قد يكون الطيران من اجمل الاحلام التي ترافقنا منذ الطفولة، حتى يكاد يكون ترجمة خيالية لتلك الصور التي تشغل مخيلات الاطفال، فنراهم يسألون عن «سر» الاجنحة وسحرها وسبب تفرّد العصافير بالتنعم بها، فيما انهم محرومون منها وعاجزون عن التحليق.الواقع ان احلام الطيران ليست بعيدة المنال. فبفضل رياضة الـ«باراغلايدينغ» يمكن تحقيق هذه الرغبات. وبعكس الشائع، لا يلزم المرء الكثير من الخبرة أو الدورات التدريبية رغم انها امر اساسي، اذ تبدو ثلاثة ايام أو اربعة حدا اقصى مدة كافية لتعلّم التقنيات وأصول التحليق وليتمرّن على قواعد الانطلاق والهبوط وذلك في جلسات مكثّفة تستمر طوال هذه الايام. ويؤكد الخبير في مجال التحليق اللبناني جهاد عبجي ان من أبدى اصرارا على التحليق من دون اظهار اي تردّد فبإمكانه الطيران في اليوم الرابع. كل ما يلزم، جرعة من الشجاعة للاقدام على الخطوات الاولى. اذ ان التحليق بالـ«باراغلايدنغ» سهل ولا يحتاج الى القفز من طوافة. يكفي الركض بضع خطوات على منحدر حتى يمتلئ المنطاد هواء ويرتفع ليصبح على مستوى متعامد مع الطيار فيباشر التحليق، وشيئا فشيئا يصبح الحلم حقيقة! تحقيق هذا الحلم سبق ان استشرفه والتر نويمارك في عام 1954، حين كتب في مجلة «فلايت» انه سيأتي وقت يكون فيه الانسان قادرا على التحليق بعد ان ينطلق راكضا فوق حافة جرف أو على منحدر حاد.. سواء كان يمارس التسلّق في جزيرة سكاي (الاسكوتلندية) أو التزلج على جبال الالب.وهذا تحديدا ما حصل في السنوات والعقود اللاحقة. ففي عام 1961، طوّر المهندس الفرنسي بيار لومانيي تصميم المظلة بحيث يمكن قطرها صعودا لترتفع في الهواء وتحلّق. وفي بداية الستينات، اطلقت الوكالة الاميركية للطيران والفضاء «ناسا» عبارة «باراغلايدر» فيما استخدمت عبارة «باراغلايدنغ» في بداية السبعينات لوصف عملية الطيران بالمظلّة بعد الانطلاق ركضا.ومنذ الثمانينات، وهذه الرياضة آخذة في التطوّر وعدد الهواة والمحترفين في ارتفاع ايضا. واول بطولة عالمية اجريت في النمسا في عام 1989. وفي لبنان شقّت هذه الرياضة طريقها منذ عام 1992 وبدأت تلاقي اقبالا ملحوظا منذ عام 1997، رغم ان الظروف التي تطرأ احيانا على البلاد تمنع التحليق لأسباب امنية. ولكن في اية حال، هناك مساحات مرخّص لها حيث بإمكان الهواة مثل المحترفين التحليق بارتياح. ومن هذه المناطق يذكر عبجي (معراب، مزيارة، الارز، صوفر، لاسا، حمانا، شبروح). ويوضح عبجي ان هذا النوع من التحليق يختلف عن الهبوط بالمظلات لانه يمكن التحكّم في مستوى الارتفاع والانخفاض.