مساهمة من مؤسسة ( 14 اكتوبر ) إلى جانب جهود السلطة المحلية بحضرموت
المكلا/ حافظ فؤاد - تصوير / محمد علي عوض:مشاركة منها في الجهود الرسمية والشعبية لمواجهة آثار كارثة فيضانات السيول التي شهدتها المحافظة نهاية الشهر الماضي نظمت مؤسسة (14 أكتوبر) للصحافة والطباعة والنشر ممثلة بفرعها في محافظة حضرموت المكلا حلقة نقاش تحت عنوان « معاً من أجل تجاوز الكارثة» وقد شارك في هذه الحلقة التي احتضنها مقر فرع المؤسسة بمدينة المكلا - عدد من المختصين من أكاديميين ومهندسين ومن ذوي الخبرات إلى جانب عدد من الإعلاميين وممثلين لعدد من المنظمات الأهلية والجمعيات والاتحادات.وتحدث أولاً مدير فرع مؤسسة (14 أكتوبر) للصحافة والطباعة والنشر بمحافظة حضرموت مرحباً بالحاضرين وشاكراً لهم تفاعلهم مع هذه الدعوة لمناقشة الأوضاع المأساوية التي مرت بها المحافظة والمتمثلة في كارثة الأمطار والسيول وما خلفته من أضرار ومآس في مختلف الجوانب وكيفية معالجة وتجاوز هذه المحنة وآثارها كما نقل لهم تحيات الأستاذ/ أحمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير وتمنياته لهذه الحلقة النجاح والخروج بتوصيات من شأنها أن تكون أسمها إلى جانب الجهد الرسمي والشعبي لتجاوز آثار الكارثة .
وقد قدمت خلال الحلقة النقاشية ثلاث مداخلات رئيسية تناولت الآثار والأضرار التي تعرضت لها المنشآت الخدمية في مجالي التربية والصحة قدمها كل من التربوي حبيب بن حبيك والدكتور محسن بن هررة والأضرار في مجال خدمات المياه والصرف الصحي وكيفية معالجتها قدمها المهندس سلطان السعيدي و(مواد الإعمار والبدائل) قدمها المهندس علي محمد الحيقي.ففي المداخلة الأولى تم استعرض جزء من الأضرار التي تعرضت لها المنشآت الخدمية في المحافظة وتحديداً في مجالي التربية والتعليم والصحة حيث قدم المتداخلان بعض الأرقام التي تمكنا من الحصول عليها عن الأضرار في هذين المجالين مشيرين إلى أن الأرقام المذكورة هي مجرد نماذج ليس إلا وأن ما لم يذكر هو أشد وأكثر إيلاماً .
وتحدث المداخلان عما يمكن أن تتسبب فيه هذه الأضرار في هذا المجال من آثار وأضرار إنسانية وما سيترتب في ضوئها من حرمان آلاف الطلاب من مواصلة دراستهم وتلقيهم للتعليم إلى جانب الأضرار اللاحقة في مجالس الصحة العامة والصحة البيئية وقدما في هذا الاتجاه عدداً من التصورات والمقترحات التي من شانها التقليل من العواقب التي يمكن أن تحدثها هذه الكارثة في هذا المجال.وفي مجال خدمات المياه والصرف الصحي استعرض المهندس السعيدي بعضاً من صور الأضرار التي تعرضت لها منشآت المياه والصرف الصحي في المحافظة مقدماً في هذا الجانب عدداً من المقترحات من أجل تجاوز هذه الأضرار وكذلك الاحتياطات الكفيلة بعدم تكرار ما حدث .ومن مقترحات المهندس السعيدي: أهمية الإسراع في تجديد وتحديث شبكات إمدادات المياه وضرورة ِإقامتها وفقاً وشروط ومعايير تمكنها من الصمود أمام ظروف شبيهة بتلك التي مرت بها وأهمية البحث عن مصادر مياه الشرب للمدن والمناطق في أكثر من موقع واتجاه للمدينة الواحدة والمنطقة الواحدة لكي تكون هناك خيارات متاحة أمام الجهات المختصة في حال حدوث مثل ما حدث.
