زيلينسكي يطالب بضمانات أميركية وأوروبية وستارمر يشيد بإحراز تقدم وماكرون يدعو لمواصلة الضغط على موسكو



واشنطن / عواصم / 14 أكتوبر / متابعات:
لم يحقق دونالد ترمب وفلاديمير بوتين أي اختراق في شأن أوكرانيا خلال قمتهما، أمس الجمعة، في ألاسكا، إذ لم يقدم الرئيسان الأميركي والروسي أي جديد حول وقف إطلاق نار رغم إشارتهما إلى نقاط توافق بينهما وتبادل إشارات المودة.
واليوم السبت، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي لم يكن مدعواً إلى القمة أنه سيتوجه إلى واشنطن، بعد غد الإثنين، للقاء نظيره الأميركي، مشيراً إلى أن الأخير أطلعه على "النقاط الأساسية" من محادثته مع بوتين.
وأفادت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت بأن ترمب أجرى "مكالمة مطولة" مع زيلينسكي أثناء عودته من ألاسكا في الطائرة الرئاسية التي وصلت إلى واشنطن.
واستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم السبت، وقفاً فورياً لإطلاق النار في أوكرانيا، مشيراً إلى أنه يدفع مباشرة نحو "اتفاق سلام"، وذلك غداة القمة التي عقدها مع بوتين في ألاسكا.
من جانبه قال الرئيس الأوكراني عقب المكالمة، إنه يجب ضمان الأمن بصورة موثوقة وعلى المدى الطويل، مضيفاً أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع زعماء أوروبيين بعد محادثات مع ترمب.
وتابع "أكدت لترمب ضرورة تكثيف الضغط على روسيا، وينبغي على أوروبا وأميركا تقديم ضمانات أمنية، ونحن في حاجة إلى سلام حقيقي وليس إلى توقف موقت للهجمات الروسية. القضايا المتعلقة بالأرض لا يمكن حلها إلا مع أوكرانيا".
وتوالت ردود الفعل الأوروبية التي بدت في مجملها مرحبة بلقاء ترمب وبوتين في ألاسكا، إذ أكد رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر، اليوم السبت، أن "جهود" الرئيس الأميركي دونالد ترمب "تقربنا أكثر من أي وقت مضى" من إنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك غداة القمة بين ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا.
وقال ستارمر في بيان "مع إحراز تقدم، يجب أن تكون الخطوة التالية إجراء مزيد من المناقشات" التي تشمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، موضحاً أنه "لا يمكن تحديد مسار السلام في أوكرانيا من دونه".
بدورهم قال قادة أوروبيون، السبت، إنهم مستعدون "لمواصلة الضغط" على روسيا من خلال العقوبات، غداة قمة ألاسكا. وجاء في بيان حمل توقيع القادة وبينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، "سنواصل تشديد العقوبات والتدابير الاقتصادية المحددة الأهداف، للتأثير في اقتصاد الحرب الروسي إلى أن يتم تحقيق سلام عادل ودائم".
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في بيان اليوم السبت إن روسيا لا تنوي إنهاء حربها في أوكرانيا "في أي وقت قريب"، لكن الولايات المتحدة تملك القدرة على فرض مفاوضات جادة.
وأضافت كالاس "أن عزم الرئيس الأميركي ترمب على التوصل إلى اتفاق سلام أمر بالغ الأهمية... يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطالة أمد المفاوضات ويأمل أن يفلت بذلك. لقد غادر أنكوريغ من دون تقديم أي التزامات"، في إشارة إلى مدينة في ألاسكا حيث عقدت القمة بين بوتين وترمب.
وقالت "الولايات المتحدة تملك القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية. سيعمل الاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا والولايات المتحدة".
بدوره قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان، إنه من الضروري مواصلة دعم أوكرانيا والضغط على روسيا. وأضاف أن فرنسا ستعمل مع الولايات المتحدة والشركاء في "تحالف الراغبين" لإحراز تقدم في مسار السلام الدائم مع ضمانات أمنية. وذكر أن تحالف الراغبين سيجتمع قريباً.
