* في الأخير فإن المظاهرات والمسيرات الغاضبة وإحراق علم الدنمارك قد لا تعني أكثر من التنفيس وإخراج مشاعر واحتقانات متراكمة في الداخل. ولكنها سرعان ما تبرد وتخمد ويعود الناس إلى حالتهم الأولى واللامبالاة.الخطأ المركزي في كل مرة هو هو.. الاستسلام لحالة مباغتة من ردود الأفعال المتشنجة والعاطفية. وهي في هذه الحالة أعجز من أن تبادل السوء بإحسان أو تواجه الخطأ بأقل منه كما يحثنا ديننا الإسلامي .* الحقيقة هي أن قدر ومكانة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعظم وأعز على الله من أن ينالها خدش أو يتطاول إلى سموها رسم كاريكاتوري بائس.. والقدر الذي يحتاجه المسلمون في إدارة قضايا كهذه ليس هو رد الفعلاللحظي ، وإنما التفكير الجدي والعملي في إنتاج أفعال رسالية تشهد لهم بالنضج الفكري والأفضلية المعرفية والخلقية لدى الآخر.. من خلال تبني برامج ثقافية وفكرية تقترب من الآخرـ الغربي وتستقطبه إلى حالة حوارية مستمرة تناقش القضايا والمواضيع الخلافية دون مجاراة الخطأ بآخر أو السوء بمثله .* ليس من الحكمة إذكاء مشاعر الكراهية والصدام الإسلامي المسيحي فإما أن نعترف أمام أنفسنا أولاً بالعجز عن الإتيان بما هو أصوب وأفضل من ذلك وإما أن نبحث لأنفسنا عن طريقة حضارية وأسلوب رسالي نتوجه بهما إلى الآخر وننفتح عليه ، بل ونضطره إلى تقدير مجهوداتنا واحترام رغبتنا الأكيدة في التفاهم والتواصل وحل الإشكالات الناشبة بين الفريقين .* دعونا نكاشف أنفسنا أولاً بحقائق مزرية ووقائع يومية يسجلها علينا العالم ونشهد بما على أنفسنا بأننا لسنا أقل مسؤولية أو وزراً من غيرنا .. فكم من الخطباء والمحدثين في المنابر والمساجد والشاشات لا يزالون يحرضون ـ بوعي وبدون وعي ـ ضد الآخر المسيحي ويكرهوننا فيهم ويغرسون بذور العداء والكراهية في عقول ونفوس المصلين وعامة المسلمين؟* الدعاء على النصارى في كل خطبة وأن ييتم الله أطفالهم ويرمل نساءهم ويسوقهم وذرياتهم وأموالهم غنيمة للمسلمين.. كل ذلك صار كاللازمة ولا تملك تفسيراً واحداً مقنعاً يبرر هذه الحالة من الاندفاعية الجائرة وكراهة أمن وسلامة وحياة الآخر.. لماذا؟!* الحياة مقدسة وهبة إلهية لجميع البشر.. وكوننا نسترخصها ونستهدف حياة الآخر بالدعاء والتحريض المبطن والاستعداء الفكري والعاطفي قد يكون سبباً أول وكافياً يبرر للآخر استهداف مقدساتنا ورموزنا الدينية.نحن وإياهم في الجهالة والخطأ سواء.. فماذا فعلنا نحن لنكون الأفضل ونستحق الثناء والامتداح؟* المظاهرات لا تحل أزمة فكرية وثقافية ومعرفية وحضارية بين ديانتين وحضارتين وثقافتين.وإحراق الأعلام سلوك يائس ولا قيمة له في ميزان الفعل والإيجاب البشري والإنساني.كما أن المقاطعة الاقتصادية سلوك أثبت فشله وعجزه.. بل وإستحالته في حياتنا المعاصرة.. فكم دامت المقاطعة في المرات الأولى ؟ وكم يمكنها أن تستمر هذه الجولة ؟ وفوق هذا وذاك ماذا أنتجت أو غيرت في المفاهيم؟!* الأزمة الحقيقية هي أزمة ثقافية ومعرفية.. أزمة تواصل وتفاهم مع الآخر.وهذه لا تحلها إلا مجهودات ثقافية ومعرفية مماثلة.. ونخدع أنفسنا لو نحن رفضنا الإقرار بذلك وسلمنا أنفسنا لردود الفعل الحماسية والعاطفية التي تنطفىء مع انطفاء المظاهرة .
في خطأ إذكاء الصدام الإسلامي المسيحي
أخبار متعلقة