وكذلك ضرورة امتلاك الجهة المعنية بتمديدات المياه لعدد كاف من الآليات وناقلات الماء للقيام بتوفير المياه للمواطنين في الحالات الطارئة، وعدم السماح بحفر الآبار إلا في الأماكن الآمنة والبعيدة عن مجاري السيول حتى لا تتعرض للدفن كما حدث مؤخراً لعشرات الآبار، والتفكير الجدي في بناء السدود الضخمة والسدود المناسبة لحجم الأودية ومصبات المياه للاستفادة من كميات المياه التي تذهب هدراً حيث أن ملايين من الأمتار المكعبة من مياه الأمطار والسيول الأخيرة ذهبت هدراً في البحر دون الاستفادة منها وأهمية بناء المصدات المائية على أسس علمية مدروسة وفي أماكن مناسبة ضرورة تحديث شبكات المجاري في المدن واستبدالها بحيث تستوعب حجم ما يصل إليها ويمر بها من مياه ومخلفات نظراً للتزايد السكاني الذي تشهده مدن المحافظة وضرورة إنشاء مصارف لمياه الأمطار والسيول في شوارع المدن مع الإشارة إلى أهمية ترميم وتعزيز جوانب خور المكلا خاصة تلك الأماكن التي تعرضت للأضرار حيث أن خور المكلا كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في تخفيف الكارثة عن المكلا عندما احتضن تلك الكميات الهائلة من مياه السيول التي تدفقت على المدينة من مختلف الاتجاهات.
أما المداخلة الثالثة عن مواد البناء والإعمار في حضرموت فقد قدم المهندس/ علي الحيقي ورقة قيمة حيث قال: في الوقت الذي بدأت فيه آثار كارثة الأمطار التي هطلت في الأيام القليلة الماضية على محافظتي حضرموت والمهرة تظهر للعيان ومع تزايد الأضرار في المباني الطينية والتجمعات السكنية في أماكن مختلفة على إمتداد وادي حضرموت بدأت بعض الأصوات التي تنادي بإعادة النظر في طريقة البناء بالطين وتغليب البناء الخراساني عليه ترتفع بشكل قد يؤدي في النهاية إلى تغيير النمط المعماري والإنشائي الممتد لمئات السنين في الوادي وبعيداً عن تأثير الصدمة التي سببتها الكارثة لدى البعض وحتى لا يتم تبني حلول قد تتسبب في كارثة مزمنة في الوادي عند تبنيها فإننا نضع بعض الحقائق والحلول المقترحة هنا لتكون موضوع مناقشة للمختصين للخروج بأفضل الحلول وفي البداية يجب الاتفاق على الحقائق التالية والمتعلقة بالخصائص المعمارية للوادي.
أولاً إن النمط المعماري الحالي للوادي هو نتاج خبرات عملية طويلة تجاوزت مئات السنين أوجدت حلولاً سكنية أثبتت جدارتها وتبناها الناس كتقنيات حياتية.ثانياً إن ما هطل في الأيام الأخيرة من أمطار على هذه المباني لم يكن الحدث الوحيد خلال مئات السنين الماضية ولن يكون أيضاً الأخير بل حدث مثل ذلك مراراً وتختلف آثاره باختلاف الظروف التي أحاطت به وبالعودة بالذاكرة إلى القرن الماضي وبالذات في عام 1982م فقد وجدت ظروف مشابهة لما حدث اليوم وتضررت بعض المنازل ولكن صمود مدينة شبام للخمسمائة سنة الماضية هو دليل على جودة تقنيات البناء الطيني.ثالثاً إن خصائص الطقس في وادي حضرموت من حرارة شديدة في الصيف وبرودة عالية في الشتاء إلى جانب الفرق في درجات الحرارة اليومية بين الصباح والمساء كل ذلك يطلب التحكم فيها حتى يصبح المنزل قابلاً للسكن البشري وهذا يتطلب توافر الطاقة الكهربائية غير أن البناء الطيني كما أثبت علمياً ونادت به الدراسات العلمية هو الحل الأمثل لهذه المعضلة.رابعاً بنظرة سريعة على التجمعات السكنية القديمة على امتداد أودية حضرموت المتعددة يلاحظ تمركزها بعيداً عن مجاري السيول أو الأماكن المتوقع وصول مياه السيول إليها والتي تراكمت بسكان هذه المناطق مع السنين وقد أظهرت الكارثة الأخيرة خطورة الاستهانة بمجاري السيول والنصائح التي يقدمها الشيوخ حول ذلك.في ضوء ما تم ذكره نضع هنا بعض الحلول التي نرى أنها سوف تساعد في عملية إعادة الإعمار للمناطق المتضررة متمنين من جميع المختصين المساهمة في إثرائها أو تصويبها إن كانت خاطئة وأهمها هي :1 - تخطيط التجمعات السكنية الجديدة بعيداً عن مجاري السيول وارتداداتها كما يجب الاهتمام بوسائل تصريف مياه السيول في حالة وصولها إلى هذه التجمعات وإعداد قنوات وسواق تراعى الخبرات المحلية المتعارف عليها في هذا الشأن وذلك لإبعاد هذه السيول قدر الإمكان عن التجمعات السكنية .2 - إدخال بعض التحسينات على طريقة البناء التقليدي بالطين مثل:ا- بناء الأساسات بالحجارة إلى ارتفاع معين لمنع المياه المتدفقة من إذابة الجزء السفلي من المبنى.