وزير المياه والبيئة في حوار خاص مع ( 14 اكتوبر ):
صنعاء / حوار / محمد سعد الزغيريشكل التعامل الشفاف والواقعي مع قضايا الشأن المائي الذي تتخذه وزارة المياه والبيئة أولوية في فكر واهتمام الوزير / عبد الرحمن فضل الارياني الذي يرى فيها امتدادا حقيقيا للرسالة الإستراتيجية التنموية التي توليها الدولة أهمية خاصة في ضوء البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية المتعلقة بالأمن الاستراتيجي المائي حيث يمثل أهم قضايا الأمن القومي بأبعادها العميقة . حول سياسة الإصلاحات لمشكلة نضوب المياه والاستنزاف الخطير و الاستراتيجية الوطنية لوزارة المياه وبرنامجها الاستثماري والعلاقة مع المانحين وقضايا تأمين مياه الشرب وشبكات الصرف الصحي للمواطنين بالإضافة إلى قضايا المياه والبيئة ومكانها في التشريعات الوطنية وكيفية إدارة الأحواض الجوفية والمعالجات و مشاكل التلوث البيئي وغيرها من القضايا التي كانت مثار نقاش ساخن مع معالي الوزير الذي سلط الضوء على هذه القضايا الهامة بصدر رحب ومصداقية وإدراك لحجم مشكلة المياه والبيئة في اليمن وكانت الحصيلة التالية :[c1] كيف تبدؤون الحديث عن وضع المياه؟[/c]في الحقيقة الثروة المائية موضوع فريد يختزل قضية هامة في حياة الأفراد والمجتمعات والأمم البشرية مفهومها متشعب ويتغلغل في النشاط الحياتي لتصبح الهاجس الذي يؤرق البشر في عصر الكثافة السكانية والمستجدات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة .فالثروة ترادف التنمية لإنتاج البنية التحتية القوية في شتى المجالات الاقتصادية العلمية الصناعية الثقافية والمعرفية وتنمية قطاعات الزراعة والعمل والعمران وغيرها وهذه الجوانب مفتاح الازدهار والحضور المجتمعي وصياغة القرار السيادي والتحولات الحضارية إذا ما واكبت التمسك بالضم والتفريق وسط المجتمع .لذلك أمام العالم يوم عالمي للمياه يحتفل بها سنوياً يتم خلالها تقييم ومراجعة ودراسة الكثير من قضايا المياه واشكالياتها وندرتها وسبل معالجتها كونها تشكل تهديداً خطيراً على العديد من البلدان ومنها اليمن التي تعتبر من أفقر البلدان من حيث المياه المتاحة للفرد ولابد من مواجهتها أثناء إعداد وتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية .[c1]أسباب المشكلة[/c][c1] إذن ما هو تقيمكم لمشكلة شحة المياه؟ [/c]مشكلة شحة المياه الجوفية لها أسباب على المستوى المحلي والعالمي ومنها تزايد الحرارة والسكان وتزايد الاستخدام في مختلف المجالات وعدم تغطية هذه الحاجة من الموارد المائية وغيرها مثلاً الحفر للآبار واستنزافها بطريقة عشوائية والاستخدام بطرق غير منظمة أدى إلى تفاقم الأزمة وانخفاض المخزون المائي في العديد من الأحواض والمناطق النائية وأكثر القطاعات استخداماً الزراعة والري والقات وغيرها هذا الاستنزاف والهدر لم يكن وليد اليوم بل وليد السنوات الطويلة من العصر الماض .والحكومة تولي جل الاهتمام والعناية لقضية الثروة الوطنية المائية كمصدر أساسي واستراتيجي لتحسين ظروف المواطن المختلفة وتوفير المياه النقية وتوسيع شبكاتها وكذا خدمات الصرف الصحي من خلال وزارة المياه والبيئة والهيئات التابعة لها والعمل على إصدار القوانين والتشريعات واللائحة التنفيذية ووضع الاستراتيجيات والسياسات الوطنية لتطبيق القوانين والحد من الحفر العشوائي واستنزاف الموارد المائية خاصة وأن اليمن اليوم تقع ضمن خط الفقر المائي الذي حددته معايير الأمم المتحدة بألف متر مكعب من المياه للفرد الواحد بينما يصل نصيب الفرد من المياه إلى (130) متر مكعب.
