة في الظروف التي نعيشها الآن من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وتوقف عمل الثلاجات في البيوت.
## وهل تتوقف المسألة عند هذه الاشتراطات؟
لا.. فبعد التحقق من استيفاء الدواء لهذه الاشتراطات.. ننتقل الى المرحلة الثانية من النظام الرقابي حيث يتم السماح بدخول الصنف الدوائي ويتم اخذ عينات منه في المنافذ الرسمية حيث لدينا مندوبون في جميع المنافذ الرسمية ويقومون بعملهم مع الجمارك التي تتعاون معنا بشكل كبير، بحيث لا يسمح بدخول الادوية الا بعد موافقة مندوبينا في هذه المنافذ الرسمية الذين يكونون قد قاموا بفحص عينات الادوية المراد ادخالها وتأكدوا من مطابقتها للجودة المطلوبة حسب المواصفات الاساسية والقياسية العالمية.
بعد ذلك يقوم مندوبونا بعملية فحص أخرى لهذه الأصناف الدوائية التي سمح بدخولها قبل ان تصل الى ايدي المواطنين بشكل واسع أي قبل تسويقها وتوزيعها.
ثم يبدؤون بالمرحلة الثالثة من النظام الرقابي:
فبعد ان تكون هذه الأصناف الدوائية قد أخذت طريقها الى الصيدليات والمراكز الطبية..يتم نزول فرق الرقابة والتفتيش التابعة للهيئة بشكل دوري على شركات ومصانع الادوية ووكالات بيع الادوية بالجملة واخذ عينات عشوائية وفحصها والتأكد من مطابقتها للجودة والمواصفات القياسية العالمية. فبوجود اي حالة شك في ان الدواء نزل بمواصفات غير مطابقة للمواصفات المطلوبة، يتم حجز الادوية واخذ عينات منها وفحصها وفي حالة ثبوت عدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة يتم مصادرتها في الحال.
مركز التيقظ الدوائي
واحب ان أضيف، وهذا هو المهم، وجود النظام الذي نشطنا بالقيام به منذ العام 2019م أي بعد عام من نقل الهيئة الى العاصمة المؤقتة عدن ..وهو إنشاء مركز «التيقظ الدوائي» أي رصد الآثار الجانبية للأدوية بعد استخدامها. حيث بدأنا بوضع برنامج اتصال لتبادل المعلومات عبر هذا المركز مع ضباط اتصال في الهيئات الدوائية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث اننا أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، نتبادل من خلال هذا البرنامج المعلومات مع لجنة التسجيل الخليجي وننسق معهم كل البرامج والانشطة التي تقوم بها المؤسسات الدوائية التابعة لهم.
وايضا نتبادل المعلومات مع مركز (اوبسالا) التابع لمنظمة الصحة العالمية للرقابة على الادوية.. حيث يتم اعلامنا عن أي آثار جانبية لأي دواء أو عدم مطابقة أي دواء للمواصفات الأساسية في أي بلد وأيضا ابلاغنا عن الادوية المغشوشة والمتدنية الجودة بحيث نقوم بمنع دخولها الى بلادنا والعكس حيث نستطيع أن نبلغ شركاءنا الخليجيين ومركز اوبسالا في حالة استلامنا بلاغات من المواطنين عن أي آثار جانبية تظهر لمواطن نتيجة تعاطيه أحد انواع الادوية فنقوم بابلاغها مباشرة اليهم بحيث يتداركون خطورة استخدام هذا الدواء في بلدانهم او اي بلد في العالم.
إضافة إلى ذلك لدينا برنامج خاص في الهاتف يتبع الهيئة، بالامكان من خلاله الاتصال والابلاغ مباشرة عن أي اثر جانبي قد يواجهه أي مواطن بسبب استخدامه لأحد اصناف الادوية، فيقوم بتحديد اسم الدواء والمعلومات المكتوبة وعمر وجنس الذي استخدمه فنستلم نحن هذا البلاغ ونقوم بالاجراءات اللازمة من معاينة وفحص الدواء وماسببه من آثار وفي حالة ثبوت أن ماتسبب به صحيح يتم مصادرته كليا.
وطبعا كل هذه الإجراءات اعطت المواطنين الثقة بأننا نأخذ بلاغاتهم بجدية، هذا مع العلم اننا اصبحنا نأتي بالمركز الثاني بعد المملكة العربية السعودية من ناحية السلامة الدوائية هذا بشهادة منظمة الصحة العالمية.
