
.jpg)



الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
وسع الجيش السوداني والقوات المشتركة والمجموعات الأخرى المتحالفة معه، من تحركاته على أكثر من جبهة في ولايات إقليم كردفان (شمال وغرب وجنوب). وبدأت متحركات الجيش تقدمها نحو مدينة بارا بشمال كردفان عبر محوري الطريق القومي الصحراء، كذلك أكملت استعداداتها لتحرير مدينة النهود في ولاية الغرب، وتتقدم في الجنوب لفك حصار مدينة الدلنج المستمر منذ عامين بالتحام (متحرك الصياد) مع قوات اللواء (54) للجيش داخل المدينة، وفق مصادر عسكرية.
وأكد قائد قيادة الفرقة العاشرة مشاة في مدينة أبو جبيهة في جنوب كردفان، اللواء عبدالعزيز إبراهيم، تصميم الجيش وجاهزيته لمواصلة تحرير واستعادة جميع المناطق التي سبق أن فقد السيطرة عليها.
قالت مصادر ميدانية إن قوات الجيش عقب سيطرتها على منطقة (أم لبانة) في محيط مدينة الخوي، أكملت استعداداتها الآن للتقدم نحو مدينة النهود التي تشهد احتكاكات وخلافات بين تيارين وسط عناصر بين خياري المواجهة والانسحاب.
وأكدت المصادر أن قوات الجيش استعادت عدداً من القرى في محيط منطقة الدبيبات وتتقدم نحو مدينة (أبوزبد)، نحو (166 كلم) من مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، وشنت هجوماً مدفعياً وبالمسيرات دمرت خلالها رتلاً عسكرياً للميليشيات وقتلت قادة ميدانيين بارزين في المدينة.
كشفت المصادر عن أن الطيران المسير للجيش دمر رتلاً كبيراً من العربات المقاتلة لقوات العدو على طريق الصادرات الغربي الرابط بين أم درمان ومدينة بارا بولاية شمال كردفان، مشيرة إلى أن الميليشيات تواصل لليوم الخامس على التوالي استباحة منطقة (أم انداربة) شرق الولاية، كذلك قتلت عدداً من المواطنين ونهبت الأسواق والمحال التجارية في هجمات شنتها على عدد من القرى في محيط وجنوب المدينة.
وتمثل مدينة بارا جنوب مدينة الأبيض عاصمة الولاية، أكبر نقاط تجمع قوات "الدعم السريع" بولاية شمال كردفان، انضمت إليها أخيراً قواتها المنسحبة من جنوب أم درمان عقب تحرير العاصمة السودانية الخرطوم.
تزامناً مع توسيع الجيش تحركاته بالإقليم أعلنت الإدارة المدنية التابعة لـ"الدعم السريع" بولاية غرب كردفان حال الطوارئ والتعبئة والاستنفار. وأمرت الإدارة
بتحرك كل القادة والجنود إلى مناطق القتال وجمع السيارات والدفع بها للخطوط الأمامية.
واستولت قوات "الدعم السريع" على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان في أبريل 2024 عقب سيطرتها على اللواء (91) مشاة التابع للفرقة (22) للجيش في مدينة بابنوسة.
.jpg)
كما أصدر رئيس الإدارة المدنية التابعة لـ"الدعم السريع" في ولاية شرق دارفور، محمد إدريس خاطر، أمر طوارئ أعلن بموجبه التعبئة والاستنفار العام بالولاية، يشمل حشد وتسخير كل الطاقات واستنفار الشباب دعماً للقوات.
وطالب الأمر جميع المواطنين بالتعاون مع السلطات المتخصصة وألزم المؤسسات العامة والخاصة بإسناد مجهودات التعبئة والاستنفار وتشكيل لجان للتعبئة والاستنفار.
في مواجهة تحركات الجيش، أكد مستشار قائد "الدعم السريع"، الباشا طبيق، أن قواتهم قادرة على قلب المعادلة العسكرية بتحرير مدن الأبيض وكوستي وجعل إقليم كردفان مقبرة لمتحرك الصياد وهزيمة ما سماها بحركات "الارتزاق والإرهابيين".
