يحتفل العالم اليوم الموافق 14 فبراير بعيد الحب فهل نحن اليوم بحاجة ماسة لإحياء قيمة غائبة في حياتنا يسمونها الحب؟ وهل تطرق تراثنا العربي والإسلامي لهذه القيمة الإنسانية الرفيعة والسامية قبل الأجانب؟ وهل هي فريضة بالفعل أم نافلة من النوافل الزائدة والكلام الفارغ كما يعتقد البعض.؟! هذا ما سنتناوله في هذه العجالة القصيرة والمختصرة.إن كلمة “حب” تتكون من خلال التقاء واجتماع والتصاق والتحام حرف “الحاء” المحتك بالحلق مع حرف “الباء” الدال على الإلصاق والمصاحبة والذي لايمكن النطق به إلا باجتماع والتصاق والتحام الشفتين لتتكون كلمة “حب” التي تعني في اللغة الدنو والاقتراب واللزوم والإقامة والثبات والتوقف وعدم الحركة ومعناها هذا يخالف معنى ضدها المعكوس “بح” الذي يعني الاتساع والحركة والتمدد والانفساح والتباعد للشفتين والافتراق في الباحة والبحبوحة التي هي وسط الدار المتسعة وكل تلك الأوصاف هي ضد معاني كلمة “حب” التي تعني كما ذكرنا الدنو والاقتراب والالتصاق. لذلك فإن معنى الحب في تراثنا العربي والإسلامي العظيم أعمق وأشمل وأكمل من معنى الحب عند الغرب الذي يختزل هذه العلاقة السامية بين رجل وامرأة وفي شهوة دنيوية آنية ضيقة قال تعالى: “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين...” الخ الآية.فالحب الإسلامي يتسامى ليشمل الكون بأكمله دنيا وآخرة فيصل ويرتفع ويسمو إلى أعلى مرتبة تقترب من الخالق العظيم واهب المودة والحب كله والخير كله قال تعالى” فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...” وقوله: “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا.”. وإذا كان الغرب في هذا اليوم يحتفل بعيد الحب ويتمظهر بسلوكيات وعادات منافية للقيم العربية والإسلامية السامية فما علينا إلا أن نثبت أن في ديننا فسحة لاتحجر فيه ونخالفه بأن نستثمر هذه المناسبة التي نحن في حاجة ماسة لها في الوقت الراهن لإبراز قيمة الحب التي هي أكبر وارفع وأشمل وأكمل من نظرة الغرب القاصرة للحب وأنها قيمة إنسانية وإسلامية أصيلة والإسلام دين عالمي.فما أحوجنا لإحياء فريضة الحب الغائبة في حياتنا وأنفسنا وتجاه الآخرين وتجاه خالقنا أولاً ثم العالم والكون بأسره ثانياً، وما أحوجنا لهذه القيمة السامية الرفيعة في الوقت الذي كثرت فيه العداوات والاحقاد والضغائن والبغض والكره والانشقاقات والبعد والهجر والتنازع والتناحر والتحاسد والحروب والفتن ماظهر منها ومابطن والقتل والإرهاب والدمار وانتهاك حقوق الإنسان وإهلاك الحرث والنسل والفساد في الأرض ودليل افتقارنا وحاجتنا لقيمة الحب انعدام العطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين وانتزاع الرحمة من قلوبنا التي أصبحت قاسية حتى صرنا أشداء على أخواننا المسلمين رحماء على المجرمين وكثرت الأغاني العاطفية والوجدانية التي ملأت الدنيا ضجيجاً عبر وسائل الإعلام المختلفة والتي تضرب وتعزف على وتر الحب والعشق والغرام كتعويض نفسي عما افتقدناه بالفعل في حياتنا العملية الراهنة. فلنسأل الرحمن أن يجعل لنا وداً ومحبة لاكمحبة الغرب، بل من باب التعارف والتآلف والأصل الإنساني الواحد الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: “وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا” وقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: “كلكم لآدم وآدم من تراب.” مع احتفاظنا بخصوصيتنا وقيمنا في زمن تحدي العولمة.فلنمنح أنفسنا فرصة وفسحة قصيرة تتدرب على قيمة الحب بدلاً من حشو هذه الأنفس بالغيظ والحقد والغل والمكر والزيف والخداع وكل أشكال الكراهية والبغض ولنتذكر المثل الشعبي الذي يردده أخواننا المصريين “اللي يحب مايعرفش يكره”.
اللي يحب مايعرفش يكره!!
أخبار متعلقة