وهذا الشيء الجيد هو ثمرة تعاون وتنامي الوعي الصحي لدى المواطن؛ لأنه جزء مهم من الحلول الصحية في هذه العملية.
وطبعا لا انسى ان كل هذه المراحل التي تكلمت عنها يساعدنا في انجاحها وجود مختبر جيد مجهز بأحدث الأجهزة.. هذا إضافة إلى اننا نعكف على الانتهاء من مشروع بناء مختبر مرجعي سيكون إضافة نوعية وتطورا ممتازا سنتمكن من خلاله من إنجاز عملنا بشكل افضل وأسرع!
## ماذا عن علاقاتكم مع الهيئات الدوائية الإقليمية والدولية الاخرى؟
لدينا اتفاقات لمدة سنتين مع هيئة الدواء المصرية في مجال التأهيل والتدريب، إضافة إلى اننا سنكون أعضاء مؤسسين لهيئة الدواء العربية ( وعد ) التي يجري العمل على انشائها حيث تم اقرارها قبل عامين في اجتماع هيئة الدواء العربية في العاصمة السعودية الرياض، والآن تنتظر المراحل النهائية لإصدار وثيقة الدواء العربي من هذه الهيئة والتي سيكون لها إن شاء الله مردود إيجابي في تحسين هيئات الادوية في الدول العربية بشكل عام.
إضافة إلى علاقة التعاون التي تربطنا بمركز الأمصال بالسويد.
توطين الصناعات الدوائية
دكتور عبدالقادر ننتقل الى الصناعات الدوائية في بلادنا..ممكن أن نعرف إلى اين تسير حاليا؟
هذا سؤال مهم ..نحن لدينا في سياستنا الدوائية بند خاص بـ«توطين الصناعات الدوائية»، فطموحنا ان نتمكن خلال السنوات العشر القادمة إن شاء الله من ان تغطي الصناعة المحلية للدواء 50 % من احتياجاتنا من الادوية. فعدد المصانع قبل الحرب كانت 9 منها واحد في المناطق المحررة، حالياً لدينا في محافظة حضرموت ثلاثة مصانع منتجة ومصنعان شرعا في الإنتاج التجريبي، ومصنع في محافظة عدن بدأ الإنتاج التجريبي، ومصنع في محافظة الضالع ؛ ونتوقع أن الإنتاج الفعلي سيكون نهاية هذا العام أو بداية العام القادم وستكون بإذن الله سبعة مصانع جديدة في المحافظات المحررة.
وهناك مشاريع جديدة في طور الانشاء في عدن وحضرموت ؛ أي أن هناك إقبالا من المستثمرين اليمنيين على الصناعة الدوائية.
طبعا هناك اهتمام من القيادة السياسية بتشجيع الصناعة الدوائية محليا، وتمثل ذلك بتشكيل لجنة عليا لهذا الأمر التي رفعت إلى مجلس الوزراء تصورها بالاعفاءات والامتيازات التي ستقدم لمصانع الادوية وطبعا تنتظر قريبا قرارا في صالح عملية تصنيع الدواء.
إضافة إلى ذلك يتم الإعداد لإستراتيجية وطنية بعيدة المدى لتشجيع الصناعة الدوائية الوطنية، بحيث يكون لدينا صناعة قادرة على إنتاج ما لا يقل عن 50 % من احتياجاتنا للدواء.
## وماذا عن ادوية الامراض المستعصية؟
انتاج هذه المصانع يحتل مساحة واسعة كأصناف وكميات ، والشيء الجيد أنها بدأت بإنتاج أدوية للامراض المستعصية ذات جودة عالية منافسة لمثيلتها من الادوية المستوردة، وقد بدأت تحظى هذه الادوية بثقة عالية من قبل المرضى من المواطنين، ونحن ننظر الى الشيء الأهم في هذه العملية وهي الناحية الاستراتيجية في هذه العملية. فلو حصل أي ظرف ما كالحرب الذي لاتزال مستمرة والكوارث او انتشار اوبئة.. وانقطعت الاتصالات مع العالم فإن منتجاتنا الدوائية المحلية تكون موجودة بفضل هذه المصانع. فهذه المنتجات استراتيجية. نحن لاحظنا عند انتشار جائحة كوفيد كيف ان دولا كبيرة وصناعية اهتز امنها الدوائي.. انتم عشتم الفترة الماضية والى الآن نحن في حالة حرب لم تنته، وجاءت اوبئة من كوفيد وكورونا والكوليرا والحميات الأخرى..فهل شعرتم بان هناك نقصا أو عدم توفر للادوية؟
لا لم نشعر!