ب- إدخال بعض العناصر الخرسانية المسلحة في المبنى مثل الأعمدة والجسور لزيادة متانة المبنى.ج- الاهتمام بالعزل المائي للسطوح وذلك بإدخال وسائل العزل الحديثة مثل البلاط أو اللفائف البلاستيكية . د- تحسين نوعية الطوب الطيني و إدخال التقنية الحديثة في إنتاجه.وفي الختام تجب الإشارة إلى أن تطور تقنية البناء الطيني هو نتاج تطور طبيعي أستغرق مئات السنين وصهرت فيه عصارة خبرات آلاف البشر في حين أن فرض نموذج البناء الخرساني في الوادي سيحدث ثورة ستهز نظام بناء مستقر كما أنه لا يمكن التنبؤ بمساره أو نتائجه هل ستكون نحو الأفضل أم الأسوأ لذلك اعتقد أن علينا التفكير ملياً قبل إحداث مثل هذا الانقلاب إذا جاز التعبير .بعد استكمال المداخلات الرئيسية فتح المجال أمام الحاضرين للإسهام بطرح ملاحظاتهم وآرائهم فيما أجمع الكل على الأهمية التي اكتسبتها الزيارة المفاجئة لفخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي حضر إلى المحافظة في اللحظات الأولى لوقوع كارثة فيضانات السيول وما مثله تواجده بين أبناء المحافظة في تلك اللحظات العصيبة من معان إنسانية عكست عظمة هذا الزعيم فقد تركزت أكثر الملاحظات على الجوانب الخدمية وهي على النحو التالي:- سرعة إيصال خدمات المياه والكهرباء والاتصالات للمواطنين من خلال توجيه قيادة السلطة المحلية بالمحافظة للجهات المختصة بذلك وتعزيز الفرق الفنية والهندسية وفرق المناوبة للتغلب على الصعوبات التي تعاني منها هذه الخدمات وجعلها في حالة تأهب دائم لمعالجة أي خلل يظهر حتى بعد الإصلاحات.- عدم التأخر في الاستعانة بالمهندسين والفنيين المختصين سواء في المؤسسات الحكومية الأخرى أو العسكرية.- ضرورة توفير ناقلات ماء وإرسالها إلى الأحياء والمناطق التي لا تزال تعاني من عدم وصول أو انتظام خدمات المياه فيها.- تأجيل الدراسة في المدارس خاصة تلك التي تتكون من مبان قديمة وذلك تجنباً لحدوث أي كارثة لا سمح الله والطلاب داخل تلك المدارس .- البحث السريع عن الحلول لإيواء الأسر المنكوبة الموجودة حالياً في عدد من المدارس من خلال نقلها إلى شقق وتقديم قيمة الإيجارات لهم من السلطة المحلية حتى يتمكن أبناؤنا الطلاب من العودة إلى مدارسهم.- وضع الترتيبات اللازمة وتفعيل إجراءات وأنظمة الرقابة على الأسواق والباعة في حال حدوث أي أزمة أو كارثة لا سمح الله حيث شهدت مختلف مناطق المحافظة ارتفاعاً في أسعار المواد والسلع بشكل رهيب استغلالاً من بعض التجار والباعة الجشعين للأوضاع التي مرت بها المحافظة.- ضرورة تفعيل دور فرع الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس في مراقبة المواد والسلع المعروضة حالياً في الأسواق حيث إن عدداً من التجار قد قاموا بعرض بعض السلع والمواد التي تضررت بسبب انقطاعات الكهرباء خلال الفترة الماضية .- تكثيف حملات إزالة مخلفات السيول والأنقاض داخل المدن لا سيما مدينة المكلا- إلزام الشركة التي نفذت المشروع الأخير (مجاري مدينة المكلا) بردم الحفريات التي أحدثتها في الشوارع وبين الأحياء حيث أن تلك الحفر قد تسببت في تجميع المياه وتحويلها إلى مساكن المواطنين. - الإسراع في هدم المنشآت والمباني القائمة على مجاري السيول والوديان ومعالجة هذه المشكلة مع ملاكها.- الإسراع في هدم وإزالة البناء العشوائي داخل المدن وخارجها وخاصة في مديرية المكلا .- إلزام الشركة العاملة في مشروع مجاري المكلا بإنشاء مصارف لمياه الأمطار والسيول في الشوارع. - دعم وتعزيز فرع الدفاع المدني ليكون عند مستوى المهام في مثل الظروف التي مرت بالمحافظة. في الختام تم الإجماع على ضرورة صياغة كل تلك التصورات والمقترحات وتقديمها للسلطة المحلية في محافظة حضرموت بأنها ورقة من مؤسسة (14 أكتوبر) للصحافة والطباعة والنشر مساهمة منها في معالجة هذه الأضرار التي لحقت بالمحافظة.