دعيني ألملم جراحات علقت على ثوبك الطاهر .. دعيني أمسح دمعة حزن سكنت ثراك الندي على أحد الأبناء الأوفياء .. دعيني أقيم سرادق عزاء على من طواه الثرى، ولم تطوه الذاكرة.. ولم يستطع فكاكاً من حبك الأبدي .مات الزعيم الذي فداك حينما كنت أسيرة بأغلال مستعمر بغيض.مات أحد أبنائك الساكنين على عتبات أقدامك الناعسة.. مات بعيداً غريباً .. وحيداً .. إلا من نبضات قلب تزغرد كل حين حباً وولهاً وعشقاً لك يا عدن. مات خليفة عبدالله حسن خليفة، بالأمس، بعيداً عن رمال ساحل صيرة وروائح شارع الزعفران .. وهو الذي علمنا كيف يكون الانتماء سعادة والحب عطاء .. والوطنية فاتورة ندفعها وليس رصيد بنكي أو أراضٍ مستباحة .. مات الخليفة بطل عملية المطار التي كانت ناقوساً، بداية، وشريطاً بل رصيداً يدفع بالدم والروح . مات بعيداً عن الدار.. بعيداً عن الجار بعيدا عن بقعة أرض كانت مناه والأمل.وهذا الخليفة الغائب اليوم تحت الثرى كم حكت عنه الجبال والورى منذ عام 1948 عندما قاد طلاب مدرسته الثانوية (المدرسة الثانوية الحكومية) (لطفي أمان) في مسيرة احتجاح ضد الإحتلال الصهيوني وهو الطالب والدارس فيها .. وهذا الخليفة الذي حاكمه الإحتلال .. تخرج عدن كاملة تصوت له في انتخاب ذاك الزمان.. ويخرج من قضبان الإحتلال.هذا الخليفة الرياضي في أكثر من مجال رياضي، يقول عنه زميل الدراسة – استاذنا الجليل – كان بطلاً في الجري السريع وكان كابتن مدرستنا الثانوية، بل انه نجم الوسط في فريق الحسيني وقائدهم والمدرب.وهذا الخليفة الذي أول من لعب بالحذاء ابان لعب الكرة الحافي .. هذا الخليفة الذي نساه الرفاق ولم ينسه زقاق حارة حسين.مات خليفة وفي نفسه أمنية غالية أن تضم تجاعيد وجهه حفنة من تراب صهاريج عدن أو سواحل حقات.مات خليفة وهو رافع كفه الى السماء: حمداً لله ربي إن مكنتني من زيارة عدن.مات خليفة .. فالحزن مقدور عليه حين يجثم على بيت أو أسرة أو أقارب .. أما إذا لف المدينة فمن أين لنا قدرة الاحتمال؟
دمعة عدنية
أخبار متعلقة