د : زينب حزام لم يكن فنه مجرد تعبير عن ذاته الفنية بقدر ما كان يمثل ذات مجتمع ووجدان أمة والأهم من ذلك أنه كان صاحب موقف فكري متبلور.كان قدراً على حركة الفن اليمني الحديث منذ بداية تطور حركة الفن التشكيلي اليمني في السبعينات من القرن الماضي واستفاد من الثقافة الأوروبية بأشكالها المختلفة ومنها الفن التشكيلي الحديث.وقد تصل هذه الثقافة الأوروبية أحياناً إلى حد استلاب الهوية، وإذا كان الجيل الأول من رواد الفن اليمني قد نجح في التوفيق بين الثقافتين اليمنية والأوروبية وحقق نوعاً من الامتزاج بإرثه الثقافي العريق و بالمد الوطني العارم في مناخ حركة التنوير فإن الأجيال التالية لم تستطع بلوغ هذه الصيغة الذهبية الموفقة إلا في حالات استثنائية وأصبح الاستقطاب شديداً سواء نحو الجذور التراثية المغلقة أو نحو الاتجاهات الغربية المنقحة.
[c1] العالم الداخلي[/c]الفنان التشكيلي اليمني محمد عبده دائل خريج أكاديمية الدولة للفنون ، كلية التصوير الزيتي موسكو - روسيا وخريج كلية الهندسة جامعة عدن وهو أستاذ الرسم بكلية الهندسة قسم الهندسة المعمارية - جامعة عدن ومؤسس جمعية الشباب للفنون الجميلة وكان رئيساً لها ويعد من مؤسسي اتحاد الفنانين التشكيلين - وكان نائب الرئيس ومسؤول العلاقات الخارجية وترأس المؤتمر التأسيسي لنقابة الفنانين التشكيليين اليمنيين عام 1998م بصنعاء والمؤتمر الأول للنقابة بعدن.وشارك الفنان التشكيلي اليمني محمد عبده دائل في أعمال المؤتمر الثالث للفنانين التشكيليين العرب في طرابلس ليبيا وشارك في تنظيم المعارض الداخلية والمعارض العربية والدولية.
رسم الفنان التشكيلي محمد عبده دائل عدة لوحات جدارية وكذلك صمم ونفذ اللوحات الخلفية لعدة مهرجانات وكرنفالات رياضية شبابية وله أعمال اقتنتها شخصيات عربية وأجنبية وهيئات وشركات وغير ذلك وهو عضو عدة اتحادات ومنظمات فنية واجتماعية وخيرية وعضو الحلقة الثقافية اليمنية 1996م ويساهم في نشر الثقافة الفنية والتوعية الجمالية من خلال الإذاعة والتلفزيون وحاصل على عدة شهادات تقديرية.ليس من باب الصدفة أن تكون معظم أعمال الفنان عبده دائل تتميز بأسلوب الحداثة إضافة إلى احتفاظها بالتراث الشعبي اليمني وقد قدم الفنان عبده دائل العديد من الأعمال بعد إقامته في روسيا وبعض الدول العربية التي زارها ومن أعماله “ صورة فتاة” و “ المعمار اليمني” وغيرهما من الأعمال الفنية الرائعة.وتأثر الفنان التشكيلي عبده دائل إلى حد كبير بفناني الحداثة والطليعيين الروس أوائل القرن الماضي ، كما تأثر بالفن الإسلامي والهندي وعمل على اكتشاف الجديد في عالم الفن التشكيلي وعمل على تجديد أعماله الفنية خلال مسار حياته وعبر مجمل محطاتها وأنواع التقنيات والأجناس الفنية التي شكلت محور أعماله الفنية المتميزة في حداثة هذا القرن لقد احتفظ الفنان عبده دائل بجاذبية أعماله الفنية التي نالت شعبية واسعة من كل المثقفين والفنانين والجمهور العادي ويعود هذا إلى قدرته وفرادة أسلوبه الذي يجمع بين الوضوح في الرؤية واحتفاظه بعفوية الطفل بالحياة وتفاصليها.عمل الفنان التشكيلي اليمني عبده دائل على تطوير أسلوبه حتى أمتلك ناصية التأليف والمساحة والأحجام حتى التبسيط البليغ والألوان ضمن سيمفونية زخرفية إيقاعاتها متنوعة وخصبة تتناغم فيها الحيوية والسكون والفرح الداخلي والتأمل والتكامل بين الإنسان والطبيعة والحس الصوفي إنه بإيجاز مهندس الفضاءات الداخلية في وحدة مناخ فني تشكيلي يبلغ الكمال في قراءة رؤيته وأسلوبه.[c1]تجارب البداية[/c]تميزت رسومه وتخطيطاته التي جاءت مرافقة للنصوص الأدبية والشعرية والفن الإسلامي التي كانت تنشر في الصحافة المحلية او التي وردت في هوامش الموضوعات الفكرية وأغلب المقالات الافتتاحية لمجلة الثقافة والفن.. هذه الأشكال التوضيحية والموتيفات التشكيلية تميزت ببساطة رموزها وإشاراتها الدلالية لتعميمات مرفقة مستخدمة في ذلك الخطوط والمربعات والشرائط والأشكال.[c1]الهندسة الملونة[/c]وبين رسوم الفن المعماري عاش الفنان التشكيلي عبده دائل حالة من العشق والاندفاع منطلقاً من هذه الرسومات الرائعة والبدايات الملونة بغية تطويرها إلى ممارسات فنية بشكل آخر واستمتاعه بحالة من الإبداع في سبيل تشكيل عمل فني قائم بذاته.ومما هو جدير بالذكر أن الفترة القصيرة التي قضاها في دراسته في الاتحاد السوفيتي سابقاً سمحت له بالتعرف على تلك الثروة الفنية الهائلة لعصور وتحولات الفنون التشكيلية التي تزخر بها المتاحف الروسية العظيمة.لقد اهتم فناننا التشكيلي عبده دائل بالفن المعماري الحديث والقديم وإن كان للون في التصوير الحديث دور فاعل فإنه في التجريد له أهمية قصوى ومباشرة للفنان الحديث أكر من الفنان التقليدي فاستعمال اللون استعمالاً جمالياً وفنياً بحتاً نجده بشكل واضح في معظم أعماله وهو يستفيد من أعمال موندريان وكاندينسكي وبول كليوماتيس وغيرهم .وعند الفنان التشكيلي عبده دائل كان اللون أكثر مظاهر التصوير في أعماله وتجلى بشكل رائع في معرضه الأخير ينتقل من الألوان الساخنة الأحمر والبرتقالي والبني ..) إلى الألوان الباردة ( الأزرق والأخضر..) ويعطي مساحاته وأشكاله حركة نحو الداخل وأوجد إيهاماً بالمسافة في الفضاء بتحكمه في قوة اللون وإذا انسجمت درجاته اللونية كان لعمله إحساس بالحركة أما إن تضاربت فهي تحمل للمتلقي تأثيراً رمزياً ما أو تعبيراً مقصوداً بعينه .لقد سجلت لوحة الفنان عبده دائل التجريدية الأخيرة نضجاً وانفلاتاً معلنة اختمار تجربته التشكيلية.

