أمراض الصيف تنتشر و(الصحة) تدق ناقوس الخطر

- الأوبئة لن تُهزم بجهد وزارة واحدة.. والتكامل بين الجهات هو الحل
- انقطاعات الكهرباء والمياه الراكدة بيئة مثالية لتكاثر البعوض وتمدُّد الأوبئة
- 49 وفاة مؤكدة بحمى الضنك وعدن تتصدر الحصيلة المقلقة
14 أكتوبر/ خاص:
تشهد عدد من المحافظات اليمنية، وفي مقدمتها العاصمة عدن، ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الإصابة بالأمراض الوبائية، أبرزها الكوليرا، والملاريا، وحمى الضنك، وذلك وسط قلق شعبي متزايد وتساؤلات حقيقية حول الأسباب وسُبل المواجهة، والدور الذي ينبغي أن تلعبه مختلف الجهات ذات العلاقة.. صحيفة (14 أكتوبر) التقت الدكتور عارف محمد الحوشبي، مدير عام المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني الذي تحدث بوضوح عن أبعاد الأزمة الصحية، وسُبل الحد من انتشار هذه الأوبئة، فإلى حصيلة ما دار..
جذور الانتشار
“الأوبئة لا تُهزم بجهد وزارة واحدة”، هكذا بدأ الدكتور الحوشبي حديثه، مشيرًا إلى أن جذور انتشار الأوبئة تتعلق بعوامل بيئية وخدمية ومجتمعية تتجاوز نطاق الصحة، ولا يمكن السيطرة عليها دون تعاون جهات متعددة تشمل: وزارات الزراعة والمياه والكهرباء والمالية والإعلام، إضافة إلى السلطات المحلية، والمواطنين أنفسهم.
الكهرباء والمياه.. بيئة خصبة لتكاثر البعوض
وأوضح الحوشبي أن الانقطاع المتكرر للكهرباء، خصوصًا خلال فصل الصيف، يدفع السكان للنوم في العراء أو فتح النوافذ، ما يزيد من خطر التعرض للدغات البعوض الناقل للحميات مثل حمى الضنك والملاريا، كما أن تجمع المياه في البرك والمستنقعات، وسوء تصريف المجاري، وعدم تغطية خزانات المياه، كلها عوامل تهيئ بيئة مناسبة لتكاثر البعوض.
وأضاف: “البعوض هو يتكاثر في المياة النظيفة عادة، لكن المياه الراكدة الناتجة عن تسربات الصرف الصحي أو مياه المكيفات قد تشكل بيئة مناسبة لتكاثره، إذا تُركت دون معالجة”.
الصحة تحذر
بحسب إحصائيات المركز، فقد تم في عدن وحدها تسجيل(35) حالة وفاة، ( 7801حالة) اشتباه بحمى الضنك في المحافظات المحررة منذ بداية العام حتى 30 مايو، منها (2564حالة) مؤكدة بالفحص الإيجابية بالفحص السريع، حيث بلغ عدد الوفيات المؤكدة (49 حالة)، منها (35 وفاة) في عدن وحدها..
وأشار الدكتور الحوشبي، الى أن ما يثير القلق هو ارتفاع معدل الوفيات هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، رغم أن معدل الإصابة لم يشهد زيادة كبيرة. ويُرجع السبب في ذلك إلى تأخر المرضى في طلب الرعاية الصحية أو التشخيص الخاطئ للحالة في المراحل المبكرة.
جهود ميدانية.. ولكن غير كافية
وتحدث الحوشبي، عن الحملات الميدانية التي نفذتها الوزارة بالتعاون مع شركائها، منها: رش ضبابي في الثمان المديريات في العاصمة عدن، حملات توعية عبر الإذاعات والمنشورات، وزيارات منزلية بواسطة متطوعين لتحديد بؤر تكاثر البعوض وتوعية السكان.
كما أشار إلى دور مركز الملك سلمان في دعم هذه الحملات عبر منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى جهود محلية في محافظات مثل (تعز ولحج)، حيث تم تنفيذ حملات رش بدعم من منظمات دولية كمنظمة رعاية الأطفال، مؤكداً أن هذه الأنشطة ما تزال محدودة، مشددًا على أهمية تنفيذ رش بمبيدات ذات أثر طويل المدى، وليس فقط رش ضبابي مؤقت.
الوقاية تبدأ من المنزل
وأكد الدكتور الحوشبي، على أهمية دور المواطن في الحد من تفشي هذه الأمراض، موضحًا أن الوقاية تبدأ بسلوكيات بسيطة داخل المنزل مثل: استخدام الناموسيات والملابس الواقية، تركيب شبك ضيق الفتحات على النوافذ، تغطية خزانات المياه وأوعية التخزين، التخلص من المياه الراكدة كل ثلاثة أيام، الحرص على النظافة الشخصية وغسل الخضروات والفواكه جيدًا والامتناع عن شرب المياه الملوثة أو استخدامها في إعداد الطعام.
خطط طوارئ وتنسيق
كشف الدكتور الحوشبي، عن وجود خطة طوارئ رفعتها لجنة إدارة الحدث بقيادة د. علي الوليدي، والتي تضم جميع الجهات ذات العلاقة، وقد تم إرسالها إلى معالي وزير الصحة أ. د. قاسم محمد بحيبح ومنها إلى رئيس مجلس الوزراء الاستاذ سالم بن بريك لدعم جهود الوزارة في مواجهة الأوبئة.
وأكد أن نجاح أي خطة لا يتحقق إلا بتكامل الأدوار بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني، لافتًا إلى أن مكافحة الأوبئة هي “تحدٍّ إداري وخدمي وليس فقط طبياً”.
الشباب في دائرة الخطر
رغم أن المتوقع أن يكون الأطفال وكبار السن أكثر عرضة للإصابة، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن فئة الشباب هم الأكثر تأثرًا، نتيجة قضاء وقت أطول خارج المنازل مساءً، وبالتالي تعرضهم المباشر للدغات البعوض.
المواطن خط الدفاع الأول
وفي ختام حديثه، وجه الدكتور الحوشبي، رسالة واضحة للمواطنين قائلاً فيها “الوقاية تبدأ منك... فكن جزءًا من الحل لا من المشكلة”، “معًا وبجهود الجميع نستطيع حماية مجتمعاتنا”.