في مقابلة صحفية مع ( السياسة) الكويتية .. رئيس الجمهورية:
صنعاء/سبأ:أكد فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح ، رئيس الجمهورية أن قافلة البناء والتنمية في اليمن تسير بوتائر عالية في كافة المجالات بعد أن تحقق للوطن خلال الثلاثة العقود الماضية إنجازات ومكاسب عظيمة في سبيل ترجمة طموحات الشعب اليمني وغاياته في النهوض والتطور الحضاري الشامل.وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة ( السياسة) الكويتية ونشرتها في عددها الصادر أمس اعتبر فخامة الأخ الرئيس إعادة تحقيق وحدة الوطن في الـ22 من مايو 90م من أعظم تلك المكاسب والمنجزات باعتباره حدثا تاريخيا يسجل لشعبنا اليمني ويعتز به الجميع .وتطرق الاخ الرئيس إلى النجاحات التي حققها اليمن على صعيد التجربة الديمقراطية ومستوى ممارسة حرية الرأي والتعبير التي جعلت الجميع يقولون ما يريدون من دون خوف أو تكميم للأفواه، مؤكدا ان الخيار الديمقراطي الذي اختاره اليمنيون لا حياد عنه، وان من يحلم بالتمصلح خارج إطار القانون وثقافة المجتمع فان الرد عليه سيكون بشكل حضاري لا بنفس أدواته .وقال :” هم يستعملون شعارات عفى عليها الزمن وانتهت صلاحياتها ، ونحن نتحدث بمنطق العصر في الرد عليهم ، في حين ما تزال ألسنتهم تلوك الشعارات الفارغة والجدل البيزنطي الذي لا طائل منه ولا فائدة ، نحن أوسع أفقاً من أن نوقف مسار التنمية لعدم رضى المعارضة أو ذوي الطموحات السياسية الواهية وشعبنا سئم الإسفاف وسيرد بالمنطق ( الصاع صاعين) على ممتهني ( حرية البذاءة )، مضيفا: “ لن يحدث في عهدي ما يخرج عن الخيار الديمقراطي الذي التزمنا به ولن نحيد عنه وعن حكم عادل ارتضيناه لكل الناس ، المؤيد والمعارض منهم».وفي رده على سؤال حول إعلانه رغبته عدم الترشح قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، قال الأخ الرئيس:” يعلم الله أنني كنت صادقاً لقد أردت ان أخلو بنفسي فلها علي حق ، كنت أريد أن أمارس حياتي بحرية أكثر بعيداً عن( دوشة ) المسؤولية ومنغصاتها وبروتوكولاتها فالمسؤولية في اليمن أمر ليس بالسهل لمن يتحملها ، كما إننا بذلك نريد أن نرسي تجربة رائدة في مجال التداول السلمي للسلطة».وأردف قائلا :” لقد سعيت لذلك لكن المطالبات الشعبية هي التي ضغطت لأعدل عن قراري وتأكد عند صناديق الاقتراع أنها مطالبات حقيقية وليست تنظيراً كما زعم المتمصلحون .وفي إجابته على سؤال حول ما إذا كان استفاد من المنصب أم المنصب استفاد منه ؟ قال الأخ الرئيس :” بكل تواضع وراحة بال أقول أن المنصب استفاد مني لقد كان حلمي وأنا أتولى المسؤولية منذ البداية أن أحقق الاستقرار والأمن لليمن وقد حدث ، لقد كانت أحلامنا أن نرى دولة دستورية تحكمها قوانين مؤسسية لها شكل الدولة أسوة بالدول الأخرى التي تتمتع بالاستقرار السياسي”. وأضاف :” لقد شهد اليمن مشاريع نفطية مهمة هي أساس الدخل لميزانية الدولة ، كما شهد اليمن بنية تحتية لم تكن موجودة في الماضي ، لقد شهد في عهدنا استعادة تحقيق الوحدة اليمنية بين شمال الوطن وجنوبه وهذا حدث تاريخي يسجل لشعبنا ونعتز به جميعاً».وعن ما إذا كان الهرج السياسي الدائر في الساحة يؤثر على شعبيته أم لا ؟ قال الأخ الرئيس: “ “ يسمع الناس جدلاً من هنا وهناك إزاء هذا الأمر من قبل المعارضة ، وهي معارضة يقرها المسار الديمقراطي ، وفي المقابل نسعى نحن جاهدين الى تبيان الحقائق وإيضاحها أولاً بأول أمام عامة الشعب وذلك بالأدلة والبراهين دون سفسطة عقيمة لا جدوى منها ونحن لا ندعي هنا أن الشعبية التي نحظى بها هي بكامل أبناء الوطن ولكن نظن - وهذا ما تظهره مؤشرات الأحداث - أن رضا العامة على الرئاسة يشكل أغلبية فهذا ما تؤكد عليه صناديق الاقتراع «.وأستطرد قائلا :” على كل هذه هي الديمقراطية التي نؤمن بها وهذا هو حكم تعدد الآراء واختلافها الذي نوقن به».وعن المسار الديمقراطي ومدى أفضليته في حكم الشعوب ، قال الأخ الرئيس: “الديمقراطية هي موضة العصر والكل يدعو إليها وهي - بلا شك - أفضل عندما تكون محصنة وتراعي خصوصيات وموروث وثقافة المجتمع الذي تطبق فيه، أما أن تستورد كعلب مجهزة فإن التعامل بها سيحدث فوضى ، ولذلك لابد أن تكون هذه الديمقراطية مزيجا من الثقافة التي تخرج من رحمها ومن موروثات وخصوصيات البلد الذي تطبق به “. وبشأن آثار كارثة سيول الأمطار في محافظتي حضرموت والمهرة وجهود الدولة في معالجتها .. قال الأخ الرئيس:” إنها كارثة وقد حصلنا على معونات إغاثة من بعض الدول الشقيقة والصديقة لان هذه الأمطار وسيولها الجارفة أتت على البنية التحتية والأملاك العامة والثروة الحيوانية والزراعية ، فأربعة آلاف منزل جرفتها السيول بعد أن خرج منها أهلها تاركين فيها كل شيء ، خرجوا من بيوتهم بما يكسو أجسادهم اما بقية ممتلكاتهم فتركوها تنجرف مع بيوتهم وأموالهم وملابسهم وكل ما هو ثمين لديهم ، لقد تبرعت دولة الإمارات ببناء ما يقارب ألف منزل وقدمت السعودية مبلغ مائة مليون دولار وكذلك الكويت وعمان والأردن والسودان والجزائر ومصر وقطر ودول شقيقة وصديقة قدمت مساعدات إغاثة كان لها دور في تخفيف وقع هذه الكارثة ولهم الشكر من شعبنا ومنا».وعن قدرة الدولة وإمكانياتها لمواجهة آثار الكارثة ، قال الأخ الرئيس:” بلا شك نتدبر أمورنا أنها كارثة والدولة معنية بتعويض المتضررين من أبنائها وأجهزة الدولة كلها كانت تتابع ما حدث وتدرس سبل معالجة تلك الكارثة, ونحن الآن بصدد الدخول إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة إعادة الأعمار».وجدد فخامة الأخ الرئيس التأكيد على عدم تأثر اليمن بالأزمة المالية العالمية عدى في جانب تراجع عائدات الصادرات النفطية نتيجة انخفاض أسعار النفط ، موضحا أن اليمن يعول على مشروع الغاز المسال المزمع بدء التصدير منه في العام القادم لتعويض تراجع عائداته من صادرات النفط نتيجة لانخفاض إنتاج اليمن من النفط من 400 ألف برميل يوميا إلى 280 ألف برميل وكذا انخفاض أسعار النفط بشكل كبير في الأسواق العالمية .