صباح الخير
في سياق التطور التاريخي ، ولد رأس المال من رحم الإقطاع ، حيث تضخمت العائلة والملكية الخاصة وتشكلت بذلك دولة الإقطاع ومن ثم دولة رأس المال، وبأشكال متفاوتة في مختلف مناطق العالم، ولعبت الحروب دوراً كبيراً، في استقطابات وتراكم رأس المال العالمي، كما شكلت الثورة الصناعية رافداً كبيراً لنمو رأس المال، وكذا التكنولوجيا الملازمة لها ، وشعار الرأسمالية كان ومازال الربح بأي طريقة حتى ولو كانت على حساب الآخرين ومن هنا كان طابعها المتوحش وجوهرها الاستعبادي أو الاستغلالي. وذلك ولد بالضرورة الفكرة أو النظرية البديلة لتطور العالم بصورة أكثر إنسانية ، تلك النظرية التي تدعو إلى جعل الأرض والثروة ملكية اجتماعية عامة، بحيث تصبح هذه الثروة في متناول كل البشر، طالما أن الجميع يشارك في إنتاج هذه الثروة، وهي الفكرة الوحيدة التي تلغي التفاوت الكبير في مستوى دخول الناس وتضع حداً لتوالد الفقر والبطالة والمجاعة وسوء التغذية ، وتعيد للإنسان كرامته وقيمته ، وتحرره من العبودية والاستغلال ، والهوان والإذلال من كونه مجرد أجير يعمل بالمجان ويموت نيابة عن الآخرين في مختلف أنواع الحروب والنزاعات المفتعلة والمتكررة، والصراعات والتناحرات التي لا تعني الأغلبية الساحقة من البشر ، وقد شهد العالم فعلاً تجربة بناء الاشتراكية ، كنظام بديل للرأسمالية المتوحشة ، ولم يكتب لهذا النظام التاريخي البديل البقاء والاستمرار والتطور، بسبب تكالب النظام الرأسمالي عليه من جهة ومن جهة أخرى بسبب عيوبه الملازمة له كتجربة جديدة، ومحدودية وجوده، حيث أنه لا يمكن للاشتراكية أن تحل محل الرأسمالية إلا إذا سادت العالم كله كنظام صالح لكل الأمم. وربما يأتي هذا في قادم الأيام ، وبهذا تحل الأممية الاشتراكية محل الأممية الرأسمالية، أممية تسود فيها أممية الشعوب ، ويحل العدل والمساواة والسلام بديلاً عن الغزو والاحتلال والحروب المدمرة للحضارة البشرية ، ونهب ثروات الآخرين ، وتنتهي نزعات الاستئثار والاستحواذ والطغيان والهيمنة والسيطرة على الآخرين بالقوة العسكرية الغاشمة وبأساليب الحصار الاقتصادي والانحلال الأخلاقي، ويجوز لنا القول أن الزمن الجميل قادم لا محالة ، طال الزمن أم قصر.