آلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين يلتحقون بالخدمة ورئيس الأركان يتصادم مع الوزراء




تل أبيب / غزة / 14 أكتوبر / متابعات:
كثفت إسرائيل اليوم الثلاثاء حشد قواتها مع بدء استجابة جنود الاحتياط لأوامر الاستدعاء، تمهيداً لإطلاق هجوم هدفه السيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر والمدمر بعد قرابة عامين من الحرب مع حركة "حماس".
وأفاد الدفاع المدني عن مقتل ما لا يقل عن 45 شخصاً في مختلف أنحاء القطاع منذ فجر اليوم، مع تكثيف إسرائيل منذ أيام القصف والعمليات على مدينة غزة، وهي الأكبر فيه. وتمضي تل أبيب في الخطة التي أقرتها للسيطرة على المدينة، على رغم تزايد الضغوط الدولية والداخلية التي تدعوها إلى إنهاء الحرب في غزة حيث أعلنت الأمم المتحدة المجاعة الشهر الماضي.
وتقدّر الأمم المتحدة بأن عدد سكان محافظة غزة التي تضم مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، يصل إلى نحو مليون نسمة، علماً أن آلاف السكان غادروا المدينة في شمال القطاع.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن نحو 40 ألف جندي احتياط سيلتحقون بالخدمة اليوم من أجل الهجوم على مدينة غزة. وذكر الجيش أنه يستعد من الناحية اللوجستية لاستيعاب جنود الاحتياط قبل الهجوم. وأوردت قناة "كان 12" أن موجة ثانية من أوامر الاستدعاء متوقعة في نوفمبر المقبل.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة "إكس" اليوم إن الجيش يقوم بـ"استعدادات لوجستية وعملياتية تمهيداً لتوسيع نطاق القتال وتجنيد واسع لقوات الاحتياط".
وكان وزير الدفاع يسرائيل كاتس وافق أواخر أغسطس الماضي على خطة الجيش للهجوم على مدينة غزة واستدعاء قرابة 60 ألف جندي احتياط.
وبحسب مسؤول عسكري إسرائيلي، فإن القوات التي ستقود المرحلة المقبلة من العمليات في غزة ستكون من القوات النظامية وليس من الاحتياط.

تضمن اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في وقت متأخر أول من أمس الأحد مشادات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزراء الذين يريدون المضي قدماً في الهجوم على مدينة غزة من جهة، ورئيس أركان الجيش إيال زامير من جهة أخرى، إذ يحث الأخير السياسيين على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال زامير إن الحملة ستعرض الرهائن للخطر وتضع مزيداً من الضغط على الجيش المنهك بالفعل، وفقاً لأربعة وزراء ومسؤولين عسكريين اثنين حضروا الاجتماع.
ويأتي ذلك بعد خلاف مماثل بين زامير وحكومة نتنياهو الشهر الماضي. وقال نتنياهو في الـ20 من أغسطس إنه أصدر تعليمات بتسريع الجدول الزمني للسيطرة على ما يصفه بآخر معاقل "حماس".
لكن مصدراً في دائرة نتنياهو ومسؤولاً عسكرياً ذكرا أنه خلال مناقشات جرت في الـ21 من أغسطس للموافقة على خطط الهجوم، حذر الجيش مرة أخرى من تعريض الرهائن للخطر وقال إنه لا يمكنه بدء الحملة قبل شهرين في الأقل.
وكان السبب الرئيس لدى الجيش الحاجة إلى مزيد من الوقت للجهود الإنسانية. إلا أن استطلاعات رأي أظهرت أن نسبة كبيرة من جنود الاحتياط غير راضين عن خطط الحكومة، إذ اتخذ بعضهم خطوة غير اعتيادية باتهام الحكومة علناً بأنها تفتقر إلى استراتيجية متماسكة حول غزة أو خطة لما بعد الحرب في القطاع أو مقاييس واضحة للانتصار.
وقال أحد جنود الاحتياط الذين يخدمون في غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023 لوكالة "رويترز"، متحدثاً شرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث علناً، "لا أشعر بأنني أقوم بأي شيء يضع ضغطاً كبيراً حقاً لحمل ’حماس‘ على إطلاق سراح الرهائن".
أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل وكالة الصحافة الفرنسية بسقوط "45 (قتيلاً) في الأقل في قطاع غزة منذ فجر اليوم جراء القصف الاسرائيلي".
ومن بين القتلى 13 شخصاً قضوا في "استهداف طائرات الاحتلال الطابق الأخير من عمارة تعود لعائلة العشي... غرب حي تل الهوى" جنوب غربي مدينة غزة.

وأظهرت لقطات عقب الغارة في حي تل الهوى، دماراً هائلاً في إحدى الشقق السكنية، حيث كان عمال الإغاثة والسكان يبحثون عن عالقين بين الركام قبل أن ينتشلوا جثمان طفل.
وقالت سناء الدريملي وهي من سكان الحي، "كنا نائمين في بيوتنا آمنين، صحونا على صوت القصف والدمار لنجد كل جيراننا (قتلى) وجرحى"، مضيفة أن "كلهم جثث هامدة، ما ذنب هؤلاء الأطفال، ماذا فعلنا لنتعرض لكل هذا".
وخارج مجمع الشفاء الطبي في المدينة، كان سكان يلقون نظرة الوداع على ضحايا الضربات الإسرائيلية الذين ملأت جثامينهم ثلاجة الموتى وأرضية الغرفة.
وفي معرض رده على طلب وكالة الصحافة الفرنسية التعليق على الحادثة، طلب الجيش الإسرائيلي تحديد التوقيت ومواقع الضربات بدقة، قائلاً إنه يحقق في تقارير عن مقتل أربعة أشخاص بنيرانه قرب مركز لتوزيع المساعدات (وسط القطاع).
ولا يمكن لوكالة الصحافة الفرنسية التثبت بصورة مستقلة من معلومات الجيش الإسرائيلي أو الدفاع المدني الفلسطيني في ظل القيود على عمل الصحافيين في غزة وصعوبة بلوغ المواقع المستهدفة.
والأسبوع الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي مدينة غزة "منطقة قتال خطرة" وأكد أن إخلاءها من سكانها "لا مفر منه".
واعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن إخلاءً جماعياً للمدينة أمر "مستحيل"، وأن خطط الإجلاء "ليست غير قابلة للتنفيذ وحسب بل لا يمكن فهمها".
واضطرت الغالبية العظمى من سكان القطاع الذين يزيد تعدادهم على مليوني نسمة، إلى النزوح مرة واحدة في الأقل خلال الحرب.

ودفعت الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة دولاً غربية، بعضها حليف وثيق لإسرائيل، إلى تغيير لهجتها بعد نحو 23 شهراً على اندلاع الحرب.
وبينما تزايدت الدعوات إلى وضع حد للقتال، أعلنت بلدان عدة عزمها الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في وقت لاحق من سبتمبر الجاري.