وقال :” اليمن ثري باكتشافات غازية ونفطية وموارد أخرى كثيرة تطمئننا على أن اقتصاده بخير ويتعافى من كل مطبات وأزمات الماضي” ، لافتا إلى أن هناك ثلاثين شركة عاملة في مجال الاستكشافات النفطية باليمن الآن وجميعها تؤكد وجود مؤشرات مبشرة على تواجد النفط وبكميات كبيرة ، مشيرا إلى أن اليمن يمتلك فرصا استثمارية عديدة وواعدة واعتمد نظام النافذة الواحدة لتلافي البيروقراطية التي كانت تواجه المستثمرين فضلا عن مواصلته تطوير القوانين النافذة لتقديم المزيد من التسهيلات والضمانات ولجعلها أكثر ملاءمة لجذب المستثمرين ومواكبة تنامي التدفقات الاستثمارية الكبيرة وخصوصا من دول الخليج ، وقال:” إن العالم يمر بأزمات مالية واعتقد أن لهذه الأزمات جانبا إيجابيا يتمثل في حث المستثمرين على اللجوء إلى مواطن آمنة لاستثماراتهم».ووصف فخامة الأخ الرئيس العلاقات اليمنية الخليجية بـ” الممتازة جدا” كاشفا النقاب إنه سيبعث برسالة إلى إخوانه قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال قمتهم المرتقبة الشهر القادم في سلطنة عمان بشأن تحديد متطلبات تأهيل اليمن ليصبح عضواً في مجلس التعاون ، وأوجه الدعم المطلوب من دول الخليج لتأهيل اليمن للانضمام الكامل إلى مجلس التعاون .وعن فتنة التخريب والتمرد في بعض مناطق صعدة ومدى خطورتها على أمن اليمن ، قال الأخ الرئيس :” العناصر التي اشعلت الفتنة يتواجدون في منطقة محاطة بالجيش والأمن ، وقد أوقفنا القتال من جانبنا لأننا رأينا أن هذه حرب عصابات وعلاجها لا يتأتى بالرد العسكري ، فنحن حريصون على السلام والتنمية وعلى عدم إراقة الدم اليمني من اجل أن يسود السلام وتتفرغ الجهود للتنمية والأعمار ، ولهذا اتخذنا قرارنا بإيقاف العمليات العسكرية في صعدة».وبشأن الجهة الخارجية التي تدعم تلك العناصر، قال الأخ الرئيس:” لا أعرف ، لكن النشاط والتمويل الذي كان متوفراً لدى هذه العناصر لا يمكن أن تكون ذاتية ولا أستطيع ان أجزم بدعم خارجي معين ، لكنهم يديرون حرب عصابات بتمويل غير ذاتي «.وبشأن رؤيته للتطرف الديني الذي تعيشه المنطقة قال الأخ الرئيس :” دعنا نقول أنها هي الأخرى ( موضة ظرف زمني) تعيشه المنطقة التي جربت المد القومي والماركسي ، وهي رياح إيديولوجيات هبت على المنطقة وخسرت مواقعها والآن نحن نعايش مد التطرف الديني ،لكن كل ذلك لن يكون مخيفا لاسيما ونحن نتعاون مع العالم في محاربة الإرهاب وملحقاته من تلك الإيديولوجيات التي تأنفها الشعوب.وأعتبر فخامته ما يجري من أعمال قرصنة في المياه الدولية بخليج عدن بأنه نوع من أنواع الإرهاب ، مذكرا بأنه سبق وأن نبه لخطورة حدوث مثل هذه الأعمال وقدم منذ فترة طويلة نصائح لأميركا والأوروبيين بضرورة دعم جهود إعادة الاستقرار والسلام إلى الصومال ومساعدته على إعادة بناء دولته ومؤسساته لتلافي الآثار السلبية المحتملة لتدهور الأوضاع في هذا البلد إلا أن تلك النصائح لم تلق استجابة .وفي إجابته على سؤال عن سر قوته في حكم اليمن بهذه( الفسيفساء الاجتماعية) ــ قبائل وتجمعات وثقافات وأحزاب ــ قال فخامة الأخ الرئيس: “عندما توليت أمر المسؤولية في اليمن كانت لدي أجندة سرت ولا أزال عليها واعتقد أن الناس التفوا حولها لأن هذه الأجندة قائمة على تأمين الاستقرار للبلد بعد سنوات من الفوضى والانقلابات العسكرية ، الأمن والاستقرار كانا هدفين أساسيين رسمتهما أمامي لأنهما يجلبان الخير للشعوب وأشعر أن الكل اطمأن إلى أن أهدافي هي يمن مستقر قائم على دولة القانون والمؤسسات ومجتمع ديمقراطي مدني لا يفسد فيه الاختلاف في الرأي أي قضية ولا يؤدي إلى أي خصومة شخصية.