وأوضح طبيق، على حسابه بمنصة (إكس)، أن الحرب سجال والأيام المقبلة ستكون حاسمة وتحمل كثيراً من المفاجآت. وتابع في منشوره، "نطمئن الداعمين والمناصرين للقضية ومشروع التغيير الجذري في السودان بأن قوات ’الدعم السريع‘ متماسكة وقادرة على حسم مغامرات ميليشيات الجيش وحركات الارتزاق وفيلق البراء بن مالك (الإرهابي)"، على حد تعبيره.
في محور دارفور وبينما تعيش مدينة الفاشر هدوءاً مشوباً بالتوتر والتأهب المتبادل، شدد الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة، العقيد أحمد حسين، على ضرورة استمرار القتال حتى تحرير المدينة وكل أنحاء السودان من الغزاة، مؤكداً أن وحدة وتماسك وتناغم أداء القوات والمقاومة الشعبية هو سر صمود المدينة ودحرها لـ210 هجمات عليها.
وأعلن مجلس غرف الطوارئ بشمال دارفور أمس السبت عن وفاة 20 امرأة حاملاً في محلية الكومة شمال شرقي الفاشر، نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية للولادة الآمنة.
ووصف تعميم للمجلس، الحادثة بأنها "فاجعة مروعة"، وسط تفاقم للأوضاع الصحية والتدهور الخطر الذي تشهده المنطقة بصورة تهدد حياة مزيد من النساء في ظل غياب الرعاية الصحية الأساسية، مطالباً الجهات المتخصصة بالتدخل العاجل من أجل توفير الرعاية الصحية اللازمة لنساء المنطقة.
صحياً أصدرت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان نداءً عاجلاً تضمن تهديد وباء الكوليرا لحياة وأرواح السودانيين في سبع من ولايات البلاد، مشيرة إلى آلاف الإصابات بالإسهالات المائية يرجح أن معظمها كوليرا.

وقال بيان للجنة "حدث ما حذرنا منه سابقاً من امتداد الكوليرا والإسهالات المائية لولايات أكثر، وتستمر الكوليرا في ظل الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين، وسط أوضاع صحية وغذائية متدهورة في حصد أرواح المواطنين، وما زلنا نواجه نقصاً حاداً في المحاليل الوريدية والمستلزمات الطبية الأخرى، وكذلك نقصاً في الكوادر الطبية".
وأشار البيان إلى أن انتشار الكوليرا يمثل تحدياً إضافياً للأزمة الصحية التي يعيشها السودان، في ظل نظام صحي منهك يكافح بالفعل لمواجهة ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال، وتزايد أعداد جرحى الحرب، والتفشي المستمر لأمراض يمكن الوقاية منها.
وناشدت اللجنة المنظمات الدولية العاملة في مجال الصحة، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر وأطباء بلا حدود، وغيرها، بالتدخل العاجل لدعم جهود وزارة الصحة الولائية والجهود الشعبية، حتى يُسيطر على الوباء قبل أن ينتشر إلى ولايات أكثر، ولتجنب فقدان مزيد من الأرواح.
يتزامن تفشي الكوليرا مع انقطاع الكهرباء وأزمة حادة في مياه الشرب والوقود بالعاصمة السودانية امتدت أكثر من أسبوع، وفي وقت يشهد فيه النظام الصحي في البلاد تدهوراً شبه كامل، وضعفاً شديداً في البنية التحتية للمرافق الطبية.
في الخرطوم دشن الوالي المكلف، أحمد عثمان حمزة، مشروع الاستجابة للطوارئ الصحية الذي يستهدف مناطق انتشار الإسهالات المائية جنوب أم درمان وتقديم المعينات الطبية لمراكز العزل ومدها بالكوادر، إلى جانب فرق التوعية الإرشادية.
ووجه الوالي بفتح مزيد من مراكز العزل وزيادة الجرعات الإرشادية وسبل الوقاية، منوهاً ببروز بعض المؤشرات إلى قلة عدد الوفيات وزيادة التعافي للحالات الوافدة.
من جهته أوضح المدير العام لوزارة الصحة بالولاية، فتح الرحمن محمد الأمين، فتح 15 مركزاً للعزل، مؤكداً استعداد الوزارة الكامل لمواجهة الأخطار الصحية المحتملة. ولفت إلى وجود فرق للتقصي وحملات مستمرة لتعزيز الصحة العامة، ورش الذباب والبعوض، وتوفير الإسعافات والكوادر الطبية المدربة.
