أثار افتتاح محل لبيع الحلويات في مطار عدن مؤخرًا حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض، وسط تساؤلات متعددة حول ما إذا كان هذا النوع من الأنشطة مناسبًا في المطار أم أنه يعكس صورة سلبية عن التنظيم في المرافق العامة، وبين الأصوات التي اعتبرت الخطوة تشويهًا لواجهة المطار، وتلك التي رأت فيها أمرًا طبيعيًا ومألوفًا عالميًا، يبقى من المهم التوقف عند جوهر المسألة بعيدًا عن الانطباعات السريعة.
ما يجب التأكيد عليه أولًا هو أن وجود أنشطة تجارية خدمية داخل المطارات ليس أمرًا مستحدثًا ولا مثيرًا للدهشة، ففي معظم مطارات العالم نجد متاجر بيع الحلويات المحلية و محلات الفواكه والهدايا بل وحتى «سوبرماركتات» صغيرة خاصة في الصالات العامة الواقعة قبل نقاط التفتيش والجوازات، و هذه الأنشطة تُعد جزءًا من تقديم خدمة للمسافرين ذهابا وإيابا وتوفر لهم خيارات سريعة ومريحة بل وتمثل مصدر دخل إضافي للمطار نفسه، لكن الفارق الحقيقي لا يكمن في وجود النشاط بل في طريقة تنفيذه، إن تم التخطيط له ضمن رؤية واضحة تحترم هوية المكان ووظيفته؟، وهل جرى اختيار الأنشطة وفق احتياج فعلي وتوزيع مدروس؟، وهل تم تصميم المساحات بطريقة تحافظ على انسيابية الحركة وعدم ازدحام الممرات؟.
التساؤلات هنا مشروعة ولا تقلل من قيمة الفكرة بحد ذاتها، فالمشكلة لا تتعلق ببيع الحلويات أو غيرها بل بكيفية دمج هذه العناصر ضمن بيئة المطار بما لا يخل بوظيفته الأساسية.
مطار عدن يمثل واجهة المدينة، والانطباع الأول عنه سواء للقادمين من الخارج أو من داخل البلاد، ومن الطبيعي أن يُنظر إلى كل تفصيل فيه على أنه جزء من صورة المدينة نفسها.
من هذا المنطلق فإن وجود محلات تجارية في المطار ليس خطأ بل يمكن أن يكون إضافة إيجابية بشرط أن يتم ذلك في إطار من التنظيم والتناسق بما يضمن الحفاظ على هوية المطار ويُحسن من خدمة المسافرين، فمن المهم أن تُصاغ مثل هذه الخطوات ضمن خطة عمرانية شاملة.
الخلاصة أن الجدل الدائر لا ينبغي أن يدور حول هل نسمح بمحلات أم لا؟، بل حول كيف نُنفذ هذه المحلات بطريقة مدروسة وفعالة؟، فمن حق عدن أن تملك مطارًا حضاريًا حديثًا يقدم خدماته بروح المدينة دون فوضى ودون مبالغة في الرفض أو القبول.
الانتقاد يجب أن يبقى وسيلة للتصحيح لا للتجريح، والفكرة في النهاية ليست محل حلويات أم لا، بل مطار منظم يعكس الصورة الحضارية لعدن كما تستحق.