يعرف علم الاقتصاد بأنه ذلك العلم الذي يهتم بتفسير ووضع معايير السلوك الإنساني عند إقدامه على استخدام الموارد المتاحة والمحدودة لإشباع احتياجاته اللانهائية وغير المحدودة بحيث توضع تلك الموارد في أفضل استخداماتها الممكنة ليتم الإنتاج طبقاً لسلم التفضيل الجماعي، مع العمل المستمر على زيادة هذه الموارد كما وتحسينها نوعاً حتى يمكن تحقيق معدلات نمو مرتفعة للاقتصاد القومي لضمان ارتفاعات حقيقية في مستويات المعيشة. من خلال ذلك التعريف نستطيع أن تستدل على أن الاقتصاد واحد من أهم مفاصل أي دولة التي ينبغي لها الاستفادة من كافة الموارد المتوفرة فيها بالشكل الأمثل وبما يضمن امتلاكها لاقتصاد قوي وذلك على اعتبار أن الدول التي تمتلك اقتصاديات قوية ينعكس ذلك على شعوبها من حيث ارتفاع مستوى دخل الفرد فيما الدول التي تمتلك اقتصاديات هشة يجعل أفرادها يعيشون في مستوى دخل متدن ، وفي عالم اليوم فان المتتبع لوسائل الإعلام المختلفة يلحظ أن جميعها تتحدث عن تقدم ملحوظ في اقتصاد هذا البلد أو ذاك (وإن كانت جميعها تتحدث عن دول الخليج والمشرق العربي وغياب تام لدول المغرب العربي) والمتمثل بارتفاع أسهم بعض الشركات أو ارتفاع نسبة الصادرات إضافة إلى نسب الأرباح المحققة فهل يعني كل ذلك أن اقتصاديات تلك الدول وصلت للقوة التي تمكنها من تحقيق تلك الأرباح؟!ظاهراً قد تبدو الإجابة بـ (نعم) ولكن في حقيقة الأمر فان الإجابة هي (لا) والسبب في ذلك بسيط جداً وهي أن جميع تلك القفزات الاقتصادية التي يتم التحدث عنها إنما هي محصورة في دول نفطية أي أن التقدم فيها مرتبط بسعر برميل النفط.عند هذه النقطة ينبغي لنا إمعان النظر في اقتصاديات الدول العربية حينها سنجد أنها تعتمد على شيئين لا ثالث لهما هما، النفط، والسياحة إن هذين الشيئين قد تراجعت أسواقهما في الآونة الأخيرة بشكل ملفت للنظر جراء التفجيرات الإرهابية التي تحصل في عدة دول عربية الأمر الذي يسبب خللاً في اقتصاد تلك الدول ويجعلنا نكتشف أن جميع تلك الأرباح المحققة في بعض الدول لم تجعلها ذات حضور فاعل وقوي في الاقتصاد العالمي فهي لم تقم بإنشاء مشاريع صناعية قادرة على منافسة الصناعات الأخرى بل ارتضت لنفسها أن تكون مستهلكاً لما ينتجه الآخرون وبالتالي ساهمت سياساتها الاستهلاكية تلك في انتشار البطالة بين صفوف الشباب العربي، في الوقت الذي يرى فيه بعض الخبراء الأجانب أن على المنطقة العربية أن تستحدث (55) مليون فرصة عمل في السنوات الـ (13) المقبلة لتلبية حاجات شريحة متنامية من الشباب الباحثين عن عمل في مقابل ذلك نجد أن معظم الدول التي تغطي منتوجاتها الأسواق العالمية لا تمتلك مقومات مثل تلك التي يمتلكها العرب سواء من الناحية البشرية أو الاقتصادية، فعلى سبيل المثال فإن تايلند التي يبلغ عدد سكانها ربع سكان العالم العربي تصدر وحدها سلعاً مصنعة أكثر من كل دول العالم العربي فيما كوريا الجنوبية وتايوان تصدران في ثلاثة أيام أكثر مما تصدره مصر في سنة.عند هذا الحد فإننا نصل إلى نقطة غاية في الأهمية تتمثل في عدم الاستفادة من الاستثمارات النفطية بشكل صحيح بمعنى آخر فإن أموال النفط لم تستطع أن تجلب معها أفكاراً جديدة أو تقنيات جديدة تمكن العرب من الاستفادة من أرباحهم ويرى البعض أن الخلل الرئيسي في ذلك يكمن في السياسات التعليمية التي تنتهجها الجامعات العربية التي تعتمد على الحفظ والتلقين في ظل غياب واضح للمهارات التقنية والفنية فكم هي الأبحاث العلمية التي تقدمها جامعاتنا ليتم الاستفادة منها عملياً؟ وكم عدد براءات الاختراع التي تسجلها الدول العربية قياساً بباقي الدول؟!فحتى الآن لاتوجد جامعة عربية واحدة مصنفة من ضمن أفضل جامعات العالم وعليه يصبح على العرب إن أرادوا أن يدخلوا في الاقتصاد العالمي بقوة أن يبدؤوا بتغيير سياساتهم .
التعليم الجامعي بوابة الاقتصاد القوي
أخبار متعلقة