وأشادت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، اليوم، بنتائج القمة، وقالت في بيان "ظهرت أخيراً بارقة أمل لمناقشة السلام في أوكرانيا... إيطاليا تقوم بدورها، إلى جانب حلفائها الغربيين".
ورحب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، القيادي الأوروبي الأقرب إلى موسكو، السبت بالقمة بين ترمب وبوتين. وكتب على منصة "إكس" غداة انعقاد القمة، "لسنوات، شهدنا أكبر قوتين نوويتين تُفككان إطار تعاونهما وتتبادلان رسائل عدائية. لقد انتهى هذا الآن. اليوم، العالم أكثر أماناً مما كان بالأمس".
في المقابل، أعلن الرئيس الأوكراني اليوم السبت أنه سيتوجه الإثنين إلى واشنطن لمناقشة "إنهاء القتل والحرب" مع نظيره الأميركي. وأبدى زيلينسكي استعداد بلاده للتعاون البنّاء وتدعم عقد قمة ثلاثية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا.
وكتب زيلينسكي على منصة إكس، "أوكرانيا تؤكد استعدادها للعمل بأقصى جهد ممكن لتحقيق السلام". وأضاف "ندعم اقتراح الرئيس ترمب عقد اجتماع ثلاثي بين أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا. تؤكد أوكرانيا أن القضايا الرئيسة يمكن مناقشتها على مستوى القادة، وأن القمة الثلاثية مناسبة لذلك".
من جهته، ذكر مراسل "أكسيوس" على إكس، أن ترمب قال في الاتصال الهاتفي مع زيلينسكي إنه يعتقد أن اتفاق سلام سريعاً أفضل من وقف إطلاق النار.

من جهة أخرى، قالت وزيرة الدفاع التشيكية يانا تشيرنوخوفا اليوم السبت إن محادثات ترمب- بوتين في ألاسكا أظهرت أن الأخير لا يسعى إلى السلام ويريد إضعاف وحدة الغرب.
وكتبت على إكس، "لم تحقق محادثات ترمب وبوتين في ألاسكا تقدما كبيرا نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنها أكدت أن بوتين لا يسعى إلى السلام، بل هي فرصة لإضعاف وحدة الغرب ونشر دعايته"، مضيفة أنه يتعين على الغرب مواصلة دعم أوكرانيا.
ولم تسفر قمة ترمب - بوتين مساء أمس الجمعة عن أي اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا أو إعلان هدنة، على رغم أن الزعيمين وصفا المحادثات بأنها مثمرة.
وخلال ظهور لفترة وجيزة أمام وسائل الإعلام عقب الاجتماع الذي استمر قرابة ثلاث ساعات في ألاسكا، قال الزعيمان إنهما أحرزا تقدماً في قضايا غير محددة من دون ذكر تفاصيل. ولم يتلقيا أسئلة وتجاهل ترمب أسئلة الصحافيين.
وقال ترمب، وهو يقف أمام خلفية مكتوب عليها "السعي لتحقيق السلام"، "أحرزنا بعض التقدم". وأضاف، "لا اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق".
ولا يبدو أن المحادثات نتج منها مبدئياً خطوات ملموسة نحو وقف إطلاق النار في الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ 80 عاماً، وهو الهدف الذي حدده ترمب قبل القمة، لكن مجرد الجلوس وجهاً لوجه مع الرئيس الأميركي مثل انتصاراً لبوتين، الذي يواجه عزلة من القادة الغربيين منذ الحرب الروسية الشاملة ضد أوكرانيا عام 2022.
وضم اجتماع ترمب - بوتين أيضاً وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وستيف ويتكوف المبعوث الخاص لترمب إلى روسيا، ومستشار السياسة الخارجية الروسي يوري أوشاكوف، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وفي ختام تصريحاته أمس الجمعة، وجه ترمب حديثه لبوتين قائلاً "أود أن أشكركم جزيل الشكر، وسنتحدث إليكم قريباً جداً، وربما نراكم مجدداً قريباً جداً".
ورد بوتين باللغة الإنجليزية مبتسماً "المرة المقبلة في موسكو". وقال ترمب إنه قد "يتعرض لبعض الانتقادات بسبب ذلك"، لكنه "ربما يرى حدوث ذلك".
