[c1]سعيد علي نور [/c]بين يدي ( الكتاب) و (الندوة) لابد من وقفة أمام حقيقتين يجب ان نثيرهما، بإنصاف وتقدير: أما الحقيقة الاولى فتتعلق بالكتاب الذي أعده واشرف عليه الأستاذ الدكتور احمد الهمداني وقدم له تقديماً جيداً. هذا، يحسب للرجل، باعتباره مجهوداً بحثياً وتوثيقياً تم اخراجه باقتدار، حتى ان الندوة، بالأبحاث المقدمة اليها، قد جاءت على هامش هذا الكتاب. وهنا تتجلى الحقيقة الثانية، المتعلقة بالندوة، إذ لايمكن ان نغفل أن معظم، إن لم نقل كل الابحاث المقدمة اليها قد اعتمدت على المادة التي جمعها الهمداني في كتابه، الذي أعاد الى الاذهان اهمية لقمان في سياق العصر الذي عاش فيه.إن تصريحاً، من هذا النوع، لايغمط الجهود المشتركة التي تظافرت في اروقة الجامعة قيادة ودوائر للاعداد لهذه الندوة ولكنه ـ الى ذلك يجب ان يسجل، من قبيل التوثيق الفكري، أن الهمداني قد قاد عملية التحضير لها باقتدار. ليس فقط من موقعه على رأس نيابة الدراسات العليا والبحث العلمي ولكن، أيضاً، من حضوره في الساحة الثقافية اليمنية، قبل ان يتولى هذا الموقع وبعده كان لابد ان نسجل هاتين الحقيقتين، ليس من قبيل التقريظ ولكن من قبيل التنويه بما يستحق ان يذكر.لقد كتبت عن لقمان والقيت محاضرات عنه، في اتحاد الأدباء بعدن قبل مايقرب من خمسة عشر عاماً من هذا التوقيت لكنه كان مجهوداً فردياً لباحث حاول أن يلفت النظر الى تراثنا الفكري القريب، غير أن ظروف تلك المرحلة لم تمكن من الاستمرار. حسناً فعل الصديق الدكتور احمد الهمداني عندما وسع مجهوده في كتابه ليجعل منه مجهوداً اجماعياً في هذه الندوة.أعود الى القول انني اختلف كثيراً مع اصطلاحات من قبيل (النهضوي)و (التنويري) التي اطلقت على فكر لقمان وقد رجحت "الإصلاحي" وهذا الرأي موثق في الورقة التي تقدمت بها الى هذه الندوة.لقد كان الوضع العام: الثقافي، السياسي، الفكري الاجتماعي في زمن لقمان متخلفاً، الى حد كبير، الأمر الذي يدعو الى أن نقيس انتاج الرجل في سياقه التاريخي، وفي نفس الوقت فإن الشروط العلمية للبحث، وهي متوفرة في الكتاب والندوة معاً ولاشك، تدعونا إلى الابتعاد عن التوظيف السياسي لفكر لقمان، حتى لانعيد ملابسات الماضي التي ينتفي معها البعد المستقبلي للبحث العلمي.بقي أن نعيد الى الأذهان ـ كما هو معروف ـ أن أي مشروع نهضوي لابد له من مدخلات تتجاوز"الاصلاح" و"التنوير" الى تقديم البدائل، وهذا لم يكن متاحاً في زمن لقمان في اليمن (النصف الأول من القرن الماضي ) وهذا ليس عيباً في لقمان نفسه ولكن في السياقين: التاريخي الجغرافي في عدن التي كانت محكومة من قبل الاستعمار البريطاني والبرجوازية الكمبرادورية التي تحتكم إلى مصالحها التي تضاءل معها الافق الوطني الى حد كبير.لقد كان لقمان مفكرا و مصلحاً، حقاً لكنه كان محكوماُ بذلك السياق الذي جعل تأثيره محصوراً في مستعمرة عدن التي كانت تصدر فيها "فتاة الجزيرة" وإذا ماقيس ذلك الى نسبة الأمية حينها فإن ذلك التاثير يكون محدوداً ولايحتمل اكثر مما فرضه السياق التاريخي وملابساته. ومن هنا تنبع اهمية الكتاب والندوة، في آن معاً، لأنهما سيعيدان صياغة مشروع لقمان أقول "الإصلاحي" وفقاً لمقاييس عصرية وعلمية بالطبع.
لقمان بين (الكتاب) و (الندوة) (حقيقتان ورأي)
أخبار متعلقة