[c1]نعمل في اتجاهين[/c][c1] وماهي الحلول والخطوات؟ [/c]في الواقع نحن الآن نعمل جاهدين على أكبر قدر ممكن في تنفيذ برنامج فخامة الرئيس المرتكز على تحسين وتطوير خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والمعتمدة على الاستثمار والهيكلة الأساسية في المياه والصرف الصحي من خلال دعم الحكومة والدول المانحة الذي يساعد على تنفيذ القرارات الفنية والإدارية وخلق مؤسسات فاعلة وقادرة على إدارة أمورها بشفافية وتحاسب على أي تقصير. والاتجاه الأخر هو تطوير وتوسيع خدمات المياه والصرف الصحي واعتماد اللامركزية مع الفروع والهيئات التابعة للوزارة لتصبح قادرة على عمل الدراسات والمناقصات وإدارة أعمالها بنفسها تحت إشراف الإدارة العامة في صنعاء والمحافظين وخلال العام الماضي 2007م تمكنا من تحقيق العديد من الانجازات الملموسة وإنشاء أكثر من 17 مؤسسة محلية وتعزيز دورها وتضاف إلى سابقاتها وإجراء تقييم لأعمالها وفقا للمنافسة بحسب القانون وأصبح لدى المؤسسات المحلية عدداً من المديرين المؤهلين والكادر النوعي وتم تثبيت هذه التوجهات للمراحل القادمة . إضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات والقروض في قطاع المياه مع الصندوق العربي لتأهيل شبكة الصرف الصحي في مدينة عدن ومع الأصدقاء الألمان لدعم البرنامج المفتوح للمدن الثانوية ومع البنك الدولي لتمرير القرض الخاص بالمدن الحضرية.... ولدينا برنامج طموح يبدأ من العام 2010م وهو برنامج شب مفتوح لدعم البرامج والخطط في المؤسسات والهيئات التابعة للوزارة وسوف تقدم المشاريع التي تحتاج إلى دعم حسب الأولوية والاحتياجات وحسب كفاءة ومقدرة المؤسسات على استيعاب هذا البرنامج .[c1] عن إستراتيجية الوزارة ؟ [/c]نحن نعتقد أن تنفيذ الخطط والبرامج والاستراتيجيات التي لا ترتبط بتقييم نوعي قاصرة في تحقيق الأهداف لذلك كانت الوزارة السباقة في هذا المجال لإحداث نقلة نوعية في الأداء لهذا القطاع على مستوى توفير الخدمة النوعية للمواطن أو على مستوى إدارة الموارد المائية لذلك بدأنا المشروع العام الماضي بإعداد مراجعة الإستراتيجية الوطنية وبرنامجها الاستثماري وتنتهي هذا العام بمشاركة جميع الجهات ومنها وزارة الزراعة والري ، وهناك لجان تعمل بشكل مستمر لإعداد المراجعة وإعادة كتابة الإستراتيجية من جديد وبرنامجها الاستثماري لتتواءم مع تجربتنا خلال السنوات الماضية .
[c1]المياه واللامركزية[/c][c1] مسؤولية الوزارة في الحد من الحفر العشوائي واستنزاف المياه.. هل من إجراءات خاصة بهذا الموضوع ؟ [/c]لا شك أن إنشاء مؤسسات محلية بوتيرة عالية وتأهيل الفروع وتحويلها إلى مؤسسات محلية كان ضمن معايير محددة وكذا تقييم المؤسسات القائمة آت في إطار القرار السياسي المتميز بضرورة اعتماد مبدأ اللامركزية والإسراع بتنفيذ ذلك التوجه وقد حاولنا قدر الإمكان إعلان المزيد من المؤسسات المحلية بإستتثناء محافظة شبوة والجوف وصنعاء ...خاصة وأن التعديلات لقانون السلطة المحلية سيعطي المحليات صلاحيات أكبر للإشراف والرقابة على هذه المؤسسات وهذا يتواءم مع توجهات القيادة برئاسة رئيس الجمهورية بإعطاء صلاحيات أكبر للحكم المحلي لرسم السياسات وخلق العلاقة مع المانحين وإدارة المشاريع والتخطيط والتنفيذ والإشراف وتقديم جميع الأنشطة في إطار المحافظات ،ونحن مازلنا مستمرين بالإصلاحات وهذا جزء يسير مما نسعى إليه كما تم عقد اجتماع موسع حول ذلك والاتفاق على إعطاء المؤسسات المحلية مسئولية أكبر فيما يخص النفقات الرسمية وتنفيذ البرنامج الاستثماري وتبسيط الإجراءات وتعيين محاسبيين قانونيين لكل مؤسسة من شركات دولية معترف بها لتدقيق الحسابات وتم توقيع محضر بين الوزارة والمؤسسات المحلية بالاتفاق مع وزارة المالية لتحقيق صلاحية المؤسسات وما هو دور وزارة المياه والبيئة والمالية كجهات مشرفة على موضوع النفقات والبرنامج الاستثماري وسيتم الإعلان عن الجهات المنظمة منتصف هذا العام وأهميتها لتكون كحكم بين المستهلك ومقدم الخدمة أياً كان قطاع حكومي أو خاص.