سطور
فاطمة رشاد ناشردائماًَ أسال نفسي كم أديبة في اليمن ؟ سؤال أنهكني بحكم أنني أهتم دوماً بالشأن الثقافي وفي كل مرة أجد نفسي مرهونة بمتاهة لا تنتهي وهي كم هائل يظهر من الكاتبات ومن ثم يختفي هذا الكم في متاهات كثيرة أهمها العادات والتقاليد والمسؤوليات الكثيرة والمسببات التي تعيق إبداع المرأة عن المواصلة حتى وإن واصلت فإنها تجد الكثير من الإحباط من قبل الرجل سواء أكان زوجاً أوأخاً أو أباً أو من يملك السلطة عليها.تشاطرت ذات يوم الحديث مع مجموعة من الكاتبات وظللت أسال عن أسباب اختفاء بعضهن وكتبت عن هذا الموضوع مقالة طويلة لكني لم أجد الجواب الذي أقتنع به غير أن البعض منهن قلن لي : ظروف المرأة الكاتبة أو المبدعة في أي مجال كان مختلفة في بلادنا فهي لا تكتب إلا في جو يسوده التحريض ضدها من المجتمع، والمجتمع لم يتقبل الأديبة بكل ما تملك وهناك سلسلة من العادات تحاصرها من مجتمع يحرم عليها الكتابة وكذلك المسؤوليات التي تواجهها المرأة الأديبة أو المبدعة ومنهن من أكتفت بنشر بعض النصوص وظهر أسمها في بعض الصحف ومن ثم اختفت في دهاليز الصمت.حقيقة الأمر إنني أخشى دوماً أن أصحو واجد أديباتها قد غادرن عالم الكتابة بصمتهن وكثيرة هي المفارقات التي رأيتها فهناك كاتبات يمنيات في قمة الإبداع يكتبن بأسماء مستعارة خوفاً من أن يقرأ الرجال أسماءهن ولقد صرن يخفن أن يكتبن أسماءهن في نصوص في قمة الروعة والجمال وقبل مدة ليست بالقصيرة أعطتني فتاة تكتب بالخفاء خواطرها وتمنت أن أنشرها لكن من دون أسمها مع أن أسلوبها جميل جداً وربما صارت شاعرة أو قاصة فاندهشت عندما أخبرتني ألا أنشر اسمها وأدهشني قولها، «عيب أن أنشر أسمي أبي سيضربني».قلت لها نحن معشر النساء مهما كنا لا نملك سوى أسمائنا فهل سيحرمنا الرجال من كتابتها من دون خوف منهم .. نعم نحن النساء لا نملك سوى أحرف نتدرب على كتابتها حين تمنح فرصة التعليم وحين يفرض علينا قرار أن ننهي دراستنا المبكرة ونقعد خلف ألف جدار ننتظر مصيرنا في الحياة أما أن نموت وأما ندخل معاناة أخرى عندما يفرض على البعض ترك الدراسة مبكراً بسبب العادات التي أدهش كيف غزت أفكار بعض الرجال حيث أن تعليم الفتاة من المحرمات عندهم ومن آخر الحقوق التي تمنح لها فلا يبقى لنا سوى تلك الخربشات التي نكتبها على ورق عتيق بالخفاء حتى لا يراها أحدهم ويفضحنا أننا نمارس فعل الكتابة ..كثيرة هي هموم الأديبات اللاتي تنحسر أحلامهن حين يقررن الخوض في مجال النشر والظهور لهذا نجد الكثيرات يعيش خلف الظل لا يمنحن حقهن في القراءات في وضح النهار لا بل في ليل دامس بل وأن البعض منهن حين تنشر تطالبها القبيلة بالموت في صمتها ويفرض أن تعيش في ظلام لا يجب أن تنيره بمصباحها الضئيل الشعلة.الكاتبة التي تتردد في إظهار ما تجود به قريحتها والتي ترسم أحلامها في ورقة تخفيها عن العالم همومها أكبر وأحلامها أيضاً أكبر ولكنها تريد مجتمعاً يتفهم ما يعني كتابة اسمها على صفحات الجرائد وماذا يعني أن تكون أديبة تمارس فعل الكتابة، كاتبة تعبر عن هموم بنات جنسها بالحرف الذي يحاولون أن يحذروا منه.لماذا المرأة الكاتبة تشكل خطراً على القبيلة فيما تكتبه ؟ هذا سؤال آخر دوماً يقلقني ولا أجد له أي جواب ؟؟؟