سالم وسعيدة نموذجان للزوجين المنسجمين ذلك الانسجام الذي جعل منهما فقاسة للأطفال هذا الأسبوع رزقا بطفلهما الرابع عشر وجميعهم بصحة جيدة.سألتهما ذات يوم كيف يتدبرون لقمة العيش لاسيما وأن سالم يشقى من صباحه إلى عشاه مهدوداً مسحوقاً بينما تمضي سعيدة يومها أيضا بكامله في ترضيع الأطفال وتربيتهم وغسل وتنظيف وطباخة وأحيانا تعفى منها . لا لابد سالم سيجلب لها الوجبة من المطعم كبعض «المدامات » المرهقات من تعاطي القات سهراً . بل لأنه يشقى يومه بكامله ويعود إلى المنزل «صفر» اليدين .أمر هذا الثنائي عجب والأعجب من إصرارهم على التفريخ في ظل وضعهم المادي «الصفر» ونشاطهم ودأبهم على الإنجاب كل عام ..أربعة عشر فماً وفم أبوهم وفم أمهم .يحتاجون إلى الرعاية إلى المدارس إلى العناية الصحية ...الخ وسؤالي كان مركزاً على الحالة المتردية لهما وكيف يتدبرون أمرهم ؟ ولماذا لا يحاولان تنظيم النسل وتحديده ؟أجابتني سعيدة غير مهتمة بسؤالي القلق :« رزقهم على ربهم» وزكى إجابتها سالم بقوله تعالى :( وما من دابة إلا على الله رزقها).ألجمتني إجابتهما ، كيف أشرح لهما خطورة وضعهما الصحي وخصوصاً الأم ، وكيف أصل إلى فكريهما واغزوه حتى أقنعهما بمدى التجني الذي يلحق بأطفالهما ... كيف أوضح لهما ماهي حقوق الطفولة ، إذا كان أطفالهما يرتدون أسمالاً .. ويجوبون الشوارع متسكعين متسولين ، أما الانفجار السكاني فهو الأمر الأصعب في مهمتي أمام سالم وسعيدة وهما من أبرز صناعه .سالم يواصل مضغ القات وسعيدة كذلك والله وحده في سماه يعلم كيف يدبرون أمر حياتهم وحياة هؤلاء الصغار ... الذين وضعهم أسوأ من وضع القطط أو الكلاب .كيف لي إقناعهما للكف عن جريمة حقة يرتكبانها بحق أنفسهم وأطفالهم والمجتمع،معظم الكبار من صغارهم لا يرتادون المدرسة وهذه أعظم المصائب لأنها تورثنا جيلاً جديداً من الأمية مثل سالم وسعيدة كثير يعيشون بين جنبات مجتمع يسعى إلى محو أميته الأبجدية والثقافية وتنمية موارده واقتصاده والارتقاء إلى مصاف المجتمعات المتقدمة ، كيف لهذا المجتمع أن يرتقي وهو يحضن مئات بل آلاف الأسر التي تشبه في حالها حال أسرة سالم وسعيدة أين جمعيات حماية الطفولة والأمومة وأين جمعيات حقوق الطفل وأين المجلس الأعلى للطفولة من أوضاع كهذه وأين الجمعيات التوعوية لتحديد وتنظيم النسل من هذه الأسرة التي لا تزيد المجتمع إلا إرهاقاً وإعالة لا مردود لها .كل هذه الأسئلة أضعها أمام كل المعنيين بالأمر، أومن الأفضل أن ندعهم يغطون في سباتهم فربما أسئلة كهذه ستزعجهم فالمهم هو ما يتفيدونه ويتكسبوه ليعيشوا حياة الرفاه على حساب هذا الطفل.
سالم وسعيدة وتفريخ بلا حدود
أخبار متعلقة