"مجلس التعاون" أكد أن التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل فاقم التوتر في الإقليم

وكالات / 14 أكتوبر / متابعات:
في لحظة إقليمية مشحونة بالتصعيد، وبين رسائل الردع المتبادلة التي تعبر أجواء الشرق الأوسط بصمت مقلق، عُقد الاجتماع الاستثنائي الـ48 لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي عبر الاتصال المرئي، بدعوة عاجلة من دولة الكويت. جاء الاجتماع على وقع تحولات دراماتيكية فرضها التصعيد بين إيران وإسرائيل، وأعاد فتح ملفات شائكة تتقاطع فيها الجغرافيا مع الاستقرار.
أعرب البيان الصادر عن الأمانة العامة للمجلس عن قلقه من دخول المنطقة في نفق من السيناريوهات المفتوحة التي تنذر بتوسع رقعة الاشتباك، وتعطيل سلاسل الإمداد، والتهديدات المحتملة الناجمة عن استهداف منشآت نووية، وما يترتب عليها من ارتدادات بيئية وأمنية يصعب احتواؤها. وفيما تتابع العواصم الخليجية تطورات المشهد بقلق بالغ، جاء الاجتماع ليجدد تأكيد أن التنسيق السياسي والأمني لم يعد خياراً مؤجلاً، بل أولوية جماعية لمواجهة أخطار تتجاوز حدود الجغرافيا وتهدد استقرار الإقليم بأكمله.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم محمد البديوي: "إن الاجتماع الاستثنائي الـ48، الذي عُقد برئاسة وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا، بحث بصورة موسعة تطورات الأوضاع المتسارعة في المنطقة، لا سيما بعد التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران"، وأشار البديوي إلى أن "الضربات التي نُفذت أخيراً على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وما تبعها من ردود عسكرية، شكلت تصعيداً غير مسبوق، فاقم منسوب التوتر، وأدى إلى انهيار المسارات السياسية وتعطيل قنوات الحوار، مما دفع دول المجلس إلى إدانة الأعمال العسكرية واعتبارها تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي".
وأضاف أن المجلس ناقش جملة من التحديات الناتجة عن هذا التصعيد، أبرزها أخطار استهداف المنشآت النووية وما قد يترتب عليها من آثار بيئية وإشعاعية، إلى جانب المخاوف المتعلقة بأمن الطاقة وسلاسل الإمداد وحركة الملاحة البحرية في الممرات الحيوية بالخليج. وأوضح البديوي أن الأمانة العامة، ضمن استجابتها السريعة للتطورات، فعّلت مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ، لمتابعة المؤشرات البيئية والفنية، والتنسيق مع الجهات المختصة في الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن المؤشرات الفنية لا تزال ضمن النطاق الآمن حتى اللحظة، مع استمرار حال الاستنفار الكامل ورفع الجاهزية في جميع مستويات الرصد والاستجابة. وختم الأمين العام بتأكيد تمسك مجلس التعاون بقيم العمل الجماعي ودرء النزاعات، مجدداً دعوته إلى ضبط النفس ووقف التصعيد العسكري، تفادياً لانزلاق أوسع يصعب احتواؤه.
في تطور لافت يعكس اتساع نطاق التصعيد بين إسرائيل وإيران، أعلنت طهران أن منشآت إنتاج الغاز في حقل "بارس الجنوبي" تعرضت لهجوم أدى إلى توقف جزئي في العمليات التشغيلية. وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز"، فإن الهجوم نُسب إلى إسرائيل، وتسبب في تعطل بعض الوحدات في أكبر حقل غاز في العالم، الذي تتشارك إيران وقطر إنتاجه على جانبي الحدود البحرية في الخليج. يُعرف الحقل في الجانب القطري باسم "حقل الشمال"، ويُعد من أهم مصادر الغاز الطبيعي المسال إقليمياً ودولياً، مما يثير تساؤلات حول تداعيات استهداف منشأة ذات طابع مشترك، ومدى اتساع تأثير الصراع ليطاول البنية التحتية الحيوية للطاقة في الخليج.
على رغم التوترات الإقليمية، تحتفظ دول الخليج، بخاصة قطر والإمارات وسلطنة عمان، بمصالح اقتصادية مباشرة مع إيران في عدد من الملفات الحيوية. تواصل سلطنة عمان مشاريع مشتركة مع طهران في مجالات الغاز والنفط، ضمن اتفاقات بلغت قيمتها قرابة مليار دولار، بحسب تصريحات رسمية نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) مطلع عام 2023. أما السعودية، فمع انتهاء القطيعة الدبلوماسية وعودة التمثيل الرسمي، فبدأت تظهر بوادر شراكات إستراتيجية ملموسة بين الرياض وطهران في مجالات تتعلق بالأمن والطاقة، ترتكز على تأكيد المصلحة المشتركة وتحييد مصادر التوتر إقليمياً.