14 أكتوبر تنشر تقريراً حول بعض الطقوس المجتمعية المهلكة مادياً لأسرة المتوفى



- طقوس التهليل وجلب القات وتوزيعه على مدى ثلاثة أيام يدخل أسرة الميت في قيود ديون مالية طويلة الأمد
- الأسرة التي لا تعمل بشروط العزاء تشعر بالدونية والنقص وكأنها ارتكبت ذنباً أو قصرت بحق الميت
- تقديم العزاء لأسرة المتوفى هو من السنة بشرط أن لا يحمّل أسرة الميت أي كلفة

14 أكتوبر/خاص:
يشكو سكان مديرية جبل حبشي بمحافظة تعز من عادة اثقلت كاهل أسر المتوفين واغرقتهم في بحر من الديون من أجل إقامة طقوس التهليل والثالثة وجلب مادة القات لكي يتم توزيعها على الحاضرين بحجة التهليلة وذكر الله على أساس ان هذا الفعل يعود على روح الميت بأجر ، وكل منطقة تختلف عن الأخرى منهم من يفعلون ثلاثة أيام والبعض الآخر سبعة أيام كل حسب عاداتهم وتقاليدهم .
طقوس مكلفة
باتت هذه الطقوس ما بين مؤيد ومعارض حول إقامتها بسبب الإنفاق الذي يتم صرفه من أجل إحيائه في منزل أهل الميت بعد دفنه والتي تمتاز به مديرية جبل حبشي دون غيرها من مديريات مدينة تعز.
يروي صادق المليكي وهو من عزلة القحاف بمديرية جبل حبشي يعمل في القطاع المدني وناشط حقوقي " باب الإنفاق يعد من الأشياء المبتدعة في عصرنا الحاضر ومخالفاً للشريعة الإسلامية الغراء ويعتبر تحيزا على أموال ورثة أهل الميت حيث يتم تكليفهم من قبل الميسورين من الاولاد لأجل الاستحواذ على قطعة أرض أو مال مكتسب بصفة الغرامات في طقوس التهليل والثالثة التي لا تمت للشرع بصلة.
ولكن عبدالرحمن غالب حيدر من منطقة بني عامر بمديرية جبل حبشي ويعمل موجهاً تربوياً هو الآخر يقول "لا احبذ أن تضيف طقوس التهليل والثالثة عبئا كبيرا على أهل الميت ومن لايعمل ذلك يشعر بالدونية واستصغار نفسه أمام الاخرين وكأنه ارتكب ذنبا أو قصر بحق الميت.
أما خالد علي فارع من منطقة القشعة بعزلة القحاف بمديرية جبل حبشي ويعمل مدرساً فيختلف عن غيره ويقول: بالنسبة للتهاليل فأنا لا أؤمن به بتاتاً .
ويضيف فارع: اما العزاء فهو من السنة ولكن يجب أن لا يحمل أسرة الميت أي تكلفة فهو من باب المواساة وإخراج أسرة الميت من الحزن والحالة التي هم فيها.
ولكن محمد محمود البريهي من عزلة البريهة بمديرية جبل حبشي بمحافظة تعز ويعمل محامياً واميناّ شرعياً يختلف رأيه عن غيره ويقول "إن الأمر متروك لأهل الميت وهم بين الخيارين مخيرون غير مجبرين فإن كان للميت مخلف يمكنهم القيام بذلك منه وإن كان لأولاده قدرة عليه فلا بأس به.
واضاف البريهي على أن تكون خالصة لوجه الله دون رياء ولا سمعة وبنية الصدقة إلى روح فقيدهم وإن لم يكن للميت ما يكفل ذلك وان كان أولاده معسرين أو حتى ان كانوا مقتدرين وغير راغبين بذلك فلا إثم عليهم إلا أنه كان يستحب أن تتبع ميتهم صدقة لفقير وجار وذي قربى.
تكاليف باهظة
يتحدث المليكي بأن التكاليف التي تصرف من أجل إقامة طقوس التهاليل والثالثة أي ثالث يوم بعد الدفن تقدر بمبالغ باهظة قد تصل إلى 10 ملايين أو 20 مليون ريال خصوصاً من قبل الميسورين المغتربين أو التجار واصحاب رؤوس الأموال.
ويضيف عبدالرحمن حيدر أن التكاليف التي تنفق في هذه الطقوس تختلف من شخص إلى آخر حيث تقوم أقل اسرة بشراء ثور تقدر قيمته بـ 2.5 مليون ريال.
مجال الصرفيات
يروي حيدر بأن التكاليف تذهب في شراء مادة القات وكذلك الغداء والعشاء والى المنشدين الذين يقومون بقراءة القصائد والتهليلة خصوصاً في المساء حتى الساعة العاشرة والنصف مساءً .
ويؤكد حيدر أنه ينقلب الوضع إلى وليمة وليس عزاء في بعض المناطق.
واما المليكي هو الآخر فيقول "إن التكاليف تذهب إلى غير مكانها المحدد كشراء القات والذبيحة وغيرها من متطلبات الأكل كالغداء والعشاء في منزل أهل الميت.
المهللون والمنشدون
يقول عبدالرحمن حيدر: في بعض المناطق يكون المهللون والمنشدون بعضهم طوعي لكن لابد من توفير الأكل الوفير كاللحم وتوابعه والقات الجيد .