[c1]المشكلة الكبرى[/c][c1] لكن يبدو إن المشكلة ستبقى وتلك الإجراءات محدودة؟ [/c]الموارد المائية الجوفية أكبر مشكلة تواجه اليمن اليوم ومستقبلاً وتتركز على قضية الإدراك للأحواض الحرجة وقد تم إنشاء لجان لهذه الأحواض يرأسها المحافظين ، وهي المسئولة عن تنظيم عملية الحفر للآبار والرقابة عليها واستخدام المياه الجوفية من الأحواض ..و نقوم بالتوعية المستمرة بالاشتراك مع منظمات المجتمع المدني وأصحاب القرار بأهمية الحفاظ عليها وترشيد الاستخدام ، ونسعى بالتنسيق مع وزارة الزراعة والري وهيئة الموارد المائية لتعدد أساليب الري المستخدم للزراعة وصولاً بهذه الجهود إلى تخفيضه بنسبة (40 % - 50 %) للأجيال القادمة من خلال خطوات جادة ، ونسعى إلى تحسينها عبر الاستخدام لوسائل الري الحديثة والتركيز على إدارة الطلب وليس العرض وإيقاف الهدر الشديد لموارد مياه اليمن كونها قضية وطنية تخص كل أفراد المجتمع الزراعية الصناعية التجارية الخ . حيث يتم تشييد السدود والحواجز في حين نجهل ونهمل أهم أمر وهو الوقاية التي هي خير من العلاج وتعميق ثقافة الحفاظ على المياه وترشيد الاستخدام وخلق روافد مائية جديدة .[c1]صنعاء والحفر الغشوائي[/c][c1] وماذا عن حوض صنعاء؟ [/c]مشكلة حوض صنعاء واضحة ... والحلول واضحة ، لكن لابد من أن تكون الإرادة قوية من قبل الجميع لحل هذه المشكلة لكونها أيضاً تخص الجميع مستخدمين أصحاب قرار والمخالفين الرئيسيين لقانون المياه والحفر العشوائي لحوض صنعاء هم أناس من المستفيدين أو من كبار القوم لذلك نتمنى التزام الجميع لأنه ليس لدينا شرطة ولا جهات ضبط أو غيرها ...ويجب على كل الجهات التعاون مع الوزارة وهيئة الموارد لضبط الحفارات لغير المرخصة وإجبار أصحابها على جمركتها لان معظمها مهربة ومنعها من الحفر العشوائي.تشريعات بدون تطبيق[c1]- لدى الوزارة قوانين غير أنها لا تطبق في الغالب ما رأيكم؟ [/c]التشريعات والقوانين الوطنية طرحت قضية المياه والبيئة بقوة وواضحة ...لكن تطبيقها على الواقع غير موجود كما إن القانون أغفل العقوبات !! وهناك مشروع تعديلات وقريباً جداً سوف تطرح اللائحة التنفيذية أمام مجلس الوزراء حيث أنجزنا لائحة نموذجية مفهومة للأفراد والمجتمع قابلة للتطبيق فيما يخص مهام اللجان للأحواض وقرار الحجر المائي وإزالة التدخلات في المهام والاختصاصات. [c1]رقابة بلا دعم[/c][c1] تكاد الرقابة الوزارية وهيئاتها معدومة كيف تقيمون ذلك؟ [/c]مشاريع الشرب التي يقوم بها القطاع الخاص وتوزيعها بالوايتات هي خدمة للمواطن ، وليس لدينا مشكلة في توفير مياه الشرب للمواطن...لكن يجب أن يكون هناك رقابة عليها وأقول لكم هيئة الموارد المائية إمكانياتها محدودة جداً وليست قادرة على فرض الرقابة الكاملة على جميع المستفيدين وننظر لبيع المياه الجوفية للشرب للمواطن أفضل وأهم من حفر بئر لبيع المياه و استخدامها للزراعة غير المجدية . وأعتقد انه يجب أن تلتزم الدولة بتخصيص موارد مالية كافية للهيئة لتقوم بمهامها على أفضل وجه فالهيئة حتى الآن تعتمد على دعم شهري من قبل الدول المانحة وهذا ليس منطق أن يكون موظفي الدولة دون دعم منها.[c1]خيار التحلية باهظ [/c][c1]هناك مشروع لتحلية المياه وخصوصا تحليه مياه البحر الى أين وصل؟