صـباح الخـير
يستهويني كثيراً ركوب الحافلات (الباصات) أثناء ذهابي إلى العمل كل صباح باكر والعودة منه آخر النهار ، ذلك لأنك في وسيلة المواصلات هذه ، وإن كانت غير مريحة تماماً ، تجد أصناف البشر بمختلف مشاربهم الثقافية والاجتماعية ، والسياسية ، أحياناً ، فتستمع إلى العديد من الآراء التي ترفدنا ، نحن معشر الصحفيين ، دائماً بمعلومات تفيدنا في تناولاتنا الصحفية وفي تكوين أفكارنا وصبها على الورق ليتناولها القارىء ، فنكون بذلك بمثابة المرآة التي يرى فيها المرء ذاته ، لهذا يصف البعض الصحافة بمرآة المجتمع .وعودة إلى بدء أضيف أن ركوب الحافلات في تنقلاتنا لها أيضاً ميزة أخرى غير الأولى الآنفة الذكر وهي أنها أرخص وسيلة مواصلات حتى الآن في بلادنا .. وهذه من الفوائد المادية لنا ، نحن أيضاً معشر الصحفيين في صحيفتنا حيث لم نزل ننتظر عن حقنا في علاوة الخطورة كباقي زملائنا في المؤسسات الاعلامية والصحفية الأخرى ، وعن التوصيف الوظيفي بحسب هيكل الصحفيين كباقي صحفيي العالم .في أحد الأيام القريبة الماضية ، وأثناء عودتي من العمل ، آخر النهار ، وفي سوء الطالع إنني ركبت حافلة متهالكة .. وأضاف سائقها صوتاً نشازاً من جهاز التسجيل إلى صوت حافلته الذي يصم الآذان ليتفنن بتعذيبنا .. فطلب أحد الركاب منه إغلاق الأغنية النشاز بحجة أن سماع الأغاني حرام .. صاحبنا أغلق الأغنية دون أي تعليق .. إلاّ أن بعد دقائق سمعنا أحد الركاب يصرخ بأعلى صوته موجهاً كلامه إلى الراكب الأول الذي حرم سماع الأغاني ، وعند استفسارنا عما حدث أنتابتنا موجة من الضحك ، فقد علمنا أن الذي حرم الأغاني أطلق العنان للسانه بالغناء .وفي أحد الصباحات الباكرة بنسائمها الصيفية المنعشة كانت حافلة الركاب ، في مجمع الشيخ عثمان (فرزة الهاشمي) الوحيدة المتجهة إلى منطقة الروضة (القلوعة) وهي وجهتي لأن مبنى الصحيفة يقع على الطريق إلى هذه المنطقة .. المهم ، كنت ضمن ركاب تلك الحافلة المتهالكة ، أيضاً ، فمعظم سيارات الأجرة أو الحافلات في بلادنا لا يتم الاعتناء بها من قبل ملاكها ولا يتم محاسبتهم حفاظاً على الركاب من قبل جهات الاختصاص وأقصد إدارة المرور .كان صوت (ماكنة) الحافلة يصدر ضجيج مزعجاً والمسجلة مفتوحة بأعلى صوت خارقة طبلة آذاننا ، والغريب أن الركاب وكأنما على رؤوسهم الطير ..