غضون
مدرس لمادة التاريخ في الضالع يدعى فضل علي ناصر دقق في محتوى كتابي تاريخ يدرسان لأولادنا في المرحلة الأساسية فأخرج بهما “عيوب الجهلة” وهو محق لأن مؤلفي الكتب المدرسية عندنا مثل “أهل بدر” يفعلون ما يشاؤون قد غفر لهم، رغم أن أخطاءهم وقلة علمهم ومعارفهم وسطحيتهم وخفة عقولهم تصب في رؤوس أجيال متتالية.. وإلى وقت قريب كانوا يدرسون في أحد الكتب المدرسية إن غزو أبرهة لمكة هو لكي يهدمها وذلك لأن عربياً بال في كنيسة الحبشة في صنعاء، فأراد أبرهة أن ينتقم من الكعبة والأمة العربية ويهدم كعبة العرب بسبب بولة ذلك البوال! تصوروا.. راجل يجهز جيوشاً ويعبر بحاراً ومضايق وصحارى بسبب “بولة”! هكذا يعلمون أولادنا وعلمونا من قبل ولم تمح هذه اللوثة من عقولنا إلا بعد أن قرأنا أن غزوة أبرهة جاءت حينها في سياق الصراع والتنافس بين الفرس والروم. معلم المدرسة فصّل عدد عشرات الأخطاء، وكان رحيماً أو عاطفياً في بعضها، ففي كتاب التاريخ ذكر المؤلفون أن الرسول عاد من غار حراء وهو في حالة خوف شديد من هول ما سمع وعندما وصل إلى زوجته استلقى على الفراش وهو يقول زملوني زملوني.. ويصحح المعلم فضل إن الرسول قال دثروني ولم يقل زملوني.. وعندي إن هذه الحكاية التي يلوكها مؤلفو الكتب المدرسية في أبواب الحديث والسير والتاريخ والإرهاصات أولى أن تحذف لأنها لا تليق بالرسول الكريم.. هذه الحكاية تصور النبي رجلاً رعديداً خوافاً من أمر ربه ثم يلجأ إلى زوجته من قلة الحيلة، ثم تذهب هي تستفتي بشأن أحد أقربائها النصارى.. ولا أظن أن هذه الحكاية التي سجلت في بطون الكتب قد حدثت في الواقع على هذا النحو الذي يظهر رسولنا رجلاً رعديداً.. لم تسعفني هذه المساحة لأتحدث عن الملاحظات التي سجلها ذلك المعلم على كتابين أو ثلاثة من الكتب المدرسية ولكن الوقت لم يفت بعد فقد نشرت في صحيفة (الأيام) أمس، ونتمنى أن يقوم مدرسون نابهون مثل فضل علي ناصر بمثل ما قام به في مجال تخصصاتهم وفي ضوء خبراتهم مع الكتب التي يدرسونها وأن يطلعوا المسؤولين في وزارة التربية على مثل تلك الأخطاء الكبيرة التي تزيف معارف ووعي أبنائنا.