
بانكوك / 14 أكتوبر / متابعات:
نزل آلاف التايلانديين المناهضين للحكومة إلى شوارع بانكوك السبت للمطالبة باستقالة رئيسة الوزراء بايتونغتارن شيناواترا على خلفية مكالمة هاتفية دبلوماسية مسربة مع الزعيم الكمبودي السابق هون سين أثارت غضبا شعبيا وشكوكا بشأن قيادتها.
وسرّب مسؤول كمبودي مكالمة كان الهدف منها تهدئة خلاف حدودي بين البلدين، سمت خلالها بايتونغتاران الزعيم السابق بـ"العم" في حين اعتبرت قائدا عسكريا تايلانديا "خصمها".
وانسحب حزب رئيسي من ائتلاف بايتونغتارن متهما رئيسة الوزراء البالغة 38 عاما والمنتمية إلى سلالة حاكمة، بالخضوع لكمبوديا وتقويض الجيش التايلاندي، ولم يترك لها سوى أغلبية برلمانية ضئيلة.
واحتشد حوالى عشرة آلاف متظاهر في الشوارع المحيطة بنصب النصر التذكاري في العاصمة، ملوحين بأعلام تايلاندية وحاملين لافتات كتب على بعضها "ارحلي يا رئيسة الوزراء الخبيثة".
وصعد أحد المتظاهرين إلى المنصة وهتف "لقد ارتكبت خيانة يا رئيسة الوزراء".
وكان معظم المتظاهرين من كبار السن يقودهم ناشطون مخضرمون من حركة "القمصان الصفراء" التي ساهمت في إطاحة والد بايتونغتارن، تاكسين شيناواترا، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ومن بين منظمي التظاهرة أحد حلفاء تاكسين السابقين الذي أصبح الآن من أشد منتقديه.
وقال أحد المتظاهرين ويدعى سيري سوانغموي (70 عاما) وقد جاء في حافلة ليلا من شمال البلاد للمشاركة في التظاهرة "أنا هنا لحماية سيادة تايلاند ولأقول إن رئيسة الوزراء غير مؤهلة".
وصرح لوكالة فرانس برس "بعدما سمعت المكالمة المسربة أدركت أنني لا يمكن أن أثق بها"، مضيفا "لقد مر علي العديد من الأزمات السياسية وأعلم أين سيفضي هذا الأمر. إنها مستعدة للتنازل عن سيادتنا".
شهدت تايلاند عقودا من الاشتباكات بين "القمصان الصفراء" المعارضة التي تدافع عن النظام الملكي والجيش، و"القمصان الحمراء" الداعمة لتاكسين الذي تعتبره المعارضة تهديدا للنظام الاجتماعي التقليدي في تايلاند.
وقالت جامنونغ كالانا (64 عاما) إنها كانت من أفراد "القمصان الحمراء"، لكنها غيرت توجهها وتطالب الآن باستقالة بايتونغتران زعيمة حزب بيو تاي.
وأضافت المتظاهرة "أشعر بألم عندما أرى مواطنا تايلانديا لا يحب الوطن مثلي".
لم تعد التظاهرات الحاشدة مشهدا مألوفا في تايلاند منذ 2021 عندما انتهت احتجاجات قادها الشباب للمطالبة بإصلاح النظام الملكي بإدانة العديد منهم بموجب قوانين إهانة الذات الملكية الصارمة في هذا البلد.
وأعلنت السلطات نشر أكثر من ألف شرطي، تحسباً للتظاهرة التي اتسمت بالسلمية حتى بعد ظهر السبت.
وبدا على المتظاهرة سانثيفوم إيامجيت (62 عاما) التأثر.
وقالت الموظفة السابقة لوكالة فرانس برس دامعة "قدم أجدادنا الدم والعرق والدموع من أجل هذه الأرض، لكن السياسيين الآن مستعدون للتضحية بها لتحقيق مكاسب شخصية".
وتزور بايتونغتارن اليوم السبت شمال تايلاند لتفقد مناطق متضررة من الفيضانات. وقبل مغادرتها بانكوك قالت للصحافيين "من حقهم الاحتجاج، ما دام ذلك سلميا".
وثمة جدل حول رئيسة الوزراء، وتخلى عنها أكبر داعميها حزب بومجايتاي بعد تسريب مكالمتها الهاتفية مع رئيس الوزراء الكمبودي السابق هون سين في وقت سابق هذا الشهر.
وتصاعد التوتر بين البلدين بعد أن تحول نزاع حدودي إلى أعمال عنف الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل جندي كمبودي.
نفذ الجيش التايلاندي 12 انقلابا منذ نهاية الملكية المطلقة عام 1932، وعادة ما يحرص السياسيون على عدم إثارة غضب الجنرالات.
وبعد أن اعتبرت قائدا عسكريا في منطقة حدودية "خصمها"، عقدت بايتونغتارن مؤتمرا صحافيا أسفت فيه وقدمت اعتذارا علنيا. وكان يحيط بها مسؤولون عسكريون في تعبير عن الوحدة.
ولم يتخل شركاؤها الآخرون عن انتمائهم للائتلاف.
لكن بايتونغتارن ووالدها يواجهان الأسبوع المقبل معارك قانونية قد تُعيد رسم المشهد السياسي في تايلاند.
وستقرّر المحكمة الدستورية الثلاثاء ما إذا كانت ستنظر في عريضة مقدمة من أعضاء في مجلس الشيوخ يطالبون بإقالتها بسبب ما يعتبرونه سوء السلوك المهني.
وفي اليوم نفسه من المقرر أن يُحاكم والدها بتهمة التشهير الملكي على خلفية تصريحات لوسائل إعلام كورية جنوبية أدلى بها قبل عشر سنوات.
تولت بايتونغتارن منصبها قبل أقل من عام بعد استبعاد سلفها بأمر قضائي وعودة والدها من المنفى بعد 15 عاما.
وهي رابع شخصية من أسرة شيناواترا تتولى رئاسة الوزراء بعد والدها وعمتها وزوج عمتها.