قصف مدفعي عنيف على الفاشر والبرهان يتعهد فك حصارها قريبا

الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور معارك عنيفة بين الجيش وحلفائه من جهة، وقوات "الدعم السريع" من جهة أخرى باستخدام جميع أنواع الأسلحة، بخاصة المدفعية الثقيلة.
وبحسب شهود فإن تبادل القصف المدفعي المتواصل بين الطرفين أحدث حالاً من الذعر والخوف وسط سكان الأحياء الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية، وأسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة سبعة آخرين بجروح متفاوتة جراء قصف "الدعم السريع" على مخيم أبو شوك للنازحين.
وأشارت مصادر عسكرية إلى أن الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش تمكنت بمشاركة القوات المشتركة للحركات المسلحة ووحدات المقاومة الشعبية من إحكام السيطرة على جميع المحاور والمداخل المؤدية إلى مدينة الفاشر، بخاصة محور شنب الأسد الاستراتيجي.
وأفادت المصادر ذاتها بأن الطيران المسير التابع للجيش السوداني شن أيضاً غارات جوية على تجمعات ومواقع "الدعم السريع" في مناطق عدة من الأجزاء الشمالية والشرقية لولاية شمال دارفور شملت منطقة مليط، نحو 65 كيلومتراً شمال الفاشر، وبلدة الكومة نحو 75 كيلومتراً شرق الفاشر، إذ تسيطر قوات "الدعم السريع" على المنطقتين.
وقال حاكم إقليم دارفور بالإنابة مصطفى تمبور إن الوضع في الفاشر يتطلب تدخلاً عاجلاً وفورياً لإنقاذ حياة المدنيين. وأكد عقب اجتماع الآلية الوطنية لفك الحصار عن مدينة الفاشر الذي عقد في مدينة بورتسودان أن المنظومة الصحية والتجارية والإنسانية انهارت بالكامل بسبب الحصار ومنع القوافل.
وتفرض قوات "الدعم السريع" حصاراً خانقاً على الفاشر منذ مايو 2024 بعدما تمكنت من بسط سيطرتها على أربع ولايات من ولايات الإقليم الخمس.
في الأثناء قال المتحدث باسم القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة العقيد أحمد حسين مصطفى إن "الاعتماد على المرتزقة لغزو مدينة الفاشر لتنفيذ أجندة ميليشيات (الدعم السريع) وحلفائها، سيغير مجريات المقاومة ويجعلها أكثر شراسة مما مضى".
وبين مصطفى أنه "بعد كسر شوكت هذه الميليشيات ومقتل معظم قياداتها الميدانية المؤثرة في أسوار المدينة، باتت تعتمد على مرتزقة عابرين للقارات من كولومبيا وتشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا".
وأكد المتحدث باسم القوات المشتركة أن "عدداً من هؤلاء المرتزقة قد قتل، وما زال بعضهم يقاتل وسيجري القضاء عليهم قريباً"، لافتاً إلى أن "الإنسان الأجير لا يستطيع تحقيق غرضه".
وكشف الجيش في وقت سابق عن وجود مرتزقة أجانب يقاتلون إلى جانب قوات "الدعم السريع" في المعارك الأخيرة على المدينة، من بينهم مقاتلون من كولومبيا.
وعلق الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بدوره على المقاطع المتداولة والتحقيقات الصحافية المحلية والعالمية التي أثبتت وجود مرتزقة من كولومبيا في الفاشر، وقال إنه وجه سفيرة بلاده لدى القاهرة بالعمل على إعادة جثامين القتلى منهم.
وتسعى قوات "الدعم السريع" من خلال استعانتها بالمرتزقة إلى السيطرة على آخر معاقل الجيش السوداني في الفاشر وإحكام سيطرتها على إقليم دارفور.
إلى ذلك دعا مانحون دوليون طرفي النزاع في السودان إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين في شمال دارفور وكردفان وضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، فضلاً عن إنهاء الحصار المفروض على مدينة الفاشر من قبل قوات "الدعم السريع".
وأوضح بيان مشترك لممثلي عدد من الدول الأوروبية أن مئات الآلاف من المدنيين في الفاشر وما حولها يعيشون تحت حصار خانق منذ أكثر من عام، مما أدى إلى انقطاع طرق التجارة وخطوط الإمداد ومنع دخول المساعدات الإنسانية، وإغلاق المطابخ الجماعية بسبب نفاد الغذاء، وارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية.
ونوه البيان إلى أن المجاعة تفاقمت في مخيمات النازحين منذ أغسطس 2024، مع تسجيل وفيات تجاوزت 60 شخصاً خلال الأسبوع الماضي بسبب سوء التغذية، وسط تفشي وباء الكوليرا.
ولفت البيان إلى الانتهاكات الخطرة التي تمارس في حق المدنيين، بما ي ذلك العنف الجنسي والهجمات على البنى التحتية المدنية، إذ تفيد التقارير بمقتل أكثر من 1500 مدني في مخيم زمزم للنازحين في أبريل الماضي إلى جانب سقوط عشرات القتلى في هجمات أخرى، من بينها الهجوم الأخير على مخيم أبو شوك الذي أسفر عن مقتل 40 مدنياً في الأقل.
وحث البيان قوات "الدعم السريع" إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2736 الصادر عام 2024 ورفع الحصار عن الفاشر، والسماح بهدنة إنسانية تتيح وصول المساعدات وتأمين خروج المدنيين الراغبين في مغادرة مناطق القتال. كما طالب القوات المسلحة السودانية بتجديد موافقتها على الهدنة وفتح معبر أدري الحدودي بصورة دائمة وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية برفع العوائق الإدارية.
وأكد ضرورة السماح الفوري بدخول قوافل الأمم المتحدة وموظفيها الدوليين إلى السودان، بخاصة إلى دارفور وكردفان، لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية، مشيراً إلى أن حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية والمساءلة عن الانتهاكات أمور غير قابلة للتأجيل.
ووقع البيان ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وعدد من وزراء الخارجية، بينهم إسبانيا والنرويج والمملكة المتحدة وكندا والسويد وسويسرا واليابان، إضافة إلى النمسا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وعديد من الدول الأخرى.
على نحو مفاجئ، وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب زار قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أمس الجمعة منطقة رهيد النوبة في ولاية شمال كردفان التي استعادها الجيش من قبضة "الدعم السريع" أخيراً بعد مواجهات عنيفة بين الطرفين.
وقال البرهان لدى مخاطبته القوات المرابطة في مناطق العمليات المتقدمة في رهيد النوبة، "لقد حضرنا للسلام عليكم، وموعدنا الفاشر قريباً"، في إشارة إلى التقدم نحو ولاية شمال دارفور، وفك الحصار عن عاصمتها التي تشهد معارك ضارية ووضعاً إنسانياً مأسوياً.
ووجدت هذه الزيارة تفاعلاً كبيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبرها كثر دلالة قوية على أن كردفان على موعد مع حدث ليس عابراً، مؤكدين أن ظهور البرهان بين جنوده في الميدان، بل الخطوط الأمامية يعني أن عاصفة اقتلاع وهزيمة "الدعم السريع" أصبحت قاب قوسين وأدنى.