مبادرة عراقية لمواجهة أحزاب مسلحة تمويلها غامض

بغداد / 14 أكتوبر / متابعات:
أطلقت 100 شخصية إعلامية وثقافية عراقية مبادرة «عراقيون» للتحذير من فقدان شرعية الانتخابات، بسبب ما وُصف بأنه «تغوّل الأحزاب ذات الأجنحة المسلحة والتمويل الغامض».
وتنشط مبادرة «عراقيون» منذ أشهر، وبالتزامن مع بدء حملات الأحزاب الانتخابية تحضيراً للاقتراع المقرر في نوفمبر 2025، وتركز على أهداف إصلاحية في القوانين والسلوكيات الديمقراطية.
ورغم الموعد المحدد لإجراء الانتخابات، فإن تكهنات غير قليلة ما زالت متداولة بشأن إمكانية تأجيلها تبعاً لمتغيرات إقليمية قد تحدث خلال الأشهر الخمسة المقبلة.
وطبقاً لإعلان المبادرة المطول، فإن مبعث إصداره يتمثل في «تراجع ثقة العراقيين بالعملية الانتخابية، والعزوف الشعبي المتزايد عن المشاركة».
ويحذر المبادرون والموقعون على البيان من أن «تفاقم فقدان الشرعية الشعبية للانتخابات سيؤدي إلى زعزعة أركان العملية السياسيّة برُمتها».
كما يحذرون من أن «إصرار قوى سياسية محدودة على احتكار السلطة، وتغول مالها السياسي، وعدم تطبيق قانون الأحزاب، وغياب صياغة عادلة لقانون الانتخابات، ستؤدي جميعها إلى إفراغ الديمقراطية في العراق من محتواها».
ويدافع المبادرون عن حق الناس في المشاركة، أو مقاطعة العملية الانتخابية، لكنهم ارتأوا إعلان موقفهم من «القضايا والأسباب التي قوّضت المشاركة الواسعة في الانتخابات، ووضعت علامات استفهام كبيرة على نزاهتها، وقدرتها التمثيلية أمام الجمهور العراقي، والرأي العام الدولي».
ويعترف أحد الموقعين على المبادرة بـ«صعوبة تبنّي القوى والأحزاب المهيمنة لبنودها». وقال إن «اعتراف القوى النافذة بها وتبنّيها يعني عملياً إزاحة معظم ممثلي تلك القوى عن المشهد السياسي، لكن الأمور تسير باتجاه خطير في البلاد، ولا بد من عمل شيء ما، ومن هنا جاءت المبادرة ولو بالحد الأدنى من التحرك».
يعتقد المبادرون أن عدم تطبيق قانون الأحزاب تسبب في «هيمنة قواعد عمل خفية تمنح الأحزاب المسلحة والممولة تمويلاً غامضاً قدرة أقوى من غيرها، ليس للفوز في الانتخابات فقط، وإنما للتحكم في صياغة النظام الانتخابي وقوانينه، بما جعل الحياة الحزبية في العراق تفتقر للعدالة والشفافية والعمل الحر».
وقانون الأحزاب تشريع أقرّه البرلمان العراقي عام 2015، لتنظيم عمل الكيانات والفعاليات السياسية، ويمنعها من الارتباط بتنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، أو التمويل الخارجي، ويشترط عدم تأسيسها على أسس عنصرية، أو طائفية، لكن ما يطبق منه حتى اليوم هو حظر الترويج لفكر حزب «البعث» المنحل.
ويرى الموقعون على المبادرة أن عدم تطبيق مواد من القانون التي تتعلق بـ«حظر الكيانات السياسية ذات الأجنحة والتنظيمات المسلحة» أدى إلى نشوء ظاهرة «الحزب المسلّح»، وقيام كيانات تجمع بين الموقف السياسيّ والسلاح والترشيح في الانتخابات ومقاعد مجلس النواب والعمل الحكومي.
كما أدى عدم تطبيق مادة تنص على «معاقبة إدارة أو تمويل الأحزاب غير المرخصة» إلى قيام حركات وتيارات عديدة بممارسة العمل السياسي بدافع الوصول إلى السلطة، من دون اكتساب الصفة الرسمية للحزب.
وأشار الإعلان إلى أن عدم تطبيق مادتين متعلقتين بالقضايا المالية والتمويل أدى إلى «عدم معرفة مصادر تمويل الأحزاب والحملات الانتخابية، بما في ذلك التمويل القادم من خارج البلاد، وقد بلغ الإنفاق الانتخابي عند بعض المرشحين ملايين الدولارات أمام مرأى دائرة الأحزاب في مفوضية الانتخابات، وديوان الرقابة المالية، والمؤسسات المعنية».
ويعتقد المبادرون أن عدم تطبيق المادة 25 من قانون الأحزاب أدى إلى «استغلال موارد الدولة من المسؤولين وأعضاء المجالس المنتخبة وولاة الأحزاب الحاكمة في الوزارات والمؤسسات والمحافظات في العمل السياسيّ، والحملات الانتخابية».
أشارت المبادرة إلى مجموعة من المشكلات المرتبطة بتعديلات قانون الانتخابات لعام 2018، وضمنها «التعديل المستمر» مع كلّ عملية انتخابية «بدافع من القوى الحاكمة للبقاء في السلطة».
كما انتقدت المبادرة اعتماد القانون لنظام معامل سانت-ليغو المعدل «1.7»، ورأت أنه «يحرم قوائم صغيرة من منافسة أخرى كبيرة تستحوذ على المقاعد، مما يهدر آلاف الأصوات، ويولد جمهوراً لا يجد ممثلاً له داخل البرلمان».
كذلك تحدثت عن «علامات اضطراب التعديل الأخير في أنّه يشترط بلوغ عمر المرشح 30 سنة، مخالفاً بذلك القانون الذي سمح بتأسيس الحزب السياسيّ لمن بلغ 25 سنة. هذا التناقض يبعث برسالة مفادها استبعاد الكفاءات الشابة، وأن الترشيح للانتخابات، بخلاف باقي الاستحقاقات، مُحتكر لجيل محدد».
وانتقدت المبادرة السماح للأشخاص المشمولين بارتكاب جرائم سرقة المال العام والإرهاب بالمشاركة في الانتخابات بعد العفو عنهم، وهذا يأتي مخالفاً للمادة 6 من قانون الانتخابات المعدل رقم 4 لسنة 2023.
كما تقترح المبادرة لمعالجة الاختلال الحاصل في العملية الانتخابية التطبيق الفوريّ لقانون الأحزاب، و«البدء بمراجعة شاملة لملفات الأحزاب المسجلة لتبيين مدى تطابق وجودها وعملها مع مواد هذا القانون، مع كشف ذمتها المالية بشكل كامل، وحظر الكيانات والأحزاب التي تمتلك قوى وأجنحة مسلحة».
إلى جانب إجراءات أخرى اقترحها المبادرون تتعلق باحتساب عدد الأصوات والعمر القانوني للمرشحين، وغير ذلك.