- استقلال القضاء كهيئة أو كسلطة, واستقلال القاضي كشخص, من أهم ضمانات حقوق الإنسان وتطبيق القانون وتحقيق العدالة, وإضافة إلى الاستقلالية هناك ضميمة أخرى وهي أن تتوافر للمؤسسة العدلية المال الكافي أو اللازم لأداء وظائفها وتمكين القاضي من العيش عيشة محترمة تقيه الانشغال بالشؤون الشخصية والعائلية وتجعل يده مغلولة إلى عنقه ولا تمتد لأيدي المتقاضين أو المال العام .. وأزعم أن هذه الشروط تتوافر لدى القضاة في المحاكم والنيابات العامة على مختلف درجاتها وبالتالي فلا عذر لهم إن هم قصروا أو أفسدوا وأفسدوا, فما دام المجتمع قد منحهم هذه المكانة فعليهم أن يحسنوا القيام بمهمتهم, ومن لم يحسن ذلك عليه أن يتقبل زحزحته إلى ساحة أخرى غير ساحة العدالة حتى لو كانت هذه المساحة هي السجن.- منذ نحو ثلاثة أعوام شرع مجلس القضاء الأعلى في إحالة قضاة محاكم ونيابات إلى المجلس التأديبي وتم إيقاف وفصل الذين أدينوا بجرائم مخلة بالعدالة .. ويوم أمس كان المجلس الأعلى للقضاء أمام خمس حالات من هذا النوع .. وهي متممة لمئات الحالات التي سجلت خلال الأعوام الثلاثة الماضية .. والمرء عندما يشعر أن مبدأ المساءلة يعمل يشعر بالاطمئنان والرضا, وتزيد هذه الطمأنينة عندما يشعر أن هذا المبدأ بدأ يترسخ في سلطة القضاء أو المؤسسة العدلية, لأن هذه المؤسسة تعني بأخص وأهم ما ينشده الإنسان ويتطلبه استقرار المجتمع وهو العدالة .. ولسنا فرحين لأن قضاة ورؤساء ووكلاء نيابات يساءلون أو يفصلون, فنحن لا نعرفهم وليست لدينا ولهم مشكة أو خصومة, بل فرحين لأن ذلك يلبي لدينا الرغبة في تطهير المؤسسة العدلية من الفاسدين والظالمين ومنتهكي القانون.- ومبدأ المساءلة هذا أو مبدأ الحساب والعقاب ينبغي أن يتحول إلى قانون يعمل من تلقاء نفسه داخل السلطات الأخرى التنفيذية والتشريعية, وداخل كل إدارة, فمكافحة الفساد وقمع سلوك الفاسدين الخارجين عن القانون ينبغي أن تكون عملية متكاملة وسائدة في كل هيئات ومؤسسات الدولة والإدارات الحكومية صغيرها وكبيرها, وأن لا تستثني أي هيئة أو إدارة تحت أي مبرر. فلا مصلحة لأحد في الفساد .. المصلحة الوحيدة هي من نصيب الفاسدين, وما عداهم الجميع في البلاد خاسر.
|
تقارير
تطهير المؤسسة العدلية
أخبار متعلقة