لذلك نؤكد بأن الامن الدوائي موجود وبالكميات الكافية، وهذا شبء ممتاز.
نظام تسعيري عادل
وكيف ستعالجون قضية ارتفاع سعر الدواء الذي يؤرق بال كل مريض؟
نحن نحرص دائما على أن يكون السعر معقولا وان يكون المريض قادرا على شرائه.
مؤخرا واستجابة للتوجيهات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء الأخ سالم بن بريك وقرار البنك المركزي بشأن تحديد أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني قامت الهيئة بتحديد تسعيرة للأدوية والمستلزمات الطبية المستوردة وان تكون ملزمة لجميع الشركات والمصانع الدوائية المحلية والمستوردين للدواء والصيدليات مع استمرار الهيئة العليا للأدوية بمتابعة التزام المعنيين ببيع الدواء بهذه التسعيرة. طبعا هذه الخطوة التي قمنا بها نستهدف منها الحد من التلاعب بأسعار الادوية وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين في ظل الاوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد.
وبالمقابل قامت الهيئة ممثلة بدائرة الرقابة والتفتيش قبل أيام باستقبال ومراجعة التظلمات المقدمة من عدد من مستوردي الادوية بشأن أسعار بعض الأصناف الدوائية التي شهدت انخفاضا ملحوظا تزامنا مع تحسن سعر صرف العملة الوطنية..وذلك تمهيدا لاطلاق نظام تسعيري عادل يضمن عدم احداث أي ضرر مالي لمستوردي الادوية وملاك الصيدليات وتوفير الادوية للمواطنين بأسعار مناسبة تتوافق مع المستجدات الاقتصادية الاخيرة.
تشريعات مشجعة للمستثمرين
ننتقل دكتور عبدالقادر الى التشريعات الخاصة بصناعة واستيراد وتسويق الدواء.. فهل هي مشجعة لمستوردي ومصنعي الادوية؟
بالنسبة للتشريعات نحن لا نستطيع مناقشتها حتى الآن ..ولكنها طرحت للنقاش من قبل اللجنة العليا التي شكلت من قبل مجلس الوزراء من خلال برنامج الاستثمار الذي يشتمل على مزايا إن شاء الله يستفيد منها المستثمرون في مجال تصنيع الدواء. ونقول إن توفر البيئة الآمنة مهم للاستثمار، ونأمل من الجميع ان يفهم ان المستثمر عبارة عن شريك أساسي يجب تشجيعه على أن يصنع وينتج في بلده وخاصة في هذه الصناعات الاستراتيجية.
وهل هناك تجاوب من الجهات الحكومية ذات العلاقة حول هذا الموضوع؟
نعم نجد كل التجاوب من هذه الجهات وخاصة هيئة الاستثمار التي تقوم بتعاملات مسهلة للمستثمرين. ونأمل حاليا ان يكون هناك نظام «النافذة الواحدة» لكل الجهات الرسمية ذات العلاقة الذي تم مناقشته في المؤتمر الصحي من قبل فريق متخصص بوجود وزير الصناعة والتجارة ورئيس هيئة الاستثمار، وهو نظام سيسهل للمستثمرين في مجال صناعة الادوية إنجاز معاملاتهم بشكل أسرع وافضل ، ايضا وجدنا تعاونا كبيرا من معالي وزير المالية الذي اصبح لاحقا رئيسا للوزراء الأستاذ سالم بن بريك عندما عالجنا مشاكل الإعفاءات التي تقدم بها أصحاب الصناعات الدوائية ومددت لهم فترة عام حتى يعالجوا مسألة الإعفاءات وكان هذا له أثر طيب وإيجابي على هؤلاء المستثمرين، وشعروا ان نشاطهم الصناعي يحظى بالاهتمام والدعم اللازم من الدولة.
تحديات التهريب
وماذا عن التحديات التي تواجه الامن الدوائي في بلادنا ؟
أستطيع القول ان ابرز التحديات التي نواجهها هي وجود الادوية المهربة والمغشوشة والمتدنية الجودة وهي مشكلة عالمية، فمنظمة الصحة العالمية تقدر 10 % من الادوية في العالم هي مهربة ومغشوشة ومتدنية الجودة والتي تقدر قيمتها بمائة مليار دولار في اوروبا وامريكا والعالم كله مع وجود فرق بين دولة وأخرى. ومع ذلك فإن هذه المشكلة موجودة عندنا ولكن ليس بالحجم الذي يشاع. فمن خلال دراسة بسيطة قمنا بها في العاصمة عدن تبين أن هذه المشكلة موجودة بنسبة 2 % - 3 % ، ونحن نعمل على الا تكون هذه النسبة موجودة في السوق. البعض يتساءل قائلا: ماهو دور الهيئة العليا للأدوية المسؤولة عن ادخال الادوية بصورة رسمية الى البلاد؟!
