تأتي زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب إلى السعودية والامارات في لحظة مفصلية، حيث تتقاطع مصالح القوى الكبرى مع تعقيدات المشهد اليمني وتُفتح نوافذ محتملة للتأثير على مسار الازمة المستعصية. ورغم أن تركيز الزيارة يتمحور حول تعزيز التحالفات مع الرياض وابوظبي، الا انها قد تشكل فرصة – ولو محدودة – لإعادة طرح الملف اليمني من زاوية مختلفة واكثر شمولا وواقعية.
تتمثل هذه الفرصة في قدرة السعودية والامارات على نقل صورة موضوعية عن تعقيدات الازمة اليمنية والدفع باتجاه تسوية شاملة تُشرك كافة الاطراف، بعيدا عن ترتيبات جزئية او ثنائية قد تُقصي فاعلين اساسيين على الارض. اما إذا استُغلت الزيارة لتكريس محاور النفوذ الاقليمي أو تثبيت واقع الانقسام فستكون مجرد عقدة جديدة تُضاف إلى الازمة اليمنية المتشابكة.
ثمة مؤشرات تحوّل ظهرت خلال الزيارة، ابرزها اعلان ترامب من الرياض عن رفع العقوبات الامريكية عن سوريا ودعوته ايران الى التفاوض بشأن ملفها النووي، في ما يبدو انه تحول في الاستراتيجية الأمريكية نحو مقاربة تقوم على التعاون الاقتصادي بدلاً من المواجهة العسكرية. الا أن الملف اليمني بقي في الظل ولم يحظَ بتركيز علني رغم ماتم تسريبه عن هدنة غير معلنة بين الولايات المتحدة والحوثيين بوساطة عمانية اوقفت الضربات الجوية الامريكية دون ان تشمل طرافا اخرى مثل اسرائيل.
الرهان الحقيقي يبدأ بعد الزيارة، هل تلتقط الاطراف اليمنية والاقليمية هذه اللحظة لفتح حوار جاد وبناء مسار سياسي جامع؟ اليمن اليوم بحاجة الى مقاربة جديدة تُراعي المتغيرات الاقليمية والدولية وتؤسس لحلول تقوم على الشراكة والتفاهم لا على منطق الاقصاء والغلبة إذا ما ارادت البلاد الخروج من عنق الزجاجة واستعادة الدولة وتسوية خلافاتها يمنية - يمنية.