استأنف الجيش السوداني منذ أكثر من أسبوع عملياته لإبعاد "الدعم السريع" من المناطق التي يسيطر عليها في هذا الإقليم


الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
شهد عدد من المناطق بولاية شمال كردفان، وبخاصة قرب الأبيض ونواحي طريق الصادرات الرابط بين أم درمان وبارا، مواجهات ضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع" استخدمت فيها المدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة. وبحسب مصادر عسكرية فإن معارك عنيفة دارت بين الطرفين منذ صباح الباكر أمس الأحد باتجاه طريق الصادرات الحيوي قرب بلدة جبرة الشيخ التي تسيطر عليها "الدعم السريع"، كما قصفت مدفعية الجيش المنطلقة من قيادة الفرقة الخامسة – مشاة بصورة مكثفة حشوداً لـ"لدعم السريع" في منطقة العيارة، نحو 15 كيلومتراً غرب الأبيض، والتي سيطرت عليها الأخيرة، السبت، وأجبرت الجيش على الانسحاب إلى تخوم عاصمة شمال كردفان (الأبيض)، إذ وقعت مواجهات عنيفة في منطقة 13 في أطراف الأبيض قبل أن ينجح الجيش في صد الهجوم.
وأشارت المصادر نفسها إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح، بخاصة في جانب "الدعم السريع"، فضلاً عن تدمير مجموعة من العربات القتالية والاستيلاء على أخرى بكامل أسلحتها وعتادها، في حين فرت مجموعات من تلك القوات تحت ضغط الضربات الجوية والمطاردة المستمرة من القوات البرية.
واستأنف الجيش منذ أكثر من أسبوع عملياته في إقليم كردفان لإبعاد "الدعم السريع" من المناطق التي يسيطر عليها في هذا الإقليم، تمهيداً للوصول إلى إقليم دارفور وإنهاء حصار الفاشر، في المقابل تسعى الأخيرة إلى عرقلة تقدم الجيش.
وكان الجيش استعاد في الـ11 من سبتمبر الجاري السيطرة على مدينة بارا بولاية شمال كردفان ذات الموقع الاستراتيجي من قبضة "الدعم السريع"، التي كانت تسيطر عليها منذ الأشهر الأولى لبدء النزاع.
في الأثناء قال حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السودانية التي لها ثقل جماهيري كبير في إقليم كردفان، إن "مناطق شمال كردفان تشهد هذه الأيام تصاعداً خطراً في المعارك بين الجيش و(الدعم السريع)، إذ وصلت الاشتباكات إلى تخوم مدينة الأبيض المكتظة بالمدنيين، والتي تعد أكبر مركز للنزوح بإقليم كردفان"، وناشد الحزب في بيان طرفي النزاع تحكيم صوت العقل والامتناع عن خوض المعارك وسط المدنيين في مدينة الأبيض، ودعا المجتمع الدولي إلى ضرورة الإسراع في توفير الدعم الإنساني العاجل للمواطنين في هذه المدينة.
وتسبب التصعيد العسكري الواسع وتمدده هذه الأيام في مناطق عدة بإقليم كردفان، بخاصة النوبة، وأم صميمة، وكازقيل، وأم قرفة، والمزروب، وبارا بولاية شمال كردفان، في مغادرة عشرات الأسر نحو ولايتي شرق وجنوب دارفور، في وقت كانت فيه هذه المناطق تعد ملاذاً موقتاً للنازحين الذين فروا سابقاً من الخرطوم، مما أدى إلى موجة نزوح ثانية في أقل من عام. وأشار أحد النازحين الذين وصلوا إلى مدينة الضعين إلى أن غالبية الأسر التي وصلت إلى دارفور كانت قد نزحت قبل أشهر عدة من ولاية الخرطوم، واستقرت موقتاً في مناطق شمال كردفان، لكنها اضطرت إلى لفرار مجدداً بعدما امتدت العمليات العسكرية إلى تلك المناطق، ما جعلها غير آمنة للسكن. ورجح ناشطون أن يؤدي اشتداد القتال إلى مزيد من النزوح والتدهور في الأوضاع الإنسانية، بخاصة في ظل غياب أي مؤشرات إلى تهدئة أو وقف لإطلاق النار.
في محور دارفور تواصلت المواجهات بين الجيش وحلفائه من القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة ضد "الدعم السريع" في محاور عدة داخل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وأشار مواطنون إلى أن سكان المدينة استيقظوا صباح الأحد على وقع أصوات ودوي الانفجارات التي أحدثها القصف المدفعي العنيف من "الدعم السريع" باتجاه الأحياء السكنية الواقعة شمال المدينة، فضلاً عن محيط الفرقة السادسة - مشاة التابعة للجيش، مما أسفر عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى.
كذلك شمل القصف المدفعي مخيم أبو شوك للنازحين الواقع شمال مدينة الفاشر، مما أدى إلى فرار معظم سكان المخيم من منازلهم باتجاه مناطق أكثر أماناً، بعضهم على الأقدام، وآخرون يستخدمون وسائل النقل التقليدية.

ونوه متطوعون بأن معظم هؤلاء النازحين يواجهون أوضاعاً مأسوية، في ظل غياب كامل للمنظمات في العمل الإنساني، مشيرين إلى أن وتيرة العنف في المخيم أصبحت في تزايد مستمر منذ توغل "الدعم السريع" داخله في الـ11 من أغسطس الماضي، مما أدى إلى نزوح شبه كامل للنازحين بحثاً عن الأمن في بقية أجزاء المدينة، وآخرين إلى مناطق طويلة وكورما وجبل مرة.
وتدهور الوضع الإنساني في الفاشر نتيجة استمرار المعارك، وشح الغذاء، وانعدام الرعاية الصحية، جراء الحصار المفروض على المدينة منذ أبريل 2024.