


الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
بدأ الجيش السوداني تصعيداً قتالياً جديداً ومباغتاً في محور كردفان، إذ شن طيرانه الحربي هجوماً مكثفاً على مواقع قوات "الدعم السريع" في مناطق بارا وكازقيل وأم صميمة بولاية شمال كردفان في خطوة عسكرية وصفت بالأعنف منذ أسابيع.
وبحسب مصادر عسكرية فإن الهجوم الجوي استهدف مركبات قتالية ومواقع تتخذها الأخيرة مخازن سلاح، إذ تم تدمير عدد من المركبات بكامل أطقمها وتسليحها، فضلاً عن مقتل ما لا يقل عن 20 فرداً يتبعون "الدعم السريع".
وتوقعت المصادر احتدام المعارك في كردفان بعد تلقي قوات الجيش المرابطة في محاور الإقليم المختلفة توجيهات ورسائل حاسمة من قيادته العليا بإطلاق عمليات عسكرية واسعة في ظل التعزيزات العسكرية الضخمة، بخاصة في مجال التسليح والمقاتلين، إذ دفع الجيش خلال الفترة الماضية بتشكيلات مقاتلة متعددة إلى مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان بهدف التقدم نحو مدن كردفان الواقعة تحت سيطرة "الدعم السريع" وتحريرها من قبضة الأخيرة، والانطلاق منها صوب شمال دارفور لفك الحصار الخانق على مدينة الفاشر المستمر منذ مايو 2024، والذي خلف أوضاعاً إنسانية في غاية السوء.
يأتي هذا التصعيد متزامناً مع زيارة نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي إلى إقليم كردفان، حيث تفقد المواقع المتقدمة للجيش والقوات المساندة له من الحركات المسلحة، مؤكداً عدم توقف العمليات العسكرية إلا بالنصر واستسلام "الدعم السريع"، أو دحرها خارج حدود البلاد.
وكثف الجيش خلال الأسابيع الأخيرة ضرباته الجوية على مناطق شمال وجنوب وغرب مدينة الأبيض، إذ تتمركز قوات "الدعم السريع" منذ أشهر، بهدف تشتيت وإضعاف خطوطها تمهيداً لتقدم القوات البرية التابعة للجيش نحو مناطق جديدة تحت سيطرتها.
في حين خلفت العمليات العسكرية المتواصلة في إقليم كردفان موجة نزوح جديدة من المناطق التي تسيطر عليها "الدعم السريع" مثل كازقيل والحمادي والنهود والدبيبات نحو مدينة الأبيض ومدن أخرى بجنوب كردفان، ويواجه هؤلاء
النازحون أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد في ظل استمرار القتال لأكثر من عامين، مما أدى إلى تفاقم نقص الغذاء والدواء وغياب الخدمات الأساسية.

وكان الجيش تمكن في فبراير الماضي من فك الحصار عن الأبيض عبر عملية عسكرية كبيرة انطلقت من مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض تحت اسم متحرك الصياد.
وفي محور دارفور تواصلت المواجهات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إذ تبادل الطرفان القصف المدفعي باتجاه المواقع الاستراتيجية، فبادر الجيش بقصف مواقع "الدعم السريع" جنوبي المدينة، وردت الأخيرة بقصف مماثل تركز على نواحي الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش، فضلاً عن الأحياء السكنية الواقعة شمال المدينة بصورة عشوائية.
ووفقاً لمصادر عسكرية، فإن مسيرات الجيش كثفت ضرباتها على مواقع "الدعم السريع" في أطراف الفاشر، لا سيما في المحور الجنوبي الذي شهد توغلات سابقة للأخيرة، وأشارت إلى تمكن الجيش من استعادة مواقع استراتيجية كانت قد سقطت تحت سيطرة "الدعم السريع"، مما يعزز من احتمالات استمرار العمليات بالوتيرة ذاتها خلال الفترة المقبلة.
وعلى منصة "فيسبوك" قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن أكثر من 900 ألف مدني يعيشون بالفاشر بينهم نازحون بمخيمات زمزم وأبوجا وأبشوك ظلوا صامدين لمدة عامين بلا دعم أو غذاء، وأشار إلى أنه لا مجال للتراجع، وعلى الجيش والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة والمقاومة الشعبية العمل على فك الحصار الجائر عن الفاشر.

وعلى الصعيد الإنساني تتفاقم معاناة المدنيين المحاصرين داخل الفاشر وسط انعدام شبه كامل لوصول المساعدات والمواد الغذائية، إذ باتت جميع المنافذ المؤدية إلى المدينة مغلقة، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار ونفاد معظم السلع الأساسية، في ظل غياب أي حلول إنسانية عاجلة.
وتقول مصادر حكومية مسؤولة إن أكثر من 80 في المئة من مستشفيات الفاشر أخرجت عن الخدمة بسبب القصف المدفعي والقتال بالمدينة.