نحن نعمل على محاربة هذه الظاهرة، ولكن هذا العمل مهمة جهات متعددة .. وأيضاً هناك اجتماعات على اعلى مستوى للجان عليا لمكافحة التهريب سواء كان تهريب الادوية او المواد الأخرى التي تشكل خطرا على الامن القومي للبلاد كالمخدرات. أقول إن هذه المهمة مسؤولية الجميع وأنا بهذه المناسبة أحيي مصلحة الجمارك على اشتراكها معنا في مكافحة تهريب الادوية. وأكرر يجب علينا ان نتكاتف جميعا من أجل الحد من هذه الظاهرة وإنهائها.

شركاء التوطين الدوائي
بعد ذلك ذهبنا الى نموذج للشركاء الرئيسيين في عملية تحقيق الامن الدوائي وهم رأس المال الوطني الذي يقوم بصناعة الدواء محليًا. فكانت لنا زيارة الى مصنع الادوية التابع للشركة الدوائية الحديثة الكائن في بئر احمد.. والذي وصلنا اليه بسيارة الأستاذ عبدالقادر علوان مدير العلاقات العامة في الشركة.
دخلنا معه الى المصنع وكان في استقبالنا مرحّباً الدكتور عارف الشميري المدير التنفيذي للشركة، الذي عرفنا من خلاله ان إنتاج المصنع حاليا هو المضادات الحيوية بأنواعها الثلاث، الشراب الجاف (البودرة) والاقراص والكبسولات. فيما تستعد الشركة في المستقبل القريب لافتتاح المصنع الآخر الذي سينتج الادوية الصيدلانية الأخرى منها الشراب السائل والمراهم والتحاميل إضافة إلى الأقراص والكبسولات.
## سألنا الدكتور عارف عن مستوى جودة إنتاج مصنعهم المحلي من الدواء مقارنة بجودة الدواء المستورد؟
فأجاب: منتجاتنا من الدواء تتم وفق معايير عالمية التي تسمى بممارسة التصنيع الجيدة الـ( الچي إم بي) الموضوعة من قبل منظمة الصحة العالمية. وقد خضعت وحللت من سابق في مصانع عالمية للتأكد من جودتها بل ان بعض الشركات العالمية التي ازعجتها جودة ادويتنا ومنافستنا لها في السوق.. أخذت اصنافاً منها من السوق المحلية وقاموا بتحليلها علهم يجدون مايعيبها او أي خلل في تركيبتها أو صناعتها فوجدوها مطابقة للمواصفات العالمية.
نظرتكم دكتور عارف كقطاع خاص عن حاضر ومستقبل الامن الدوائي في البلد وخاصة المناطق المحررة؟
أشعر كقطاع خاص بتفاؤل عن حاضر ومستقبل الامن الدوائي في المناطق المحررة فمصنعنا والمصانع الموجودة محليًا اصبحت تمتلك الخبرات الكافية في مجال صناعة الدواء اكانت الخبرات التي تقوم بعملية التصنيع من الاختصاصيين - مهندسين، صيادلة، كيميائيين وغيرهم او بما لدينا من الآلات الحديثة الموجودة في مصانعنا، إضافة إلى ما اكتسبناه من خبرات تسويقية كل هذا جعل منتجاتنا من الادوية تنافس وتتفوق احيانا على الادوية المستوردة.
اختتمنا لقاءنا وقفلنا عائدين من حيث اتينا وكانت سيارة الأستاذ عبدالقادر علوان مدير العلاقات العامة في الشركة الذي اتينا معه، هي وسيلة عودتنا. ولكن بعد ان توصلنا إلى معرفة أن الجهود التي بذلت وتبذل في سبيل توفير الدواء وتحقيق الامن الدوائي تسير بخطى ثابتة بالرغم من كل الصعوبات التي تمر بها البلد، وهو مابدد الكثير من القلق الذي يعتري البعض هنا وهناك حول حاضر ومستقبل ملف الامن الدوائي في بلادنا.