وفي أعقاب القمة، قال ترمب لـ"شون هانيتي" من شبكة "فوكس نيوز" إنه سيرجئ فرض رسوم جمركية على الصين بسبب شرائها النفط الروسي بعد إحراز تقدم مع بوتين، لكنه لم يأت على ذكر الهند، وهي مشترٍ آخر رئيس للنفط الروسي، وفرضت عليها الولايات المتحدة رسوماً جمركية إجمالية بنسبة 50 في المئة على سلعها، ومنها عقوبة بنسبة 25 في المئة بسبب مشتريات النفط من روسيا.
وقال ترمب في شأن الرسوم الجمركية على الصين، إنه "بسبب ما حدث اليوم أعتقد أنني لست مضطراً إلى التفكير في ذلك الآن". وأضاف، "قد أضطر إلى التفكير في الأمر بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أو ما شابه، لكن ليس علينا التفكير في ذلك الآن".
كان ترمب هدد بفرض عقوبات على موسكو لكنه لم ينفذها حتى الآن، حتى بعدما تجاهل بوتين الموعد النهائي الذي حدده ترمب لوقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي المقابلة مع "فوكس نيوز"، اقترح ترمب أيضاً عقد اجتماع الآن بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقد يحضره هو أيضاً. ولم يقدم مزيداً من التفاصيل حول الطرف الذي سيرتب للاجتماع أو موعده.
من جهته لم يشر بوتين إلى لقاء مع زيلينسكي عندما تحدث إلى الصحافيين في وقت سابق. وقال إنه يتوقع من أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين قبول نتائج المفاوضات الأميركية الروسية بصورة بناءة وعدم محاولة "عرقلة التقدم الناشئ". وكرر الرئيس الروسي الموقف الذي تتمسك به موسكو بضرورة القضاء على ما تصفه بأنه "الأسباب الجذرية" للصراع من أجل التوصل إلى سلام طويل الأمد، في إشارة إلى أنه لا يزال يرفض وقف إطلاق النار.
كذلك أشار ترمب، في أول لقاء بين الرئيسين الأميركي والروسي منذ بدء الحرب، إلى أنه ناقش مع بوتين إمكان تبادل الأراضي وتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا. وقال لـ"شون هانيتي"، "أعتقد أن هذه نقاط تفاوضنا في شأنها، وهذه نقاط توافقنا عليها إلى حد كبير". وأضاف "أعتقد أننا قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق... يجب أن توافق أوكرانيا على ذلك، ربما سيقولون لا".
وعندما سأله هانيتي حول ما سينصح به زيلينسكي، قال ترمب "يجب التوصل إلى اتفاق". وأضاف، "انظر، روسيا قوة كبيرة جداً، وهم ليسوا كذلك". ويقول المحللون إن الحرب أسفرت عن مقتل أو إصابة أكثر من مليون شخص من كلا الجانبين، بما في ذلك آلاف المدنيين، معظمهم أوكرانيون.
وكان زيلينسكي استبعد تسليم موسكو رسمياً أي أراض، كما يسعى إلى الحصول على ضمان أمني مدعوم من الولايات المتحدة. ويعود ترمب إلى واشنطن اليوم السبت.
وبينما كان ترمب وبوتين يجريان المحادثات ظلت الحرب مستعرة، إذ دوت صفارات الإنذار من الغارات الجوية في معظم مناطق شرق أوكرانيا. وأفاد حاكما منطقتي روستوف وبريانسك الروسيتين بتعرض بعض أراضيهما لهجمات أوكرانية بطائرات مسيرة.

وذكرت وكالة الإعلام الروسية اليوم السبت نقلاً عن وزارة الدفاع أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية اعترضت ودمرت 29 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل فوق مناطق روسية مختلفة، بما في ذلك 10 مسيرات تم إسقاطها فوق منطقة روستوف.
وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أن خطوط المواجهة في مناطق سومي ودونيتسك وتشرنيهيف ودنيبروبيتروفسك استهدفت في هجمات خلال الليل. وأضافت أن وحدات الدفاع الجوي التابعة لها دمرت 61 من أصل 85 طائرة مسيرة أطلقت.