وحذرت منظمة أطباء بلا حدود من التصاعد الحاد في حالات الإصابة بالكوليرا، بشكل يتطلب استجابة طارئة من الجهات المعنية بخاصة في ولاية الخرطوم.
في ولاية الجزيرة قالت منصة مؤتمر الجزيرة إن التفشي السريع للوباء يعكس حجم الكارثة الصحية التي تواجهها الولاية ويدق ناقوس الخطر بعدما أدى إلى إغلاق المدارس والأسواق.

وأفاد بيان للمنصة بأن الوضع في ولاية الجزيرة يتفاقم بصورة مقلقة، إذ إنه وإلى جانب تحدي تفشي الكوليرا تشير تقارير موثوقة إلى انتشار واسع لأمراض أخرى مثل الملاريا وحمى الضنك وسوء التغذية الحاد، بخاصة بين الأطفال.
ونبهت المنصة إلى تلقيها تقارير من طوارئ مستشفى وحدة الحاج عبدالله بمحلية جنوب الجزيرة، تفيد تسجيل 46 إصابة بالكوليرا وست وفيات خلال أسبوع واحد فقط.
أشار البيان إلى أن الأوضاع المتردية بالولاية هي نتيجة مباشرة للدمار الواسع الذي طاول البنية التحتية الصحية، ونقص الإمدادات الطبية الحيوية، وتدهور خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي الأساسية، وتواجه مستشفيات الولاية ضغطاً هائلاً يفوق طاقتها الاستيعابية.
وأهاب بجميع المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية والسلطات الصحية ممثلة في وزارتي الصحة الولائية والاتحادية، وكذلك مفوضية العون الإنساني، إلى التدخل الفوري والعاجل لإنقاذ الأرواح وتقديم الدعم اللازم للقطاع الصحي في ولاية الجزيرة. وقال "إننا نطالب بتوفير الإمدادات الطبية العاجلة، ودعم البنية التحتية الصحية، وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وتوفير المساعدات الغذائية، وتنسيق الجهود لإنشاء غرفة عمليات مشتركة وفعالة بين جميع الأطراف المعنية لضمان التنسيق السريع والفعال للاستجابة للأزمة".
وفي ولاية سنار ارتفعت حالات الاشتباه بالكوليرا إلى 23 إصابة مع ثلاث حالات وفاة. وأكد وزير الصحة المكلف الولاية، إبراهيم العوض، متابعة وزارته الوضع أولاً بأول، ووصول فرق الاستجابة السريعة إلى جميع الأحياء التي جاءت منها الحالات مع مواصلة العمل في إصحاح البيئة والالتزام بموجهات تعزيز الصحة، مطالباً المواطنين بأخذ الحيطة والحذر واتباع الإرشادات الصحية.
إلى ذلك وجه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تادروس أدهانوم، باستعجال إرسال الحاجات من الأدوية والمستهلكات للأوبئة بخاصة الكوليرا وحمى الضنك.
جاء ذلك لدى لقائه وزير الصحة السوداني، هيثم إبراهيم، في ختام فعاليات الجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية، وشكر الوزير الدكتور تادروس لزيارته السودان ودعمه المتصل.
وقدم إبراهيم تنويراً عن الوضع الصحي والإنساني بالبلاد، مطالباً المنظمة بمزيد من الدعم والإمداد لمجابهة الأوبئة بخاصة الكوليرا، إلى جانب إيصال الخدمات الصحية للمناطق التي تسيطر عليها الميليشيات.

استعرض الوزير قضية نقص التمويل وضرورة إعطاء السودان أولوية في المرحلة المقبلة للظروف التي يمر بها، وفتح مزيد من قنوات التواصل مع المانحين على مستوى الإقليم على غرار مشروع دعم الصحة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وطالب المنظمة بتبني بعض المشاريع ذات الأولوية مثل إعداد استراتيجية إعادة بناء النظام الصحي بعد الحرب، واستعادة تأهيل بعض المؤسسات التي لها تاريخ وأثر صحي كبير في المستويين الإقليمي والدولي كمعمل الصحة العامة (استاك) ومركز المايستوما.
بدوره وعد أدهانوم ببذل مزيد من الجهد والتواصل مع المانحين والشركاء في الأمم المتحدة حول أزمة السودان في ما يتعلق بالتمويل وإيصال الخدمات.