واما بشير الشدادي من منطقة يفرس بمديرية جبل حبشي فيروي أن «المنشدين عندنا بلاش أما إذا ذهبوا إلى مناطق أخرى فيتم دفع اجرة لهم» .
واضاف الشدادي أن الذي ما يريد يسوي تهاليل مش قادر فلن يأتي أحد بدون رضا أهل الميت.
ويتحدث سلطان الوقار من منطقة عقمات بمديرية جبل حبشي "التهليلة هي ذكر لله وصلاة على رسوله محمد بن عبدالله وفيها تلاوة القرآن والدعاء.
واضاف الوقار أن الدعاء مستحب من أهل الميت للميت وبالنسبة لي شخصياً ادعمها واؤيد القائم بها مالم تكن فوق سعته أو إن كان فيها مغالاة وانكر فيها الدف والطبل.
إلغاء التهاليل
يضيف خالد فارع: بالنسبة للتهاليل وتكاليفها فأنا أرى التخلص منها وترك هذه العادة التي تثقل كاهل أهل الميت بالديون والتكاليف.
ولم يكن خالد هو الوحيد من يريد إلغاءها بل المليكي هو الآخر يقول "يجب أن تمنع هذه العادات الزائفة التي تتم بعد وفاة الميت ومن الأفضل أن تقضى بها ديون المتوفى وتسديد كل ماعليه من ديونو وياليت أن يتم بها عمل صدقة جارية كحفر بئر ماء أو إصلاح طريق أو مسجد أو إطعام أسر فقيرة صدقة إلى روح الميت.
جبل حبشي الوحيدة
ويروي مروان ابراهيم الراشدي من منطقة المحشاء يعمل تربويا بأن مديرية جبل حبشي تعتبر الأولى من حيث إقامة التهاليل والموالد والذكر في معظم أبناء قراها إلا ما ندر لبعض الأماكن.
ويؤكد حيدر أن من المناطق التي مازالت محتفظة بها بعض قرى المراقبة ويفرس وعزلة الجبل والبريهة.
واختتم الشدادي حديثه قائلاً: كل المناطق بمديرية جبل حبشي تقيمها إلا بعض الاماكن التي يمنعهم فيها الإخوان المسلمون وتكاد تكون منعدمة .
واشار الوقار الى انه حسب علمي أن معظم عزل مديرية جبل حبشي يقومون بها منذ القٍدم وليست حديثة اليوم.
تخفيض عدد الايام
ويوضح الوقار أن الأمر ليس فرضاً وليس جبراً ومن الملاحظ إنه قد تم خفض عدد ايام التهاليل من سبعة أيام إلى ثلاثة أيام وهذا لاباس به، ولعل ذلك يشفع لمن ليس مقتدرا على ذلك وإن كان فيه من ثقل على بعضهم فإنني أرى أنه لا باس عليهم إن تركوها واكتفوا بالدعاء للميت والصدقة الى روحه.
الثالثة أي ثالث يوم
ويدلي خالد فارع برأيه ويقول: أما الثالثة أنا أرى فيها رأيين الاول.. إذا كان الميت فقيرا معدما أو متوسط الحال وما يملكه يالله يكفي إعالة أسرته من بعده في ذلك الوقت فهنا الذبح والطعام يعتبر بدعة وفيه مشقة وتكلفة على الورثة .
والثاني .. إذا كان الميت من الميسورين أصحاب المال والتركات فهنا الذبح وإطعام الطعام بنية الصدقة الى روحه هنا لا بأس فيه بشرط أن يقدم للفقراء والمحتاجين وليس للأغنياء والميسورين.
عادات وتقاليد زائفة
يقول صالح العرادي من منطقة وادي الأحمر بني عيسى بمديرية جبل حبشي يعمل في السلك التربوي: إن العادات والتقاليد والبدع أصبحت سائدة في أوساط المجتمع اليمني واوساط الوطن العربي خصوصاً في زماننا هذا، يقتدون بما يقوله المتصوفون أي الصوفيون بأن هذه الأشياء تقرب المتوفي من الله عز وجل بما يقدمه أهل الميت من التهاليل والموالد وغيرها من العادات الزائفة.
الحلول والمعالجات
يقول محمد مدهش من منطقة الشرجة بمديرية جبل حبشي متقاعد «إن الحلول والمعالجات هي من المجتمع نفسه حينما تقل عملي الحضور أثناء إقامة التهاليل والثالثة، ويرى أهل الميت بانه لم يحضر احد قبل وجبة الغداء وكذلك في المساء أثناء التهاليل وسوف يعرف الناس بأن المجتمع تغير ولم يعد يؤمن بمثل هذه الأشياء المبتدعة منذ القدم».
واختتم مدهش حديثه قائلاً إن منطقة النوازل بعزلة القحاف بمديرية جبل حبشي قد تركت هذه الظاهرة الثقيلة على أهل الميت وتجدهم يحضرون من بعد الساعة الثانية عصراً وكل معه قاته ولا يحملون أهل الميت أي تكلفة وتعتبر هذه البادرة بداية فهم المجتمع بأن هذه الظاهرة انتهت وبدون رجعة.
الجهات المعنية
حاولنا التواصل مع مدير فرع مكتب الأوقاف بمديرية جبل حبشي عماد الفقيه من أجل التوضيح عن دورهم في توعية المجتمع في المديرية بشأن الاضرار الكبيرة التي تلحق أهل الميت بسبب هذه الظاهرة الثقيلة على أهل الميت، ولكن جواله ظل مغلقاً.