[/c]فعلاً هناك معالجات علمية لمشكلة تناقص المياه وتفاقم أزمتها في اليمن... إلا أن ابتكار العلم للري بالتقطير أو الرش أفضل من غيره..لكن خيار تحلية مياه البحر عبر تكنولوجيا جديدة معروفة دولياً أصبحت تتناقض تكلفتها لأنها مرتبطة بتكلفة الوقود... وكلما ارتفعت تكلفة الوقود ارتفعت معه تكلفة المياه العذبة من البحر وكلما تقدمت التكنولوجيا كلما قلت التكلفة وعلى الدولة أن تقوم بشراء المياه المعالجة من قبل شركات وفي إطار القانون.. إلا أن التقنية الأساسية التي نعاني منها هي سعر المياه وتزايد عمق الآبار..مثلاً تكلفة المياه في تعز بحوالي (40-50 ) ريال للتر المكعب الواحد مع توصيلها للموطن بينما تباع المياه العذبة من البحر بتكلفة اللتر( 100 ) ريال للتر الواحد المكعب وبشرط كميات كبيرة جداً ... وفي التكنولوجيا المصنعة حالياً تبلغ التكلفة ما لا تقل عن (200 ) ريال ولا يستطيع المواطن شراءها.[c1] إمكانية الدعم الحكومي[/c][c1]- لكن هناك قصور من جانبكم في هذا الإتجاه ؟ [/c]هذا معناه إضافة أعباء جديدة على الدولة لدعم الوقود لان القضية معقدة ...فعلى الرغم من ان الناحية التكنولوجيا والعلمية والتجارية واضحة لكن المشكلة تكمن في الناحية الاقتصادية ما يكلف الدولة مبالغ هائلة و لا ننصح الدولة بالاستثمار في تحلية مياه البحر و اعتقد أن قنطار وقاية خير من ألف درهم علاج .أما تجربة القطاع الخاص ( بيت هائل سعيد أنعم) في إنتاج مياه عذبة من البحر للمصانع وشركات المشروبات الغازية فهي مجدية اقتصادياً ويتم إعادة تكلفتها ، أما الحكومة فتحتاج إلى تقديم دعم كبير جداً لذلك وهذا يعني أينما يوجد دعم توجد بؤرة فساد !!التلوث محدود [c1]وماذا عن عن موضوع التلوث كيف تحدثونا عن ذلك ؟ [/c]التلوث محدود فعلاً نظراً لعمق المياه الجوفية وتزداد عمقاَ مع الأسف الشديد.. والتلوث موجود في المصادر السطحية ومع هذا نسعى مع وزارة النفط والسلطة المحلية لتخفيف الزيوت العامة وأن تكون هناك مراكز لتجميعها ومعالجتها لإعادة الاستخدام أو الحد منها أو صرفها لمحطات الكهرباء ومصانع الاسمنت . أما بالنسبة لملوثات الصرف الصحي فلا تؤثر على التربة السطحية ونقوم بتصفيتها على عمق 200متر خاصة العوالق والبيولوجيات لكن الكيماويات هي التي تشكل خطورة ...و توجد لدينا محطة خاصة لمعالجة مياه الصرف الصحي بالأمانة .[c1]المسؤولية مشتركة[/c]- ماهي خططكم المستقبلية ؟ لدينا فكرة لعقد مؤتمر وطني لإدارة المياه في اليمن وهي دعوة لمناقشة هذه القضية لأن استخدام الموارد المائية ليست مسئولية الحكومة وحدها وإنما مسئولية كل أبناء المجتمع اليمني ، ولابد من إجماع وطني للتعاون والحفاظ على هذه الموارد بناء على ما نصت عليه الإستراتيجية الوطنية للمياه و الظروف والشرائح والأعراف والقوانين المتفق عليها .... والفكرة قائمة على أن تتبناه الدولة كمجلس الشورى ونسعى للتواصل معهم.[c1]تطوير وهيكلة ومشاريع[/c]أما بالنسبة للبرنامج الاستثماري لمشاريع المياه والصرف الصحي لهذا العام اعتمدت الحكومة مبلغ 26 ملياراً ريالاً و 788 مليون ريال موزعة على كافة المحافظات في الجمهورية . ويأتي ذلك مواكباً لما شهدته السنوات الماضية من تطوير القدرات في هذا القطاع الحيوي الهام والسير بجدية في عملية الهيكلة وإنشاء 17 مؤسسة محلية مستقلة مالياً وإدارياً وصدور قانون المياه واللائحة التنفيذية والتوسع في الخدمة ورفع طاقته الإنتاجية وتطوير شبكات المياه والصرف الصحي وتخفيف نسبة الفاقد وتوحيد التعرفة لسد العجز القائم وتقديم خدمات مميزة ومنع الحفر العشوائي في معظم الأحواض المهددة بالجفاف في المدن الرئيسية .

